إلى رجاء التي رحلت قبل صياح الديك
سَوْفَ أوصِي بها العشْبَ والليْلَ والنجْمةَ الرّاجفهْ
سَوْفَ أوصِي بها الغيْمَ والماءَ
سوْفَ أقولُ لهنَّ: أحِطنَ بِهَا
فهْيَ لمْ تعْرفِ الموْتَ منْ قبْلُ ،
فاعْذرْنَها إنْ هيَ استوْحَشتْ
واعْترَتْها ، إذا دَخلتْ ، رجفةُ الخوْفِ..
سرْنَ إذنْ معَها فِي الظلامِ
وأسْندْنها عندمَا تتَعَثّرُ ،
وامْسَحْنَ دمْعتَها حينَ تبْكِي ،
فأرْهَفُ من قطرة الماءِ سيّدتِي
وأشفُّ من الضّوْءِ.
يا إخوتي الماءَ والعُشبَ والليلَ
ليلُ المقابرِ سوْفَ يكونُ طويلا
فآمنَّها إنْ تملّكَهَا الخوْفُ ،
دثّرْنَها إنْ هيَ ارْتجفتْ ،
وانحنيْنَ عليها إذا هيَ حنّتْ وعاجلها الدّمعُ...
يا إخوتي الليْلَ والماءَ والعشبَ
لا تتحدّثْنَ، إنْ هيَ جاءتْ ،عن الموْتِ
فهْي تخافُ ،
تخافُ من الموْتِ سيّدتي ،
وتخافُ من اللّيْل والصّمْت .
يا إخوتِي الليلَ والعشبَ والماءَ
جاءتْ إليكنّ هذا الصباحَ متوّجةً بطفُولتِها
ووداعتِها
فأحطن بها حين ننْفَضُّ عنها وأسْعفْنَ غرْبتَها،
فهْي ما فتئتْ تتلفًّتُ سيّدتي ،
ربّما نَسِيتْ ، قبْلَ أنْ تتْركَ البيْتَ ، أنْ تُوصِيَ الأهلَ
بالعشُب المتسلّقِ في بيتِها
بدُمَاها التي خبَّأتْها ،
بسِوارِ الطفولةِ تحْتَ وِسَادتِها .
إخوتي الليْل والماءَ والعشبَ
رافقْن في بلدِ الصّمْتِ سيّدتِي ،
لا تدعْن الغريبةَ تمْضِي إليه بمفْردِها ،
قُدْن خطواتِها حينَ يلتبسُ الليلُ ،
صاحبْنهَا في البلادِ التي لم يَعُدْ من منازلِها أحدٌ.
إخوتي الليْلَ والماءَ والعُشبَ
عمّا قريبٍ سيأخُذُها النّوْمُ بعد ليالٍ من السُّهْدِ ،
خفّفْنَ يا إخْوتي الوطءَ ،
وامْضيْنَ بين الدّرُوب على مَهَلٍ ،
فالأميرةُ مرْهقةٌ بعْدَ أنْ أوْجعتْها الحياة ُ ،
وأثخنَها العمْرُ ،
فاغْضُضْن منْ صَوْتكنّ ،
تمَهّلنَ في السّيْر ،
هاهيَ ألقتْ على رُكبة الأرضِ ، من تعَبٍ ، رأسَها..
إخوتي الطيرَ والعُشبَ والماءَ
كنّ لها ، حين ننْفضّ ، حضْنا دفيئا
وكنّ لها ، حين ننْأى ، يدًا حانيهْ ...
من مجموعة : ما أكثر هؤلاء الناس...ما أفدح هذه الوحدة
Comments