ليكن يوم رحيلي طافحا بالبسمة والشعر وعناق الإنسان لأخيه أريد أن ترتدي الصبايا أبسط ما لديهنّ من أثواب ..وأن يتركن في قلوب المعزّين والمشيّعين لهيب العشق وشعلة الهيام ، وأن تبتسم كلّ قاتلة منهنّ وتوشوش أختها أو رفيقتها بذاك الحياء الأنثويّ المدهش ، ذاك الخجل الجميل الذي أصبح نادرا في هذا العصر الموحل ، ذاك الضوء الشفيف الذي قادني مرارا إلى أبهى القصائد والنصوص
أريد من الذكور أعدائي الطيّبين أن يتلو آيات من القرآن ومقاطع من ملحمة كلكامش، ونشيد الأنشاد وما حفظوه للمتنبّي ولوركا وطاغور والحلاّج وغيرهم ممّن علّموني السحر وطهّروني من حيوانية الذئب الكامن في الإنسان، وأريد من ندماني أن يذكروا حماقاتي الصغيرة والكبيرة وأن يصدحوا بما تيسّر لهم من ملحمتي الشعرية " أرتميدا " وأن يعترفوا أنّهم ارتاحوا من منافس عنيد في مراودة القصيدة وإغواء الحياة ، كما ألتمس منهم ألآّ يتركوا مكاني شاغرا حين يجتمعون في ركني القصيّ المحبّذ إلى نفسي
أريد أشياء كثيرة ، سأدوّنها يوما ما ، إن أمهلني الموت ، ولم يسلخني عن قلمي وأوراقي وكتبي وفوضاي الحبيبة ، فيا كم تشغلني الحياة عن الموت وتفاصيله ،وخلاصة ما سأوصي به ، أنّني أحببت الحياة وافتككتها افتكاكا فلم أؤمن لحظة واحدة أنّها هديّة ، وأخلصت للإنسان قدر الإمكان ، ودعوته طيلة حياتي وسأدعوه ما حييت إلى حبّ الناس والدفاع عن قيم الحبّ والخير والجمال والحرية ، وحرّضته على القناعة مع الطموح الدائم للأحسن والأمثل وأخذ الحياة كما هي ، والتوغّل في أحراشها دون حذر شديد وحسابات هائلة، تثقل السير والحركة والفعل ،وتعيق كلّ إضافة جميلة ممكنة ، لذا أطلب بكلّ لطف أن يكون يوم موتي خالصا للاحتفاء بالحياة ، للفرح والأكل والشرب والعناق، ومحرّما على البكاء والنواح والسواد ، سنموت يا أخي الإنسان ، وهذا ليس من باب ذكر الكوارث المتربّصة بنا،بل من باب التذكير أنّ الموت جزء من الحياة ، فمرحبا به في حفلة أفولي
الشاعر محمد هادي الجزيري
Comments