الشَّاعر ( يوسف رزوقة ) وَ دِيوانه ( الذّئبُ وَ مَا أخفَى يَلِيهِ رشائيّة : الغزال وَ الزّلزال ) ضيْفَا نادي الشّعر ( اتّحاد الكتّاب التّونسيّين )
اِسْتضاف نادي الشّعر في أمسية يوم الجمعة المُنقضي الشّاعر ( يوسف رزوقة ) لِمُحاورته حوْل ديوانه الصّادر سنة 2017 تحْت عنوان ( الذّئب وَ ما أخْفى ) . وَ قدْ تولّى تقْديم ضيْفنا وَ كتابه في ورقةٍ نقديّة شدّت انتباه الحاضرين الأستاذ الشّاعر ( بوراوي بعرون ) الذي نوّه مُنذ البِداية بِضيْفنا قِيمةً ثابتةً في الشّعر التّونسيّ وَ العربيّ وَ الإنسانيّ حتّى لقد اعتبره مثل سَلَفِهِ ( الشّابّي ) يظْهر مُبدعا كبيرا في كلّ الأزمنة . وَ مع ذلك فإنَّ الشّاعريوسف رزوقة ، وَ إن بدا معروفا وَ ظهر شعره مُتداوَلا على نطاق واسع فإنّه يظلّ ، كما أشار الأستاذ بوراوي ، شاعرا ذا تجربة ثريّة بكرٍ تُغري دائما بمقاربتها وَ اكتشاف المزيد من غناها ... وَ قبْلَ أنْ يَتَطرّقَ المُحاضر إلى مُقاربة تجربة ( رزوقة ) الشّعريّة من الدّاخل فإنّه فضّل استحضار آراء الأُدباء العرب وَ العالميّين في شعر ضيْفنا وَ الذين اتّفقُوا في تقريظها وَ تعديد خِصَالها الفنّيّة وَ الدّلاليّة ... ثمّ تخلّص الأستاذ ( بعرون ) إلى إبراز أهمّ خصائص شعريّة صاحب ديوان ( الذّئب وَ مَا أخْفى ) مُتمثّلةً في تعدّد أجناس الكتابة لديْه كمُبدع وَ في نزوعه المُستمرّ إلى التّجريب وَ توْظيف تقنية القِناع وَ الاحتفاء بالمسكوت عنه وَ بشعريّة التّفاصيل دونَ أن يَغْفَلَ عن لُغتِه التي يتنكّبَ فيها السّجلّ التّراثيّ وَ عنْ تسريد الشّعر وَ توظيفه للانزياح بكافّة أشكاله ... وَ قد توقّف الأستاذ بعرون مليًّا عند صورة القرنفُلة التي وظّفها الشّاعر الضّيف مُفيضا في علاقته بابنته ( رشا ) التي اختطفها المَوْتُ في زهرة شبابها وهي التي كانتْ لهُ في حياتها وَ في إبداعها ( شاعرة وَ تشكيليّة ) نِعْمَ الرّفيقة وَ الصّديقة . لذلك فإنّ المُحاضر كان مُحقًّا عندما أشار بذكاء لافت إلى أنّ الشّاعر( رزوقة ) يأبَى أنْ يَغْرقَ في طقس رثائيّ هنا ، بل إنّه نجح في تحويل مأتمه هذا إلى عُرسٍ . وَ هكذا فإنّه بالشّعر يتجاوز محنته . وَ هذا هو جوهر ما خلص إليه الأستاذ ( بعرون ) في خاتمة مُحاضرته .
وَ كان الأستاذ الشّاعر ( مختار المختاري الزّاراتي ) مُساهمًا بدوره في تقديم ضيْفنا الشّاعر ( يوسف رزوقة ) إذ قرّب الحاضرين من شخصّته شاعرا وَ إسانا ثمّ توقّف بتأنٍّ عند موْضوعة الحزن وَ محوريّتها في شعر المُحْتفى به منذ صدور ديوانه الأوّل ( أمتاز عليك بأحزاني ) . وَ ختم ( مختارالمختاري ) كلمته الخاطفة هذه بتوجيه سؤال لِضيْفنا عمّنْ يُمكن أن يكونوا آباء الشّاعر التّونسيّ عربيّا وَ عالميّا ...
و كانت الأديبة (بسمة المرواني) هي ثالث المتدخّلين في تقديم ضيفنا إذ انطلقت من علاقة العمل التي جمعت بينهما طيلة سنوات في نادي الأربعاء الأدبيّ حيث أثنت على يوسف الإنسان و يوسف الشاعر معا و ما يتميّز به من خصال كبيرة إن في عمله الصّحفيّ أو في إبداعه ممّا أهّله إلى أن يحتلّ المنزلة التي هو جدير بها. وَ إذْ أُحيلت الكلمة إلى ضيْفنا الشّاعر ( يوسف رزوقة ) فإنّه أشار إلى أنّ مُهمّة الشّاعر الحقيقيّة في كلّ محنة تعترضُه هيَ السّموّ بحزنه إلى أفق إبداعيّ أرحب يكون فيه هذا الحزن مُؤسّسًا مُسْتخلصًا من ذلك أنّ الشّاعر عليه أن يكون في النّار وَ لا يحترق ، وَ أن يكون في الماء وَ لا يبتلّ . وَ قد جا ء تْ قرا ء ةُ ضيْفنا الشّعريّة من ديوانه ، وَ خاصّة المقطع الذي اختاره من قصيدته الطّويلة ( رشائيّة أوْ نهاية الزّلزال ) مِصْداقًا لِمَا قاله ( رزوقة ) عن كيْفيّة تصرّف الشّاعر تجاه فجيعته حتّى أنّه صرّح حرْفيّا : ( أنا أُهندس حزْني وَ أَعجنُه كالصّلصال حتّى أتجاوزهُ ) ... ثمّ تخلّص ضيفنا إلى الإجابة عن الأسئلة التي طُرحتْ عليه حوْل علاقته بأدواته الفنّيّة وَ من ضمنها القناع وَ التّجريب وَ اللّغة الشّعريّة ، وَ كذلك السّؤال الذي يخصّ آباء الشّعر التّونسيّ ... وَ كان مسك ختام هذه الأمسية مع قِرا ء ات شعريّة أخيرة انتقاها ضيْفنا من ديوانه المُحتفى به ممّا شدّ انتباه الحاضرين وَ وجد في أنفسهم هوًى كبيرا فأثنوا على ضيْفنا وَ على أصالة تجربته .... فشكرًا جزيلا لهم على حضورهم الجدّيّ أسبوعيّا ، وَ فيما صورة من قا ئمة أسمائهم :
* عبد العزيز الحاجّي
Comments