منذ كانا طفلين، كانا يعرفان أن ابنة العطار ستتزوج من ابن عامل التلغراف..
أقسم غابرييل غارسيا ماركيز ومرسيدس بارشا باردو على الزواج، ومن باريس، عندما لم يكن غابو سعيداً جداً كتب إلى والد مرسيدس رسالة يطلب فيها يد ابنته.
بعد عدة سنوات، أكدت مرسيدس أن والدها لم يفتح الرسالة التي وصلت من باريس، وحدث أنه في يوم الزفاف فقط كان أكثر من بكى هو والد العروس، وقد اصطحبهما حتى أسفل درج الطائرة التي كانت ستقل الزوجين المتزوجين حديثاً إلى كاراكاس، ليس لقضاء شهر العسل، ولكن للبحث عن فرصة عمل.
وقتها، لم يكن غابو أكثر من صحفي، ولا أقل...
قبل الصعود إلى الطائرة، قام العريس بمسح دموع والد زوجته مؤكداً له أنه سيصبح أفضل كاتب في العالم، وأن ابنته لن ينقصها أبداً أي شيء.
وإذا كان هذا الحلم قد تحقق فليس فقط بسبب الغابة الهائلة من الأدب الذي كان متشابكاً في رأس غابو، ولكن بسببها أيضاً: مرسيدس هي التي حافظت على وحدة وقوة الأسرّة، وكانت الأم النموذجية الحازمة مع الحنان الشرقي الذي ورثته عن أسلافها المصريين.
كانت شخصية مرسيدس عاملاً حاسماً في مسيرة غابو المهنية: لقد وثقت كثيراً بعمله، ودعمته دون قيد أو شرط خلال 18 شهراً التي حبس فيها نفسه لكتابة رائعته "مائة عام من العزلة"، والتي ستكسبه جائزة نوبل في الأدب.
من أجل ذلك، رهنا وباعا كل ما كان في وسعهما رهنه وبيعه بما في ذلك السيارة.
كان غابو مع زوجته رجلاً نبيلاً، وفي جميع خطاباته تحدث عن المرأة التي كانت تقف إلى جانبه دائماً، واعترف بدورها في استقرار البيت رغم أن النفقات لم تكن مستقرة، وقد وفرت له الظروف الملائمة للكتابة. وفقاً لكتّاب السيرة الذاتية، وُلدت مرسيدس في ماغانغي، والتقت غابو خلال حفل راقص في سوكري. كان يبلغ من العمر 13 عاماً وكانت تبلغ من العمر 9 سنوات، وفي نفس اليوم، عرف الصحفي والكاتب المستقبلي أنها ستكون زوجته. تزوجا في عام 1958 وكانا متحدين لأكثر من نصف قرن،
حتى وفاة غابو في 17 أبريل 2014، في مكسيكو سيتي أيضاً.
قصة غابو ومرسيدس قصة رائعة وسعيدة عن حب تبلور في مجموع ملايين اللحظات والجزيئات الدقيقة العابرة من الزمن. قصة تستحق فرصة ثانية لنقلها من أرض الواقع إلى سماء الرواية، لكن من سيكتبها؟ عندما تشرق شمس الصباح، وترفرف الفراشات، سيفتح غابو ذراعيه مبتسماً ليحتضن مرسيدس مرة أخرى بعد طول غياب.
Comments