مرّ الحياة لــه حلــو يرافقـــه قصيدة معارضة لمعلّقة الأعشى للشاعر التونسي محمد الصالح الغريسي

مرّ الحياة لــه حلــو يرافقـــه قصيدة معارضة لمعلّقة الأعشى الّتي مطلعها:

ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل

وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرّجلُ؟

1

إنـــــس الهمــوم و إن ضــاقت بــك السّبــــلُ

كــــلّ الهمــــوم و إن طـــالت لها سُبُــــــــــلُ

مـا بــــال بالـــــك بالأيّــــام منشغــــــــــــــلٌ

الحــــزن يربكـــه و الخـــــوف و الْوَجَــــــلُ

يا صاحبــــا مالـــه في الدّهـــــر موعظــــــةٌ

أضــــحى يرافقـــــه الإخفـــــاق و الْفَشَـــــلُ

إنّ الحيـــاة كلمـــــــع البـــــــــرق خـاطفـــة

و العمــــر مضيعـــــة إن فاتــــــه الأمـــــلُ

ضمّــــــد جراحــــك لا تحفـــــــل بوطأتــها

حــــتّى و إن نزفــــت يـــومـــا ستنـــدمــــلُ

6

و دع النّقـــائـــص للأيّـــــام تصلحــهــــــــا

مـــــا فــــاز في النــّاس كسلان و لا عجِــلُ

إنّ الأمـــــور إذا مــا اشتـــــطّ صـاحبهـــــا

ســـــاءت، و تصفـــو لـــه أيّــــان يعتــــدلُ

إنّي رأيــــت طغــــــاة الأرض قد جهلــــوا

فاستعبـــدوا أممــــا، يا بئـــس ما عملـــــوا

ها "عـــــادُ" لم ينجـــها سقف و لا عَمَــــدٌ

كـــم قبـــلهــا أمـــــم، باءوا بمــــا فعلـــوا

كــم أســرف "النّمــرود" لم تفرغ خزائنــه

إذ زال مــــــال لـــه و اغتــاله الأَجَـــــــلُ

11

"شــــارون"مـــات، وما ماتت جـــرائمـه

و الظّالمــون على الإجــــرام قــد جُبِلُــوا

قـــل للّــذين عتــوا في الأرض مفســــدة

كـــم من ملـــوك قضــــوا دالت بهم دولُ

يا ماشيـــا صلفـــا في الأرض مُــزْدَرِيًـا

هـــل أنت أفضلهم، فالــــكلّ قد رحلــــوا

باءوا بخيبـــاتهم، لــم يدفعـــــوا قـــــدرا

رامــــوا الخلـود و قد عــزّت بهم حِيَــلُ

المـــوت قــــاهرهم و الشّـــــرّ قاتـــلهم

و النّــــار مـــوعدهم، جـــرّاء ما عملـوا

16

رامـــوا العلــوّ فمـــا طـالــوا بـه جبــلا

كَــمْ قَدْ وَلَـــدْتَ مِنَ الْفِئْـــرَانِ يَا جَبَــــلُ!

يا مـــن عبــدتم صنــوف الجــاه جامعة

لا الجــاه يسعفـــكم لا المـــال لا الحـللُ

تهـــوي العروش بفعـــل الظّلم خــاوية

فالجَـــوْرُ يسقطها و الْكِبْــــــرُ و الـزّللُ

إنّ الحيـــاة برغــــم الشـــرّ مشرقـــــة

تهـــدي مفاتنها طـــوعا لمــن عقلــــوا

فــاغنم شعاعك من شمس الضّحى أَلَقًا

إنّ المُــنَى بالمُـنَى تَحْفُــــو وَ تَحْتَفِــــلُ

21

"عشتــار" ما بخلت بالــــورد تنثـــره

للعاشقين، وَجِيبَ الشّـــوق ما احْتَمَلُوا

تُجْزِيهُمُو غَـــدَقًا من نهــــــدها عنبـــا

حَبًّـــا و فاكهة، حُبًّــــا لمـــن بذلُـــــوا

فاكــدح بلا كــللٍ، و امــــرح بلا مللٍ

و اقطف ثمار الجنان الغُنِّ يا رَجُــــلُ

حَقْـــــــلُ الْبَــــلَابِلِ لَا تَبْــــلَى بَلَابِلُــهُ

تحلــو الْبَلَابِلُ إِذْ تَشْـــدُو لَهَا حُــــــلَلُ

فاصدح مع زمر الأطيار ما صدحت

و احمل كما وزرت ما كنت تحتمــلُ

26

إنّ الحيـــاة كمثـــل الشّمـــس عابرة

تأتيـــك مشرقـــة حينــــا و تَرْتَحِــلُ

مـــرّ الحيــــاة لــه حلــــو يرافقـــه

تحلو المرارة يأتي بعــدها العســـلُ

24/04/2019

محمد الصالح الغريسي