مِن اليَوميِّات.الشاعر العراقي المهاجر الصعلوك نصيف الناصري

مِن اليَوميِّات.

نصيف الناصري

"1".

يَوم غَد عيد ميلادي.

ولدتُ سَنَة 1960. يعني انّني لَم أَكُن موجوداً بالعالم في السَنَة التي سَبَقتْها. تَزَوَّجَ أَبي وَأُمّي فأنْجَباني، وَفُرِضَ عليَّ أَنْ أَحْيا حياتي مِثل البّشر. أَيشْ صَنَعتُ في حياتي الفَقيرة؟ عَمَلتُ مَعَ أَبي بعمر ال 10 سَنَوات في مدينة "الكاظمية" 5 سَنوات. سَنَة 1975 وعمري 15 سَنَة ذَهَبْتُ الى مدرسة "الجبل الأخضر"بمدينة "الثورة"، وَسَجَّلْتُ اسمي للدراسة في مركز محو الأمّية وتعليم الكبار. درستُ 6 شهور وتمَّ منْحي شهادة "يقرأ ويكتب".صَلَّيْتُ الى الله الواحد الأَحد خالق العالم والبشرية كُلّها 5 سَنوات. مِن سَنة 1975 الى سَنَة 1980 في مساجد الشيعة والسُنّة ببغداد، وَزرْتُ أَضرحة الأَولياء والكنائس وقرأتُ كُلّ الكتب المُقدَّسة بحثاً عَن الله المزعوم. سَنَة 1980 اكتَشَفْتُ الشعر واكتشفتُ فيه خلاصي، فتركتُ الصلاة ورحتُ أبحثُ عَن الله في الشعر. الكارثة أَن العالم الذي تعيش فيه الشعوب الآن أكثر مِن 7 مليارات ونصف. الدِّين فيه مؤسسة وَلَها أَنظمتها وقوانينها العنصرية التي تقتل الآخر. الله هوَ الضمير ووردة في قَلب الانسان، وهوَ الاحترام للقانون الذي لا يؤذي الناس. عموماً، الله في قلبي. دّخَّنتُ الكَثير مِن أَنواع التبوغ، وشَربتُ الخمور والبيرة منذ سَنَة 1980، والآن إذا أَصفّ قوارير الخمور، وعلب البيرة التي شَرِبتها في حياتي. تصل مِن بغداد الى الاكوادور، وبشرفي ولا مَرَّة سَرقْتُ درهماً مِن الدولة، أَو سَبّبتُ أّذيّة الى انسان ما. النساء اللواتي أَحْبَبْتهنَّ ما قطَعْتُ علاقتي بِهُنَّ. لازم أَموت بلا ندَم أَو حَسْرة. إذا حان أَجلي، فمرحباً بالموت الجَميل.

"2".

طُرِحَت البَشَرية منذ الأزل في قَبر ضخم، وعُوملت بازدراء. حظائر الغنم وزرائب

الخنازير، لا يَتَوجَّس مِنها الله الخوف على التّبن الذي ألقاه في العابر والشائن. الشَرع والمواثيق والطبيعة، تَخلو مِن المشابهات والإلهي يَبتعد وَتَتَحلَّل عَناصره ولا تعويض لِمَن تُرِكوا يعانون الضنك في البَرَّيِّة. الشرّ المتلألىء في فَجر العالم، لَم يُطهِّر الفاني مِن إثمه، وَلَم يسعفه في إشارة يجتاز بها المُخيف والزِّبد الكبير لهلع الزَوال. كيلا يساور الذين ينتظرون نضوج الثمرة الشكّ، عَليهم أن يقذفوا ذواتهم بتَوقّر في الهاوية، ولا يَنتظرون وعد الرضاعة مِن النسيم الأسود بالفردوس.

"3".

لستُ مُتديّناً طوال حياتي، ومفاهيمي حول الدين لم تتغيّر قط. يعني الدِّين بالنسبة لي انّه مؤسسة، ميثولوجيا، وأستفيد من بعض جوانبه في الشعر. لماذا تسمح آلهة العالم والأديان، أن تستمرّ هذه الحروب ويَقتل فيها الانسان الانسان؟

"4".

العيش مَع الآخرين، أفظع درجات الوحدة. نحتاجُ الى المجازفة على الدوام لنسيان الأشياء التي تعلَّمْناها في عهد الصبا. كُلّ ما قيل لَنا في الماضي، لا يُمكن لَنا تبادل الاحترام معه وحمله على محمل الجدّ. حرّية التخلَّي عَن الواجب، ليست أصعب مِن رمي طاغية بكلمة موبوءة.

"5".

لا يعني وجود الله أو عدم وجوده شيئاً بالنسبة لي. حياتي ثدي يرضعه الموت. ما يهمّني أكثر هو الاسلوب الذي اخترته في عيشي بَين الحُفَر. المراهنة على العَدم والوجود لدى الذين يُحسبون على انهم أهل الضلال، افتتان وشكل آخر للخسران. يقوم على مبدأ لا نهاية النكد في العالم.

"6".

بَعْد الجنس تَشْعر مثْلي بتَفاهة ما قمْنا به وَتَعْتبره نتاج حمق.

لتَسْليتها وَهْيَ تَطْوي فخْذَيْها، أَخْبَرْتها انَّني أُخطِّطُ مُنْذ زَمَن

لرحْلة مَعها الى القاهرة. أَهل مِصْر يَمْنَحون المَرضى الغُرباء

الدَواء بالمجَّان، وَيوجِّهون الدعوة اليهم للغَداء تَحْت أَضْواء

الحقول. على طَريْقَتها التي أَعْرفها، أَحْضَرت شِباك الصيد

وَلَوَت عنْقها وقالَت:"لا تَضْجَر مِن عَدَم اكْتراثي بكلِّ شَيء،

لكنَّني أحبّك وقَرَفْتُ مِن التَعرِّق الدائم مَعك". تَباوَسْنا وَراحَت

تُنضِّدُ فراش السَرير وبَعْد التَعرَّي، غَرقْتُ في بُحيْرَة الشقاء

وأَنا أَسْتَردُّ عافيَتي وأَتَلقَّى هبوب النَسيم الإلهي مِن ضوء ثدييها.

"7".

عبدان الإصبهاني، المعروف بالخوزي.

تعيْب الغانيات عليَّ شَيْبي

وتخْفي شَيبها عَنِّي المقانعْ

وقال لي العذول: تعزّ عَنْها

وإِلاَّ فانظرنْ ما أَنْت صانعْ

فقلْت له مَتى قدَّمْت خَيراً

وأَيْراً بَعده، لَيْست تمانعْ.

المصدر. "يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر" للثعالبي. الجزء 3 ص 350

نصيف الناصري