top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

قنص فيسبوكي الهجرة إلى معبد الغرباء "رواية صدرت حديثال محمد بليغ التركي بقلم: الشاعر خالد الدرويش



..صدر للكاتب التونسي محمد بليغ التركي رواية جديدة حملت عنوان " الهجرة إلى معبد الغرباء " وهي الرواية الثانية له وباللغة الفرنسية ..

وقد كتب الشاعر التونسي خالد درويش ,عن هذه الرواية مقالة جاء فيها :

رواية "الهِجْرة إلى مَعْبد الغُرَباء" لمحمّد بليغ التّركي

ربّما أكون مخطئا عندما أكتب عن الرّواية الجديدة لمحمّد بليغ التّركي ما كتبته عن سابقتها: L’Amour au temps de la honte. الكاتب لم يغيّر خطّه، ولا طريقة الكتابة، لكن هناك تطوّر على مستوى الجملة وكان السَّفَر في الرُّوح وليس في التاريخ. أهنّئ بقوّة محمّد بليغ التّركي، لقد أصبح له أسلوب في الكتابة ومُعْجم خاصّ به. تَمَرَّدَ الكاتب على اللّغة في مستوى تركيب للجملة أو في تعامله مع الكلمات إلى حدّ "التعسّف" أحيانا على روح اللغة الفرنسيّة، وكأنّ الكاتب لا يستعمل اللغة بل يَبْتكر لُغَته.

في هذه الرّواية، كان الكاتب أقلّ "انفعالا"، فصوته خفت قليلا وأصبحت جُمْلته مهذّبة إلى حدّ كبير، أفسّر هذا بحالة "صفاء" جديدة يعيشها صاحب النص، وكأنّه بِتخلّيه - في بعض الأوقات - عن التمرّد الذي ميّز الرّواية السّابقة يقدّم جرعة جديدة للكتابة، التي نجد مثلا أسئلتها الحارقة في حوارات "Le Territoire occupé" إحدى شخصيات الرّواية مع الكاتب. إنّ رواية L’Exil au Temple des étrangers تختلف عن سابقتها L’Amour au temps de la honte، كانت أكثر رمزيّة وإيحاء.

*

وقد ضلّ الكاتب وفيّا لتوظيف السّخرية السوداء حين يتحدّث عن الرّداءة التي آل إليها المجتمع الغارق في القذارة فكان نص الكاتب أشدّ بشاعة واحتفالا بالقذارة، لعلّه يُبْطن جماليّة القُبْح، يقول في الصفحة 16:

Une quête inquiète de survie et de confort, s’éblouir continuellement, même d’une symphonie dans des cabinets accompagnant l’évacuation de ses excréments pour que ça ne soit pas une opération terne. Tout est sous contrôle.

ويقول في الصفحة 174:

Le jour des fiançailles, à la maison de la dulcinée, il y avait des sandales éparpillées partout chez eux et un étron dans la cuvette. On le dissuada en rentrant de ne jamais épouser cette fille, ce n’était pas le même milieu…

هذه السخرية السوداء أتت على أسماء الشخصيّات ولكن حافظ الكاتب على أسماء شخصيّات أخرى لمثقفين عرفهم كالشاعر خالد الدرويش والباحث المسرحي حازم التّريكي وهو ما قد يثير تساؤل القارئ لماذا هناك أسماء كانت مُعرّفة وأخرى حملت كُنْيات اختارها الكاتب بصورة "مزاجيّة"؟ حين سألته عن السّبب كان ردّه: " الشخصيات التي تركتُ أسماءها تجمعني بها مشاريع ثقافيّة فرغبتُ في توثيق ترجمتي لمجموعة الشاعر خالد الدّرويش "النصّ الأخير" وإخراج الباحث المسرحي حازم التريكي لتقديم روايتي L’Amour au temps de la honte." أمّا الشخصيّات الأخرى التي أعطاها كُنْيات فقد اشتقّ تسمياتها من صفاتها ( L’Etranger, Le Vieux Boxeur, Le Marchand des morts, L’Etrangère, Le Tâcheron, Le Fan, Le Territoire occupé, Le Bourreau, La vieille prostituée...) وهناك شخصيّات أخرى مثل الأب والأمّ عُرضت في الرّواية "خامّة" دُون أي تصرّف،إلى حدّ "فَضْح" اللّعبة السّرديّة.

