هو لا يشبهكَ بقلم التونسية منال الرياحي

هو لا يشبهكَ ...كيف لك يا أحمق أن تغرم بقصيرة مكورة مثلها ...لم يخطر ببالي يوما،حتى في شكل كابوس أن أعجب بامرأة لا تشبه أمي...أمي تلك المرأة الريفية ..ضخمة الجثة ،قوية البنية،شعر مجعد طويل كساه الشيب مبكرا.. كثيرا ما كنت أراها تضع "المردومة" خوفا أن يبحث أبي عن بديلة لها ...كما تضع الكحل و السِواك بشكل دائم و تتعطر بقارورة مسك اقتناها أبي من السوق الأسبوعية ...هي القارورة الوحيدة في المنزل فأنا .. أمي و اخوتي حتى أبي نحمل نفس الرائحة و أحيانا جارتنا لها نفس الرائحة ..خمس و ربما ستة قوارير عطر في غرفتك لرائحة تخصك أنتِ...كيف لرجل متعلم صاحب شهادة جامعية أن يدخل غرفة امرأة خلسة ..لينام في سريرها..يسرق بعضا من رائحتها و يهرول كمراهق قبل عودتها...حتى أنني كثيرا ما جلست قرب نافذتي متحججا بسيجارة فقط لأشاهدك تخلعين ملابسك و أتفاجأء كل مرة كيف أعجب بكل هذا الشحم و هذه الترهلات بعد أن عاشرت أجمل النساء أراك أنت أكثرا جمالا و فتنه ...لم أتجرأ يوما لأخاطبك ...حتى أنني أذكر يوم ركبنا المترو معا كان وجهك العبوس فاتنا...الفستان الأخضر و حذاءك الملون بعد أن كان أبيض ...خاتم في شكل فراشة كثيرا ما كنت تلبسينه...توقف المترو فجأة ..أغلقو الأبواب باحكام انهم مراقبو التذاكر...كنت أول النازلين وأنت تصرخين"ماتعيطش..هاي بطاقة التعريف"...رميت تذكرتي فقط لأنزل معك ..أقترب منك و ربما تبادلنا أطراف الحديث و شتمنا معا المنظومة و كل هذا التأخير الذي سببوه لنا فقط من أجل مليمات...ظننتك أيضا ستشتمين ذلك الأخرق الذي يأتي يوميا ليصطحبك مساءا و يتركك باكية آخر الليل...صرخت انا ايضا في وجه المراقب سيدي لا أملك تذكرة هل من خطية توجه لي..همس بلطف في أذني"يبدو أنك رجل محترم " ثم غمز لي...كل هذا بسبب بدلتي الأنيقة ..هي أيضا محترمة ..أعرفها جيدا ..هي جارتي التي غيرت مجرى حياتي منذ ان جاءت...كان يوما ممطرا وكنت تشبيهين قطا سمينا خرج لتوه من بركة مياه ملوثة...تقهقهين و تمازحين أصدقاءك الذين لا يشبهونك فكلهم بملابس أنيقة مرتبة و أجسام مصقولة الا انت...بكيت كثيرا ليلتها بعد أن غادرك الأصدقاء...ضعيفة ..وحيدة ...مكسورة كنت..حاولت اخماد هذا البركان داخلي ..ان اقترب منك ..احتضنك...مرت اكثر من اربعين سنة و انا اخبرك انك لا تشبهين امي وأني احمق لاني أحب امرأة تشبهك انتِ..

منال الرياحي تونس