"1".
مداعباً قضيبي أمام المرآة، أُفكِّرُ في امرأة خنتها فهجرتني، وأَعدّ أَيَّام حَياتي التي عشتها في الجحيم -:" نصيف، أنا أيضاً أحتاج الجنس"، لكن حاجتنا الى الجنس أَكثر اثارة مِن مُشكلة مُرقَّعة بجلود حيوانات من موزمبيق. مَن يريد ادامة الحُبّ، عليه أن يوقظ موته ويسهر عليه دائماً، ويصعد أَسوار الأَندلس حتَّى آخر الأنفاس. لا دفء في فرو الصخرة وليونتها المكافحة، ولا نحافة في الطريق القاتم المُوصل الى الحديقة. كل التوتّرات علينا أن نعينها على التقدم في اشعاع الثمار المرتفعة. تاريخ الريح يعلمنا أن المراكب، لا تتحالف مع تضاريس الجزر في دخان القراصنة. أبجدية أكثر اشارة من طنين النحلة في شجرة الكرز، تختلط باشارات إلهية مختومة، وتدلنا على عاصفة المصابيح التي تعبرها الأشباح في الأروقة المغلقة للعالم.
"2".
الحُبّ صاعقة وسعيد مَن يتعرَّض الى ضربتها. للأخيار أن يتجنَّبوا اتيان الفعل العقيم، لأن لا طمأنينة في الوداد. أغلب الذين امتُحنوا في الوصال، عانوا الصعوبة في فهم المحبوبة التي يتملَّكها الفزع مِن الرعدة.
"3".
في يوم ما مِن الشهر السادس السَنَة ،2001 كنتُ أَنتظر المصعد لأصعد الى شقَّتي وهبطت امرأَة. أَلقَت عليَّ التحيّة وسأَلتني:"أَنتَ مِن المغرب؟" كانَ شَعَر رأَسي طويلاً جدا،ً وعلى طريقة النكَرو فأَجبتها:"لا، أَنا مِن العراق". ثُمَّ سأَلتني عَن اسمي، وَهَل أسكن في هذه البناية؟ وعرفتُ منها انّها استأَجرت الشقّة التي تقع فوق شقّتي، وانتقلت اليها نهار يوم أَمس."آنَّا اريكسون، اسمي". قالَت لي، فَوَعدتها أَن أَدعوها الى طعام عراقي بالبيت. شكرتني وذهبتْ. سَنَة كاملة بقيتُ صَديقاً لآنَّا، وبعدها جاء الحُبّ. آكلُ في شقتها وتأَكل في شقَّتي، ونذهب الى المراقص أو المطاعم، وسافرنا الى المانيا والنرويج والدنمارك وبولندا والكثير مِن المدن السويدية. قَبل أَن التقيها كانَت لي صديقة تسكن في مدينة "فكْشو"، واعتادَت أَن تأَتي الى بيتي في نهاية الاسبوع. يوم الجمعة ليلاً بعد أَن نشرب في البيت، نذهب الى المرقص ونعود بعد الساعة الخامسة فجراً، ونُكرّر الأَمر ليلة السبت على الأَحد. بمرور الزَمَن وكثرة اللقاءات مَعَ آنَّا، انطفأَت عاطفتي صوبها، وهيَ شَعَرت انَّني غير قادر على التواصل معها، فانسحبت بهدوء وأَنهينا العلاقة. الآنَ نحيا أَنا وآنَّا الشفيعة معاً منذ 19 سَنَة، وَلَم تحدث لَدينا أَيَّة مشكلة طوال هذه السنوات على الرغم مِن صعلكتي والشَراب والخ. بعد أن سكنتْ في الشقة التي فوق شقتي 3 سنوات، انتقلت الى شقة أخرى في وسط المدينة أكبر مِن الأولى وبعد أَقلّ مِن سنتين، اشترت شقة في المنطقة التي أقيم فيها، وتبعد عنّي سيراً أكثر مِن 8 دقائق. بَعَد سَنَة مِن الصداقة، وكعادة آّنا الشفيعة. تأَتي الى شُقَّتي بَعد نهاية عملها، وتجد الطعام الحارّ على المائدة. تشرب القهوة، وتستلقي على الأَريكة، وتشاهد التلفاز. آني أَنام على "دوْشَك" بالأرض. مَرَّة نطْحتُ بُطل فودكا، وأَطلت ملامسة يَدها اليُمنى. هبطَت مِن الأَريكة واستلقت الى جانبي. ناكَتْني 4 مَرَّات.
كارثة بشرفي.
"4".
