top of page
Search
  • Writer's pictureasmourajaat2016

قراءة التحليلية لنص "انتحار" للرائعة زينب التميمي (الأديبة نادية الأحولي)



قراءة التحليلية لنص "انتحار" للرائعة زينب التميمي والذي نشر على جدار 'جريدة العراق الاخبارية'

جاء النص منذ العنوان مبهما مضطربا بين اتخاذ القرار أو التردد

انتحار هل هو بمعناه المعهود من قتل للنفس وزهق الروح للخلاص أم هو فناء المشاعر والتسليم والرزح تحت اللامبالاة؟ هل هو اقرار من صاحبة النص أنها لا تملك لنفسها أمرا؟ وهل تملك حق الانتحار خلاصا من معاناتها؟

يثيرني يقلقني اختارت الشاعرة المضارع تأكيدا على الاستمرارية في الزمن فهي مشاعر متواصلة مسترسلة ماض وحاضر وحتى بالمستقبل القريب.

يثيرني/ يقلقني رغم تناقض المدلول في الكلمتين إلا أنا انزاحت بمعناهما إلى المرادفة عوضا عن التطابق؛ ففعل الإثارة جاء سلبيا عندما صرحت بالمثير (الخوف)

ما المقلق والمثير؟

يأتي الجواب ليرج المسلمات والمعهود

أن أنا لست أنا

يخيف الشاعرة بل يثيرها خوفا أي يفزعها ويقلقها أن ليست هي أنّ أناها باتت مجهولة لديها. أي مصير هذا؟ من أنا؟ أين رحلت من نفسي؟

تسترسل في البحث عن أناها في التنقيب عن روحها من خلال استعراض ملامح ضياع أناها.

لم تعد الأشياء تبهرها

فقدت الاهتمام؛ الغيرة؛ أصبحت ثابتة؛ لامبالية؛ توقفت عن التفكير؛ تغرق في صمتها؛ تعتلي ناصية السكوت؛ فقدت الشعور؛ سقطت الأحلام؛ ماتت الرغبة في كل شيء؛

أمعنت الشاعرة في التنقيب بداخلها لعلها تتلمس بصيص نور يرجعها إلى الأنا؛ لعلها تتلمّس طرف خيط يوصلها إلى ذاتها المضمحلة؛

يتلبسني طوق الصمت

أعتلي ناصية السكوت

قمة الوجع والتسليم والاستسلام فما عاد الكلام يجدي بل حتى الصمت لم يعد كاف فتمادت أكثر وأمعنت في الهرب فاعتلت، وهو دليل الارتقاء والصعود والابحار بعيدا بعيدا إلى حيث لا خلاص ولا أمل في العودة (ناصية السكوت)

اعتلت حتى وصلت ولكن إلى أين؟

وصلت إلى اللاشعور

إلى الفراغ؛ جوفاء خاوية الوفاض لا شعور أي موت المشاعر وفناؤها

وتستمر في تأكيد هذا الاضمحلال

"تتدلى من عقلي الأحلام"

يعجز العقل عن مقاومة هذا الفراغ وهذا الفناء فتسقط الأحلام بل تتدلى تباعا في إشارة إلى فقد انسانيتها بفقدها مميزها كإنسان وهو العقل

توقف العقل عن الحلم فواقعها قتل كل أحلامها ويصرّح بنهايتها ونهاية الرغبة ( تموت الرغبة)

تصريح بالموت ولكن من الذي مات

لازالت الشاعرة تتخبط تقاوم الموت تبحث عن دواعي التمسك بالحياة لم تمت بل ماتت الرغبة ولكنها تجاوزت الأشياء لتموت الرغبة في مبعث الحياة ( رشفة ماء) او لم يقل جلّ وعلا "وجعلنا من الماء كل شيء حيا". إذن فالشاعرة هنا فقدت الرغبة في رشفة الماء في هذا النبع الذي سيرجع النبض ويروي العروق وينهي الجفاف جفاف الروح؛ جفاف المشاعر.

تبحث الشاعرة عن أسباب لكل ما يحدث فتأتي أسئلتها الاستنكارية

أ هو العمر؟ تكرار الخيبات؛ هاجس من رحم يأس،

بحث بين مسلمات ومثيرات

العمر مسلمة من المسلمات، فللحياة نهاية، والتقدم في العمر يشعرها باليأس والتسليم.

تكرار الخيبات واليأس مثيرات تدفع بها إلى النأي عن الحياة والتفكير في الانتحار

تستمر نبرة اليأس: لا شيء يمكن تصويبه؛ لا يقهر ما كان نصيبا؛ هو القدر يكابدنا في عتو؛ خطوات تمرر عنوة

بين القدر المحتوم والقدر المرسوم، بين ما كتب في اللوح المحفوظ وبين ما رسمته بيدها وساهمت به من خلال مسيرتها، بين الخيبات واليأس يأتي تسليم الشاعرة،

فتعزي ما مر بها وما عانته وتعانيه إلى قدر لا تملك له ردا، نصيبا لا يقهر، قدر تكابده عنوة.

اختارت ان تكون المصطلحات مغلقة قاسية جافة مجحفة في الغطرسة والسيطرة: عتو؛ عنوة، لا تملك لها ردا ولا رفضا

من شدة العتو والطوفان الذي جرف كل الأحلام وأمات كل المشاعر انتبذت الشاعرة ركنا حالة مخاض لعذراء شوهتها السنين وأثقلتها الأحزان

انتبذت لعل هاتفا يراودها، أن هزي بجذع النخلة تتهاوى أثقالك وآلام السنين، ولكن خاب الرجاء فالانتباذ لم يكن كافيا، ولم يولد عيسى، بل شيعت جثمانها دون مراسيم لجنازة مثلها، مثل المنتحر الذي ينعت بالكفر فيفتقد حق الكافور والكفن

رغم محاولة الشاعرة أن يكون الانتحار لمآسيها وأحزانها، وولادة حاضر سعيد من رحم ماض تعيس، إلا أن عقلها وقلبها خذلاها، فاستسلمت للانتحار، في تحد صارخ للقدر، رغم ايمانها بحتميته وعتوه وعنوته، مقابل ضعفها، ورغم ايمانها بأنها بانتحارها تفقد حق تشييع جنازتها وحق مراسم الدفن.

14/2/2021

النص

إنتحار ..

بقلمي/زينب عبد الكريم التميمي

يُثيرني خوفاً

يُقلقني ...

أن أنا .. لستُ أنا

وأن الأشياءَ لمْ تعدْ تبهرني

وإن اهتمامي لم يعد كما كان

ولا قلقي،

ولا حتى غيرتي المجنونة ،

قد بتُّّ ثابتةً أكثر،

يُكسيني ثوب اللامبالاة،

لا تُزاحمني الأفكارَ

يتلبسني طوق الصمت

أعتلي ناصيةَ السكوت

شيءٌ مخيف أن أصل اللاشعور

فتتدلى من عقليَّ الأحلام

وتموت الرغبة

حتى في رشفة ماء

أهو العمر، أم تكرار خيبات ؟

أو هاجسٌ من رحمِ يأسٍ

لا شيءَ يمكن تصويبه،

لا يُقهر ماكان نصيباً

يُكابدنا في عتوٍ.

أقدارنا مرسومة،

خطواتنا تجرنا عنوة

لذا انتبذتُ الركنَ

أكيلُ موازين السنين

وأنا على هاتة الأحزان

أشيّع عمري

بلا كافورٍ

ولا كفن ....

زينب التميمي

8 views0 comments
bottom of page