top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

من النافذة الخلفية قصيدة رائعة من حبر الشاعرة التونسية فوزية العكرمي


(إلى أمّي في فردوسها الأعلى)

مساء الخير

مازال حضنك دافئا

رغم ظلام الحشا

ومازالت يداك مُتْعبتين على الأكفّ

تشهدان رنين صمتك وسط الزّحمة

فهلّا تراخيتِ قليلا

قبل الرّحيل

فثمّة حكايا تحاصر الأنفاس

وثمّة قبلات

أشدّ جنونا من القيظ

كُنتِ تصدّين الموت عنّا بهمّة

حتّى رُوِّعت المنايا

بقبضة إصبع

وتقرعين أهوالا

لا لون لها

فيخالك الطّود

قبسا من جهنّم

يحسبك النّهارُ سليلة ضرعه

حين كان يشكوك فراغ العزائم

ألينَ من صخرة في الرّيح تنهضين

أعمقَ من سحاب مهووس بشكله

تنفلتين من قلق الدّجى

فـــــــــأيُّ رحيل بعدك يستبقيه الموت؟

وأيّ خناس فينا قد تثب؟

لو كان الدّمعُ يجازي ودَّنا

ماشكت البحارُ للبحارِ

حين غاب الشُّهودُ

وأنت الشّهيدة

ماباح الصّمتُ بتحطّم الأبواب

هذا القبرُ

قد كان لي

لكنّ القتلى استعجلوا الخروج من ثوبي

وهذه الأكفان

تتشبّه بصوت أُمّك

لتسدل فصولها على فراش اليتيم

فأيُّ لقاء يليق بنا ؟

وكنّا منذ زمان

نلتقي كنافذتين عاريتين

في ذروة الصّقيع

فقومي نتلو هزائمنا لعرائس الصّبح

فثمّة نجمة تنوح على صدر الزيتونة

وهناك قائمة من المدن تتأهّب للحزن

وهلمّي نلهو في المياه الماجنة

وعلى ضفاف اللّوعة

فالقصائد كالموت تمنح أذرعنا بعض الأمان

وهات يا صغيرتي تلك الأعشاش

نفترشها

ونتحسّس دقات الشجر

أبعد غيابك وضوح؟

اليدان المخضّبتان

الفستان المزخرف

وتلك الابتسامة

تفتح للموت رقصته الأثيرة

مـــن النافذة الخلفية

فوزية العكرمي

9 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page