مجرد هذيان} للشاعر والكاتب التونسي محمد بو حوش}

البارحة استيقظت في الساعة الرابعة فجرا. وقف ما تبقى من شعر رأسي دهشة وذهولا. الواقع أنني مررت بأحلام مزعجة.حلم رأيت فيه الحكومة بكامل أعضائها تتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة مطالبة بالاستقرار والكف عن الاحتجاجات لكي تتمكن من انجاز اصلاحاتها الكبرى، والحقيقة ان الحكومة تتظاهر ضد الشعب.

في الحلم الثاني رأيت أبقار تونس في تظاهرة حاشدة أمام المسرح البلدي مطالبة بالكف عن احتلابها ، والحقيقة ان الابقار قد ضجرت من تجويعها وجفاف ضروعها.

اما في الحلم الموالي فقد شاهدت جماهير الحمير في اجتماع عام قرب حديقة ابن خلدون مطالبة بتأسيس نقابة تدافع عن حقوقها وهي الشريحة الشعبية الواسعة الاكثر اضطهادا واستغلالا .

بعد كل هذه الاحلام فتحت عيني على مداخلة لدكتور في علم اللاعلم وهو يشرح الثورة التونسية بشعاراتها واحلامها وردتها ويكاد يصفق للخراب وهو يكيل المديح مشددا على مفهوم الثورة التونسية وسيرورتها وصيرورتها...

الحقيقة ان شعر رأسي ظل خامدا لكن رعشة ما انتابتني فهرعت الى مكتبتي وجمعت كتب الاجتماع والاقتصاد والتاريخ وجمعت حتى دروس اساتذتي السابقين عن التغيير والتنمية والحركات الاجتماعية، جمعت كل هذا واضرمت فيه النار.

ما تبقى لي من حيرة بددته بوقوفي امام صخرة وظللت اضرب راسي عليها حتى انني لم انزف ولم يجر دم رغم اللطمات المتتاليات.

والحقيقة هذه المرة انني بقيت فاغرا فمي واطرافي مشدودا الى الرياح الصماء البكماء ، عاريا وفارغا بلا مرجعيات وبلا خيوط أمل تشدني الي.