في دفتر خدمتي وصحيفتي العسكرية مُدوَّن، انَّني دخلت الجيش لاداء الخدمة العسكرية الالزامية بتاريخ 5 / 5 / ، 1979 وتسرَّحت مِنها في 5 / 5 / 1991 ولولا هزيمة نظام أبو المهالك في حرب الخليج الثانية. لكان الله وحده يعلم متى يتم تسريحي من هذه الخدمة المشؤومة التي أخذت من شبابي12 سَنَة بالتمام والكمال. أمضيت خدمتي العسكرية البالغة 12 سَنَة في جبهات القتال واشتركت في المعارك التالية :
1 - المعركة التطبيقية ، حاج عمران / سيدْ كان 9 / 9 / 1985
2 - معارك الاكتساح العنيف ، سيدْ كان 23 / 4 / 1986
3 - معارك الغضب الهادر ، حاج عمران 13 / 5 / 1986
4 - معارك حاج عمران / سيدْ كان 1 / 9 / 1986
5 - معركة جبل كَرده مند الثالثة 3 / 3 / 1987
6 - معركة جبل كَرده كَو 23 / 11 / 1987
7 - معركة جبل أحمد رومي 15 / 1 / 1988
8 - معارك جبال كوجار / كردي هلكان 17 / 3 / 1988.
هَربْتُ مِن الخدمة العسكرية 6 مَرَّات، وجُرحْتُ بحاجبي الأَيْمن بشظيَّة جرَّاء انفلاق قذيفة مدفع ليلة 17 / 3 / 1988 . في كُلّ هذه المعارك التي اشتركت بها، لَم أُصوبُ ضدّ العَدوّ أَيَّة اطلاقة. أَطلقْتُ طوال خدمتي العسكرية في الحرب، بَسْ 4 اطلاقات في الهواء. أَودلاد الزَرْبَة دَمَّروا حياتي، واستلبوني شَبابي. كُنتُ عندما ينتقل اللواء الذي أَخدمُ به، مِن قاطع الى قاطع آخر، والرحلة طويلة. أَلجأُ الى "ضَرْب الجلق"، أَضع أَيْري بجوراب وأَمطَّه وأَصْلجهُ. أَكثر النقود التي استلمْتها مِن راتبي الشهري، أَنفقْتها باتلاف الجوارب على "ضَرْب الجلق".
"5".
المُجرَّد مِن غبار العالم، لا يعدم الطريقة الصحيحة التي يلقى فيها حتفه. يُصوَّرُ المرض في أفضل حالاته، على انَّه عماوة كبيرة. استجبتُ الى موتي واستضافتني الهاوية مِن دون دفع أيّة نفقة. شعرتُ بمدى الحفاوة التي أحطتُ بها مِن قبل الدودة، وكنتُ مُرتعداً ولا أعرف مَن دلَّها عليّ؟ ستتكاثر مِن بعدي أجيال الغبار ولا تظهر البطولة وهي تتلقَّى الصفعات القويَّة. رباطة الجأش أمام الحُمَّى، تفقد ميزتها لدى الفاني وهو يعجز عن ارتداء معطف موته في الخلاء.
"6".
الى انحيدوانا الشفيعة.
حَسَب قَول البَعض مِن الذين يَشيرون الى الهجْران باعتباره
السَبَب في إِفْشاء الأَسْرار، فانَّني نَجَوْتُ مِن القَتْل في شَبابي
وَتَعذَّر عليَّ الامْساك بالزَمَن والامْتلاء مِن الحُبِّ.
كُلَ ريْشَة تَطيرُ، تتعَرَّضُ للإجْهاد،
والجلوس على مصطَبة بَعيداً عَن ما
أَحْبَبْناهم يؤذينا. أَكْثَر ما يُرسِّخُ التَفاهَة
في حَياتي، إدْماني قراءة شَهادة وَفاة
المَرأة التي أَحْبَبْتها وابْتاعَت فضّة جَمالها الى العَجائز
بالإيْراد. ماذا يَتَوجَّبُ على الله لَو أَسْنَدَني
الى جانب قَبْرها، وخلَّصَني مِن النَظَر
الى وَجْهها الغائب؟ سَمعْتُ عَن أَنْواع
كَثيرة مِن التَسْلية، ولَم أَسْمَعُ عَن تَبْديل
المرأة للرجال مِن أَجْل حَفْنة قروش
تَذوب قَبل الوصول الى المَغْسَلة.
أَنا محنق الآن على كُلِّ شَيء مَرَرْتُ
به في الماضي، وَمَعَ اقْتراب لحْظَة مَوتي.
أحاول الانْكفاء وأَتمّ حَياتي بلا نَدَم على
ما ضَحَّيْت طَويلاً مِن أَجْله..
المَرَض في يَدي، وَلا أحاولُ مداهَنة اللذَّة
أَو أَنْكبّ على تَصفّح ما خَسَرْته.
ذَهَبَ الذين خانوا، وَلَيْس عنْدي الرَغْبة في عتابهم
أَو أَن أَتَّهمهم بملامسَة غبار التابوت.
نصيف الناصري
Comments