وقفتُ بِبُرجِ ذكـراها امتثالا *** لِداعٍ صوتُه في القلبِ غالى لبحرِكِ يا قُليْبيةُ حنينٌ *** رسا في الرّوحِ سرّا لن يُطالا فهمسُ الموجِ تفهمُهُ الرّمالُ *** وريحُ الحبِّ تجعلُنا رِمالا هُنا رُسِمَتْ ترانيمُ المآقي *** وفاضت أضْلُعُ الصّدرِ وِجَالاَ ألا يا كركوانَ الوَجْدِ مَهــْلاً *** فإنّ الفقدَ صرَّمَنا وحالا وفي منصورةِ الخَفَقَانِ لَحنٌ *** سرَى بالموْجِ هَيْمانُ فَقَالا أنا من كاسترا كورنيليا أهيمُ *** بحبِّ الْأسبِسِيّاتِ انذِهالا وأشدو رجعَ مألوف عتيقٍ *** سَبَى من قبلِنا عمّاً وخالا طُبُوعُ الدّهرِ نغمتُها اللّيالي *** ولحنُ النّجمِ أعْقَبَها زوالا هنا في البحرِ أقفو رسمَ خِلٍّ *** وأبني من محاسنِه تِلالا أرى الغزلان قد عزّت مــنالا *** فأسرِجُ في الهوى ليلي رِحالا لَعُوبٌ ليس تُدرِكُها سِهـــــــامٌ *** تعرّج دربُ صائدها فــزالا بعثتُ السّهمَ قلتُ أُصيب عينا *** فزخَّتْني من العين نِـبـــــالا وردّتني كسيرا خلف حـــلمي *** أطارد في ملامحها خيــالا أنا المشتاق مملكتي القوافـــي*** تَنَامى الحبّ في شعري وسالا أنا الموجودُ ضرّجني افتتـاني ***فسامرتُ النّجوم ولـن أزالا أعيش الحبّ بالكلمات رســـْما *** وأعشق رسمَها لونا وحالا أنا من أمّة صنعت حـــــــروفا *** تُسيلُ الدّمعَ في الصَّخْرِ انهمالا ومن قوم ذوي بأس وجـــــــود *** جعلنا الوحش تحسبه غــزالا ركبنا البحر والأمواجُ ترغو *** وأطلقنا السّفين ولا حبالا وكابدنا الرّياح بلا شــــراع ***ليال نوؤُها كالدّهر طــالا بلا زاد ضربنا في الثّنايا *** وجاوزنا النّوائب والمِحالا فما ملّت عزائمنا عراكا *** ولا كلّت سواعــــدُنا نِزالا خرقنا البحر والبرّ جنوبا *** وصلنا البحر بالبرِّ شمالا جيوش لا تُفلُّ لها سيوف *** ولكن رمحُها في الحقِّ طالا وكان الغربُ يسبح في ظلام *** وينهش بعضُه بعضا ضَلالا فأنشأنا بروح الحقِّ نــــورا *** وحصّنَّــا الكرامة أن تُطالا ولو أنّ القلوب بما دهـــاها *** صخورا فتّها الصّهدُ اشتعالا فنحن الصّابرون على المآسي *** لضى الرّمضاء يقدحنا اقتبالا يخاطبنا الوضيعُ فلا نبالـــــي *** ولا نلقي لذي الشّطحاتِ بالا يخاتلنا ويرمي بذر مـكر *** فيحصد زرعه كدرا وبالا كغرّ سوف يحسبه انتقاما *** من الممنوع إن في الحجرِ بالا ونفهم ما نواه وليس يُبْدِي *** فنجعلُ ظنّه أملا مُحالا ونصفح للخسيس وقد قدرنا *** ونقضي في القدير إن استطالا ورثنا الحِلم عن أهل كِرام *** يـَزينون الفضيلة والخِصالا أولو فضل على الأيّام قومٌ *** سعوا في الدّهرِ يمنا واعتدالا إذا مرّوا رأيت الفضلَ يربُـو *** كنوزُ الارض إثرَهمُ فِضالا بُلينا في الزّمان بجور ملكٍ *** كداء في مفاصلنا عُضالا رأى في الأرض صورته إلاها *** فلا نعصي له أبدا مقالا يحكِّمُ في الرّقاب سيوف ظلم *** أخا جهل طغى بالسّفك صالا يبدّد مالنا ويصول فــــــــينا *** بألوان الوعيد إن استقالا يؤاكل زادَنا من نال مـــنّا *** من العُربانِ والعُجمِ القِلالا ويستقوي علينا بالغريــب *** وينبُذ أهله عمّا وخالا فقيها في الصّلاة بلا صلاة *** إماما في بِطانته مثالا يؤمّ التّابعين بلا وضــوء *** رموشُه من هوى كأس ثِقالا دعيّا في العلوم بغير علم *** غبارُه لا يُشقُّ ولا ولا لا مشى في ربعِهِ كالهرِّ زهوا *** يحاكي صهوة الأسَد اختيالا له رُفِعت أكفّ في دعـــاء *** فزادته على البغيِ افتِعالا تفانوا في السّجود له اجتهادا *** وذابوا في عبادته ابتهالا شيوخ في لحيِّهمُ زُكـــــــام *** يبيعون فتاواهم وِجالا عقالاتُ العماماتِ عُـــقال *** على عقل تكلّس ثمّ مالا يسايره البُغاةُ بســـوء ظنّ *** يميلون خِفافا حيث مالا يجافون الحقيقة حيث ساروا *** ويبتكرون كي يبقوا قِتالا همُ الرّاجون حول خِوانِ كسرى *** من النِّعمِ الفُتات أو النِّعالا هم الماوون كالقطط امتثــالا *** مذلّتهم تزيدُهمُ امتثالا هم العاوُون مثل كلابِ ليلٍ *** تناهُشُهم متى جاعوا حلالا هم الدّابون مثل قُراد خيل *** يرون دماءها ماء زُلالا هم السّارون كالطاعون بَغْيا *** طِلاءُ القول مسموم فِعالا هم الدّاعون للشّرف الرّفيع *** وقد دكّوا بفِسْقِهمُ الجبالا هم البانون في الدّنيا قصورا *** وقد رُدِمت قواعدُها رِجالا هم الخاوُون من علمٍ وِفاضًا *** كدودِ الضّوء وبصُهُمُ تَلالاَ هم البادون نُسّاكا كِرامــــا *** وثعلبهم يؤمّهُمُ احتيالا هم الباغون بُهتانا عليـنـــا ***هم الطّاغون زورا وابتذالا لعمري سوف نغرقكم خطايا***وتسحلكم خطاياكم ذِلالا ولولا أنّ ريح الدّهر تجري *** لما لك كلُّ هذا الأمرِ آلا وتخطئ إن رأيت الرّوح ملكا*** لغير الله أو رُمت الكمالا
نورالدين بن حميدة
Comentarios