*هذا الاختلاف في عرض الشخصيّات ليس الوحيد في الرّواية، أيضا هناك تعدّد الرّواة: "أنا" الكاتب/الرّاوي، الشخصيّات أحيانا (صفحات: 41، 192، 195). مع هذا التعدّد الصوتي، أخذَ محمّد بليغ التّركي من فنون سرديّة مختلفة فنجدُ: النصوص المكثّفة

(صفحات196،192،182،110،76،56)، الرّسائل (صفحات:60،68)، المحاوراتInterviews (صفحات:103، 132)، الوصيّةTestament (صفحة 202) والحوارات التي تنحو إلى الكلام "العادي" (صفحات 81، 89، 93، 96، 114)، ربّما يفسّر بمزاج الكاتب أو بأصداء الحياة في سوادها وبياضها، فإيقاع الرّواية يتناغم مع إيقاع الحياة بلا شك والكلام هو ضلّ صاحبه، حتّى أنّ بعض الحوارات كانت منقولة من الواقع المعيش بلا تصرّف ولا معالجة فنيّة، وتبلغ هذه الحريّة منتهاها حين "تَوْنَسَ" اللّغة الفرنسيّة في عدّة مواضع من الرّواية.

*محمّد بليغ التّركي كَتَبَ النصَ وكواليسه، هكذا، يتفاعل القارئ مع الرّواية ويتعرّف أيضا على عالم الكاتب، فالكاتب أقْحمه في عمليّة الكتابة، كما أقحم قَبْله الشخصيّة التي تتحدّث عن الكاتب داخل النص ذاته، فكانت هذه الرّواية نصا داخل النص.

*نصّ محمّد بليغ التّركي حِبْره الوجع حتّى حين يحكي عن الفرح، فالوجع مقدّس لديه، هو نَفَس الكلمة. يَعْبر الألم كل العوالم المختلفة للرّواية: العجائبي، السّخرية، الشّعر، الحُب... وكان الوجعُ حاضرا في الأمكنة بأسمائها المستعارة أو الحقيقيّة، وحده الكاتب يعرف السرّ:

L’Asile des clodos, Le Café du Vieux Boxeur, Le Zoo des fils d’Adam, Le Temple des étrangers, Le Cimetière des vivants, Le Cimetière du passé, Le Souk de la chair humaine, Le Camps de divertissement…

وكان الوجعُ في أزمنة الرّواية التي ذكرها الكاتب:

La vieille guerre des fils d’Adam, le temps des idoles, le fratricide social, les guerres froides...

هذا الوجع ذُكِر في عنوان الكتاب: L’Exil au Temple des étrangers وفي آخر كلمة فيه: L’Etranger (صفحة 205) وحين يتحدّث مثلا في الصفحة 23 عن:

un étranger qui racontait des histoires entouré de voyous qui jetaient sur ses cheveux des « glibettes », ne reculaient jamais avant de cracher sur sa tête de débile parce qu’ils voulaient se comporter comme des fils de maquerelle.

رُوح محمّد بليغ التّركي لها "شطحات" في النصّ، غير مبالية برأي القارئ والناقد، فالكتابة عنده رسالة من عُمْق تلك الوصايا Commandements التي نقلها إلى ابنه، رسالة حُب أسْكره الوَجع وهو القائل في الصفحة 112:

Assis sur un trône ou sous une croix, Aimer de cet amour qui te fait supporter la douleur d’un corps cloué sur les portails d’une scène qui refuse le spectacle original.

ما كتبه محمّد بليغ التّركي في رواية "L’Exil au Temple des étrangers " هو من المحرّمات الاجتماعية Tabous، وهنا سؤال يُطرح: هل الكاتب عليه أن يتّبع الأعراف الاجتماعيّة أو أن يتجاوز خطوطها الحمراء؟ في نهاية الأمر، الكاتب لا يعتني عند كتابة نصّه بما سيظنّه القارئ، هو نفسه يجهل كيف وُلدت العبارة، الفكرة، فالكتابة عمليّة "كيميائيّة" معقّدة. إذا، السؤال عن سبب اختيار الموضوع ليس في محلّه، غير جائز طرحه، فالكتابة عند محمّد بليغ التّركي،

Elle n’illumine rien ! Seulement, elle montre l’épaisseur de la honte qui nous enveloppe jusqu’à l’étouffement.

بقلم: الشاعر خالد الدرويش

تونس – 14 ماي 2019

19 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page