كم أود أن أكون حكيماً .
والكتب القديمة تقول ما هي الحكمة :
أن تهجر نزاع العالم وتحيا
عمرك القصير دون خوف .
وأن تتصرف دون عنف
وترد الإساءة بالإحسان
وألا تشبع رغباتك بل تنساها
ذلك يعد حكيماً.
كل هذا لا يمكنني فعله :
حقاً , إنني أعيش في زمن حالك .
أتيت إلى المدن في زمن قلاقل
حينما ساد هناك الجوع .
أتيت بين الناس في زمن ثورة
فثرت معهم .
هكذا انقضى عمري
الذي قُدِّر لي على الأرض .
أكلت طعامي بين المعارك
وتمددت لأنام بين القتلة
ومارست الحب بلا اهتمام
ونظرت إلى الطبيعة بنفاد صبر .
هكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على الأرض .
في زمني كانت كل الطرق تؤدي إلى الوحل .
خانني لساني للجلادين .
لم يمكنني سوى القليل . لكن الذين يحكمون
كانوا أكثر استقراراً بدوني : ذلك كان أملي .
هكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على الأرض .
قواتنا كانت ضئيلة . وهدفنا
بعيداً أمامنا
كان يبدو بوضوح , رغم أنني أنا نفسي
لم يكن من المحتمل أن أبلغه .
هكذا انقضى عمري
الذي قدر لي على الأرض .
أنتم يا من ستعقبون الطوفان
الذي غمرنا
حينما تتحدثون عن إخفاقاتنا
تذكروا كذلك
الزمن الحالك
الذي أفلتم منه .
فقد مضينا , نبدل بلداً ببلد أكثر مما نبدل حذاءً بحذاء
خلال حروب الطبقات , يائسين
حيث لا يوجد سوى الجور , دون التمرد .
لكننا نعلم :
أن الكراهية , حتى للوضاعة
تشوه الملامح .
والغضب , حتى ضد الجور
يبح الصوت . آه , نحن
الذين أردنا أن نمهد الأرض للمودة
لم نستطع أن نكون ودودين .
لكن حين يأتي أخيراً الزمن
الذي يصبح فيه الإنسان عوناً للإنسان
فكروا بنا بتسامح .
برتولد بريخت
Comentários