شذرات
يكفي النطق بالحقيقة، أكيد أن هناك مختلف الحقائق.
***
لا أحب هاوي مباريات الرياضة، فلديه سمة غريبة للشخصية: لا يفهم لماذا أنت لست مثله هاويا، ويسعى لمحادثتك كما لو أنه كنت ذلك الهاوي.
***
الثقافة تحرر الجسد من عبودية العمل وتكيّفه للتأمل.
***
ليست جميع الحقائق لجميع الآذان.
***
الضحك يقتل الخوف، وبدون خوف لا إيمان هناك.
***
من الأحسن على الدوام أن يخاف من يثير فينا الخوف أكثر منا.
***
افحص الوجه ولا تستمع إلى ما يقوله الفم.
***
من يقرأ الكتب يحيا مضاعفاً.
***
المجانين والأطفال يقولون دائماً الحقيقة.
***
الناس لا يفعلون السوء وعلى مثل هذا النطاق وبمثل هذا الحماس إلا بدافع المعتقدات الدينية.
***
الجحيم جنّة مرئية من الجانب الآخر.
***
قال أحدهم، إن الوطنية patriotism هي الملجأ الأخير للأنذال، والناس الذين لا يملكون قيما أخلاقية يلفون أنفسهم بالعلم الوطني، واللقطاء يدعون إلى نقاء رسّهم. الهوّية القومية هي الثروة الوحيدة للفقراء، والشعور بالهوّية مرسيّ على الكراهية - كراهية من هم آخرون.
***
الشيطان هو وقاحة الروح، إيمان بدون ابتسامة. وحقيقة لا يقيّدها الشك أبداً. الشيطان جهم ولأنه يعرف إلى أين يمضي، وحين يمضي يسعى دائماً للمكان الذي قدم منه.
***
تفعل شيئاً وتعرف لماذا لكنك لا تعرف: لم تعرف ما تفعل.
***
لست قاتلا – أحتجّ – لا أحد قاتل طالما لم يرتكب جريمته الأولى.
***
صفة الناس قبل غيرها أنهم على استعداد لتصديق كل شيء. أكان بمكنة الكنيسة البقاء حوالي ألفي سنة لو لم يكن هناك سرعة التصديق السريع؟
***
ليس من شيء عابر أكثر من الهيئة الخارجية التي تذبل وتتغير كما لو أنها زهرة برية عندما يحل الخريف.
***
مشهد الطبيعة بالغ الجمال إذا لم تلمسه حكمة الإنسان المتقلبة لأكثر من مرة!
***
في صغار الناس وحدهم لا نرى شيئاً فوق العادة.
***
(...) لكن دعنا لا ننسى بأنهم هناك علامات لا تبدو علامات، وهناك مثل هذه التي لا تملك أيّ معنى مثل اللغط بكلمات غير مفهومة... ولكان أمراً فظيعاً - قلت - قتل الإنسان من أجل أن نعلن بأن ذلك كان لغطاً وحتى من أجل أن يقول: أنا أؤمن بالله (Credo in unum Deum).
***
عالمنا نوع من المتاهة: عند دخولها تكون واسعة وعندما تريد الخروج تصبح محكمة.
***
في البداية، يجب تعلم كيفية الاستفادة من الإعلام، وبعدها استخدامه باعتدال.
***
... أحيا من يوم إلى آخر، أحب الحركة كي أتحرك من مكاني، والهواء كي أتنفس. أموت كي أموت... وكل شيء سينتهي.
***
إذا خص الأمر الفكرة الملهمة: طيلة سنتين على الأقل كنت أملك مثلها - وإذا ظهر الكثير منها فهذه علامة لا تخطئ بأنها في الواقع ليست بالملهمة.
***
في كل لحظة هناك هيئة معينة للكفّ أو الوجه تبلغ الكمال، ويتبين أن تدرّجاً لونياً معيّناً من التل أو البحر أكثر تفنناً من البقية، وهناك مسحة للعاطفة، والحدس أو إثارة فكرية من نوع خاص تصبح لدينا فعلية تماماً وجاذبة، لكن في تلك اللحظة فقط.
***
ليس حسناً أن تملك حرية أكثر من اللزوم، وليس حسناً أن تملك كل ما تحتاجه.
***
الميزة الأولى هي أن الكاتب هو ذلك الشخص الذي قرر توسيع حدود اللغة.
***
لماذا نحكم بأن الكلمات تظهر لنا شيئاً طالما أنها قد اخترعت كي تقول عن شيء ليس هو أمام عيوننا، شيء لا نقدر على الإشارة إليه بالإصبع؟ في أحسن الأحوال بمقدور الكلمات، ولأنها تثير مشاعر قوية، أن تدفعنا إلى إيقاظ المخيلة.
***
أن يكتشف المرء فيه عنصراً لا غنى عنه لنظام الكون هو بالنسبة للناس واسعي الاطلاع من أمثالنا شيء شبيه بالحكم المسبق لدى الأميّ. لا يمكن تغيير العالم بمساعدة الأفكار. الناس الذين لا يملكون الكثير منها يتيهون بصورة أكثر ندرة. هم يتصرفون كما الباقين، أي لا يضايقون الآخرين، ويحققون النجاح ويحصلون على وظائف مربحة وشهادات تقدير، وهم نواب وأدباء معروفون وأساتذة وصحفيون. إذن أيمكن أن نسمي أحمق من يحرص على مصالحه؟ الأحمق أنا الذي أراد محاربة طواحين الهواء.
***
ولأن الوهم (fiction) يبدو لنا وسطاً أليفاً أكثر من الحياة نحاول أن نقرأ الحياة كما لو أنها من أعمال الوهم.
***
زالت التفرقة بين الحقيقة والزيف.
***
غالباً ما يتكلم المؤلفون عن أشياء لا يعونها، وحين تصلهم ردود فعل القراء يعون ما قالوه في الجوهر.
***
سحر كل وهم (fiction) بالكلمات والصور في أنه يغلقنا في حدود عالمه ويأمرنا أن نعامله بصورة جادة.
* الشذرات من كتب إيكو ونصوصه الأخرى: تدوينات على علبة ثقاب، عن الأدب، جزيرة اليوم السابق، مقبرة في براغ، اختراع أعداء Inventing Enemies، اعترافات روائي ناشئ، اسم الوردة، عن المكتبة، بوديلينو Baudolino، لاتفكر بأن الكتب ستختفي، ست نزهات في غابة السرد.
الاتحاد- تاريخ النشر: الخميس 06 نوفمبر 2014
Comments