" عتبات الذهول " الإصدار الشعري الأول لشاعر الشاب
أنور بن حسين الذي يسعى كغيره من عشاق الكلمة إلى
السباحة في يم الشعر.
لماذا إذا " عتبات الذهول" و الذهول من ماذا يا ترى،إن
بحث الذات الشاعره عن مكان لها في هذا العصر المربك
و القاتل للحس الإنساني و لرغبة الحياة كان القادح
الأكبر لصياغة قصائد هذه المجموعة،إذ أننا لا نجانب
الصواب إطلاقاً إذا قلنا أن القصيدة ضرورية جدا
لمكابدة الحياة الراهنة و ضراوتها بالنسبة لشاعر،قصائد
تسرد عذابات الذات و إحساسها الحاد بالتشظي الجواني و دمارات الواقع و فجائع الأوضاع الإجتماعية
و السياسية و ترتق ثقوب الذات في الآن نفسه:
..نتجرد من كل شئ
من و عينا المنهك على عتبات الغروب
من الأيادي البيضاء
من إنصياح صباح على حافات الردى
ننتظر البدر
لنغتسل بذروة الكلام
و نمزق القناع ( ص15)
إن مرساة الذات التائهة في عباب فجيعة هذا العصر هي تلبسها بالإنتماء إلى الأرض العربية و عمقها الحضاري مما جعل الشاعر يشتغل جيدا على أساطير
الإنبعاث والخروح من قمقم الهزيمة المقيت و لهذا
نرصد في هذه القصائد تمجيدا للعروبة رغم دمارات
الحاضر العربي:
يطل عبقري من التلفاز/ يخبرنا بأن شفرة الدماغ
العربي/ أصيلة مثل الخيول/ و أن السيف سيبقى أحد
من طلقة الرصاص/ كيان أربكه الرغيف/ يحتاج إلى
إنعاش الخلايا و زرعها في جسد آخر.(ص54).
ثمة جنوح واضح في هذه القصائد إلى التشكيل
الدرامي و الحس الملحمي قصائد تشبه الحوليات إذ أن
تواريخها متباعدة بل تكاد تكون سنوية يتلاطم فيها
حضور المعطى التاريخي و الأبعاد الأسطورية و التنافذ
مع لغة القرآن و الإيديولوجيا و سياقات شعراء الكفاح
و التحرر و الإشتغال الجلي على الإنزياح و العدول و
القناع و التشبيه و التوريه يكشف و لا شك عن ثقافة
متينة لدى الشاعر و نبشه المتواصل بحثا عن الإضافة
النوعية التي هي مطمح كل شاعر أصيل..
أختتم هذه المصافحة الأولى بهذا المقطع الذي يكشف
تماهي الشاعر بالنص و الحلول المطلق فيه:
...يلفظني الغيم أعلاه/ أنبت بيانات على سديم اليتم/
أزداد دفقا على دفق/ فيضا على ضفاف اللفظ/ أختفي
بلا عود/ أستوي نصا/ و أتسق مع الحلم في قوافل
الوقت.(ص73).
بقلم: بلقاسم بن سعيد
مدينة سوسه-تونس في:04/12/2021
المرجع:
-كتاب "عتبات الذهول"
-المؤلف: أنور بن حسين
-الناشر: مومنت للكتب و النشر
-تاريخ الإصدار 2020
Commenti