top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

في ذكرى زوجته المرحومة رجاء كتب الشاعر التونسي محمد الغزي الوصيّة



إلى رجاء التي رحلت قبل صياح الديك

سَوْفَ أوصِي بها العشْبَ والليْلَ والنجْمةَ الرّاجفهْ

سَوْفَ أوصِي بها الغيْمَ والماءَ

سوْفَ أقولُ لهنَّ: أحِطنَ بِهَا

فهْيَ لمْ تعْرفِ الموْتَ منْ قبْلُ ،

فاعْذرْنَها إنْ هيَ استوْحَشتْ

واعْترَتْها ، إذا دَخلتْ ، رجفةُ الخوْفِ..

سرْنَ إذنْ معَها فِي الظلامِ

وأسْندْنها عندمَا تتَعَثّرُ ،

وامْسَحْنَ دمْعتَها حينَ تبْكِي ،

فأرْهَفُ من قطرة الماءِ سيّدتِي

وأشفُّ من الضّوْءِ.

يا إخوتي الماءَ والعُشبَ والليلَ

ليلُ المقابرِ سوْفَ يكونُ طويلا

فآمنَّها إنْ تملّكَهَا الخوْفُ ،

دثّرْنَها إنْ هيَ ارْتجفتْ ،

وانحنيْنَ عليها إذا هيَ حنّتْ وعاجلها الدّمعُ...

يا إخوتي الليْلَ والماءَ والعشبَ

لا تتحدّثْنَ، إنْ هيَ جاءتْ ،عن الموْتِ

فهْي تخافُ ،

تخافُ من الموْتِ سيّدتي ،

وتخافُ من اللّيْل والصّمْت .

يا إخوتِي الليلَ والعشبَ والماءَ

جاءتْ إليكنّ هذا الصباحَ متوّجةً بطفُولتِها

ووداعتِها

فأحطن بها حين ننْفَضُّ عنها وأسْعفْنَ غرْبتَها،

فهْي ما فتئتْ تتلفًّتُ سيّدتي ،

ربّما نَسِيتْ ، قبْلَ أنْ تتْركَ البيْتَ ، أنْ تُوصِيَ الأهلَ

بالعشُب المتسلّقِ في بيتِها

بدُمَاها التي خبَّأتْها ،

بسِوارِ الطفولةِ تحْتَ وِسَادتِها .

إخوتي الليْل والماءَ والعشبَ

رافقْن في بلدِ الصّمْتِ سيّدتِي ،

لا تدعْن الغريبةَ تمْضِي إليه بمفْردِها ،

قُدْن خطواتِها حينَ يلتبسُ الليلُ ،

صاحبْنهَا في البلادِ التي لم يَعُدْ من منازلِها أحدٌ.

إخوتي الليْلَ والماءَ والعُشبَ

عمّا قريبٍ سيأخُذُها النّوْمُ بعد ليالٍ من السُّهْدِ ،

خفّفْنَ يا إخْوتي الوطءَ ،

وامْضيْنَ بين الدّرُوب على مَهَلٍ ،

فالأميرةُ مرْهقةٌ بعْدَ أنْ أوْجعتْها الحياة ُ ،

وأثخنَها العمْرُ ،

فاغْضُضْن منْ صَوْتكنّ ،

تمَهّلنَ في السّيْر ،

هاهيَ ألقتْ على رُكبة الأرضِ ، من تعَبٍ ، رأسَها..

إخوتي الطيرَ والعُشبَ والماءَ

كنّ لها ، حين ننْفضّ ، حضْنا دفيئا

وكنّ لها ، حين ننْأى ، يدًا حانيهْ ...


من مجموعة : ما أكثر هؤلاء الناس...ما أفدح هذه الوحدة

191 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page