نص متميز للكاتبة التونسية والشاعرة هدى كريد

أرخت السّتائر وارتخت أجفانها ..كم تحتاج إلى نوم عميق وكانّها لم تنم دهرا.الفراش مبعثر وقطع الثّياب ملقاة هنا وهناك..نظرت بلا مبالاة .عليها أن تنعم بكثير من الفوضى وإن كانت تكرهها في الأصل.ماذا عساها تصنع .باعت دولاب الملابس الذي نخره السّوس.وهل الحياة كلّها إلّا نخر سوس متواصل..حتى الممات دود يأكل الأجداث..طردت أشباحا كالقتاد تؤذي ذاكرتها.استلقت على الفراش وقد طهّرت رجليها من أدران الطّريق ..العادة الوحيدة التّي أبقت عليها من طقوس النّظافة.وكم كانت مهووسة بها.أحكمت إقفال الغرفة وأخذت كتابا مدلّلا وانساقت إلى القراءة ..تتداخل الأسطر أمام ناظريها ..لا تكاد تعي شيئا ألغز المعنى أمام الذّاكرة التي امتلأت بفجوات السنّين و قروح الأيّام تنساب إليها ،تحتشد بغير نظام تتطاير عهنا منفوشا.ألقته ملء المقت وشغّلت موسيقي هادئة ..دون جدوى جافاها النّوم عدوّها اللّدود لم تستعذب الألحان ..كيف ينامون ويغطّون غطيطا عاليا .لابدانّ النّائم بليد الإحساس ،متحجّر الفؤاد.تذكّرت ليلة الفندق الفخم ،كانت تمنّي النّفس بسبات أهل الكهف ..راقصها والتحما جسدين مقرورين .فسرت فيها رعدة الاشتهاء.لكنّها أمراة تكره الانقياد إلى العواطف وتتقن أن تزهق نداءات كثيرة

وانتهت الرّقصة دفينة في صقيع ماتربّت عليه من أخلاق..

حاولت قراءة سور تحصّن بها النّفس ..لم يتغيّر شيء ..ارتبك اللّسان بتمرّد ألفته ..ياربّ هل اقطع الرّجاء من رحمتك ألا تهبني راحة البال ..سخرت الأخرى منها

أنت امرأة لا تهتدين ..كلّ سبابك يقف حائلا بينك وبينه

زمجرت

كفّي عن سمومك ..انت خدينة الشّيطان ..ابتعدي عنّي ..

أشاحت بوجهها بعد أن كوّرت يمناها في وجه الفراغ.

هدى كريد