قالي ع السلامة سيدتي..هزيت عيني وقلت ع السلامة يا عفريت..قال عيشك سيدتي..جيت نطل عليك..عيش ولدي يطل عليك الخير.. لاباس عليك..الحمد لله.. اما يا ولدي هذا شورت بحر اللي انت لابسو موش متاع مدرسة..جاوب في ابهة وثقة.. عاد انا مانيش نقرا توا.. جيت نسلم عليك.. الشورت فعلا هو شورت بحر وقصير و تي شورت الذي فوقه على قياسه بالضبط من النوع سليم.. كنت اتكلم معه واتأمل حركاته ونظراته..هذا التلميذ الذي درسته الموسم الدراسي المنقضي .. كان لا يعبأ بالدرس ولا يهمه معلم وكان يختار مكانه في اخر الصف يملك كراسا ملطخا لكل المواد.. يكتب فيه وعليه من اليمين ومن اليسار وفي الوسط .. يشطب.. يمضي.. يصور.. يمزق.. إن سالناه أن يكتب أو يتابع الدرس يبتسم وفي عينيه استهزاء .. يلتفت الى اصدقائه.. ينظر اليهم بعينين متراقصتين مشتعلتين.. فيهما ذكاء وفيهما استخفاف يجلس جلسة جانبية ويضع يد على الطاولة مسندا مرفقه عليها ويمسك برأسه باليد ويظل يمرر بها على شعره من الخلف الى الامام..ومن الامام الى الخلف وعبثا حاولنا معه ان يستقيم في جلسته فيفعل ادقائق ثم يعود لحالته..تخاطبه..يجيب بجرأة.. شنوة عملت..هاني نتبع فيك.. نخزرلك.. وقاعد نسمع ونكتب.. وأعلم انه يكذب.. لم ينفع معه التوبيخ ولا العقاب ولا استدعاء الولي... كثير الفوضى والضجة وخاصة في الساحة.. يشتكون منه ومن عنفه وكلامه البذيء.. لم افك عنه الحصار.. المتابعة.. المراقبة.. التوبيخ.. العقاب.. الكلام.. اجلسه في الأمام.. اراقب ادواته.. لا أسمع منه سوى.. شنوة عملت.. او سامحني..ماعادش نعاود صنعتي..او يكاشح رفاقه.. الى ان جاء اليوم الموعود وكشف فيه المخبوء..بعض المعطيات كنت اعلمها.. وكان لدي ملف من الادارة الجهوية يطلعني على حالة هذه الطفل النفسية وانه يجب مراعاته..شأنه كشأن بعض التلاميذ الآخرين.. الذين يعانون حالات اجتماعية قاسية.. ويخضعون الى مراقبة طبية نفسية واجتماعية تبعا لظروفهم... لا أطيل.
نظرت الى تلميذي الذي يقف امامي بل ما عاد تلميذي. جاء مارا ليسلم فوجئت به اخر الحصة يدخل أثناء خروج التلاميذ من الفصل..لفت انتباهي ثقته الزائدة بنفسه وابتهاجه بها.. كل جزء فيه يقول ذلك.. اشعر انه كبر قبل وقته..متمرد ومستهتر.. واع ومسؤول.. حين يتكلم .. حركاته .. وقفته.. جلسته.. كأنه رجل كهل أمامك..سمرته قاتمة.. وجهه مدور.. عيناه واسعتان وبراقتان هكذا تبدوان من وراء زجاج نظاراته الطبية السميكة ..قصير بالنسبة لرفاقه ومربع ..ممتلئ وله مؤخرة مكتنزة.. نعم مؤخرته مدورة وكبيرة..ههه لم انتبه الى ذلك من قبل الا بعد ان حدث مشكل في اواخر الموسم الماضي.. واضطررت الى سماع كل تلاميذ الفصل واحدا واحدا والادلاء بشهاداتهم.. المسالة صارت اخلاقية وبعض الأولياء احتجوا واشتكوا الى المدير. علما ان قضية هؤلاء التلاميذ مفتوحة ويعلمها كل الاطار التربوي لانها مطروحة على الدوام. قال لي يومها التلميذ بعد ان استمعت الى الاخرين.. إن صديقيّ فلان وفلان.. كل يوم يطاردانني ويدخلانني عنوة الى مدخل إحدى العمارات ويضربانني على مؤخرتي ويقولان لي لديك مؤخرة جميلة كمؤخرة امرأة.. (ملاحظة منذ بداية الاستجواب سألت كل التلاميذ ان يتحدثوا بحرية وتلقائية وصدق دون خجل.. وان اتابع خيوط المشكل.. لإنصاف المظلومين.. وأن الكل سيشهد.. والمسألة صارت خطيرة.. وكان ذلك ) كيفاش قلت يا ولدي.. سيدتي فلان يمسك بي وفلان يبدا يضرب في على ت ر م ت ي .. ويضحك ويقلي.. خليني نمسك.. خاطرها سمحة.. معبية كايني متاع مرا.. يصيح احد المتهمين.. لا ستي.. موش هكاكا. نلعبو معاه اكاهاو.. اسكت انت وقت يجي دورك تكلم وقول اللي تحب.. ايه.. واصل شنوة اخر.. يعملو.. انا نبدا نصيح ونعارك ونهرب..
ماصارتش حاجات أخرى.. لا.. اما ديما يعملوها ويقولولي هات خلينا نمسوك ويحبوا يهبطولي سروالي
اليوم وهو ماثل امامي بلباسه الملتصق على جسده وشكل جسمه وحركاته.. رجعت بي الصورة الى تلك الحادثة.. بدانة جسمه المقبولة بل يبدو فيها وسيما ويزيدها وسامة حركاته الرجولية وثقته الزائدة بنفسه. نعم صدقا انا امام طفل عمره 12 عشرة سنة لكنه بمظهر وتصرفات كهل.. سألته وهو منصرف.. انتظر.. اخبرني ماذا فعلت في الصيف.. شنوة باش نعمل. خدمت.. وين خدمت؟ في ..... وماذا تفعل هناك؟ شنوة تحبني نعمل نبيع النوار.. مع شكون؟ مع أصحاب بابا.. كلهم نعرفهم من بكري.. ايه و مشيتشي طليت على بوك؟ مشيت.. لاباس عليه..؟ لاباس زيارة... لم افهم العبارة .. اش معنتها؟... يعني هكا كيفي كيفي .. شنوة كيفي كيفك.. ؟ وكانت يداه تستعملان الإشارة بكل خفة وتناسق مع جسمه المربع.. يعني مافماش حراسة يخرج البره ونقعدو نتحدثو.. كيفاش هذي تصير.. يعمل مطلب للادارة.. عندو الحق فيها كل ثلاثة اشهر.. آه... ومن ذهب معك لزيارته؟ جدتي واختي وانا.. وقتاش يخرج من السجن ؟ اش مازالو عامين .. ثلاثة ويشير ايضا باصابعه ورأسه.. وكل جزء فيه يتحرك بمعنى هانت.. وكم قضى هناك.. ؟ عشرة سنوات.. ربي يسهل.. هيا رد بالك على روحك عيش ولدي وما تخالطش اولاد السوء وتلهى بقرايتك عيشك ويهديك يا ولدي.. باهي .. باهي سيدتي . ان شاء الله.. بالسلامة...
من يوميات معلمة
سونيا عبد اللطيف
Opmerkingen