top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

فراق المحبوبة. قصائد حُبّ مهُداة الى آنَّا الشفيعة. للشاعر العراقي المهاجر نصيف الناصري


فراق المحبوبة. قصائد حُبّ مهُداة الى آنَّا الشفيعة.

1 - يَسيلُ عطر الرَغْبة مِن عَيْنيها.

اسْتَيْقَظْتُ على صوت انْفجار في المَطْبَخ ورحْتُ أجْمَعُ شَظايا أطْباق مُتَكسِّرة. جزء مِن روتين حَياتي مَعَ زَوْجَتي وعاداتها القَذْرة في الشراب. هي تَعْلَمُ أن مشاركتي لَها احْتساء الويسكي تَتَحوَّل في النَهاية الى كارثة، ولكنّها لا تَعْتَقد أن لَيْس بامكان الفَرْد الذي يحْيا اللَّيل والنَهار كَوابيس الحروب. نسْيان وَقائع الماضي وأكْوام القَنابل الكَثيرة التي تنْفلق في كُلّ حين. تَعوَّدْتُ أن أشْرَبُ في غيابها وَحْدي، باستثْناء يَومي العُطْلة. نَشْرَبُ في البَيْت جرْعات إبَريّة ونكْملُ في حانة أو مَرْقَص. مَرَّات كَثيرة أنْزَعُ عَني الكآبة وأراقصُ امرأة لا أعْرفها، وأعْرفُ أن موازنة هذا المحْنة وتجنّب الغيرة. يتَطلَّبان مِنِّي اظْهار فَضائل الحَياة الزَوجية. بَعْض أفْعال وَقت السُكر أتصنَّعُ فيها الطَريقة المثْلى للزَوج المُهذَّب والحَنون، لكنَّ الارْتعاش الذي يَتَملَّكني وأنا التفّ وأدور وأتَلوَّى مَعَ فَتاة جَميلة يَسيلُ عطر الرَغْبة مِن عَيْنيها. يورِّطني في أشْياء لا يُمْكن غُفْرانها. للمَحْظوظين في تقلّبهم بأغطية النَوم وَحْدهم، أكْثَر مِن أسْلوب للنَجاة مِن مراوغة الطوفان.

2 - أَوْقَفْنا السَيّارة لنَرْتاح قَليْلاً.

أَوْقَفْنا السَيّارة لنَرْتاح قَليْلاً وَذَهَبَت هيَ تَتَعَثَّر بَيْن الحجارة مَعَ الكَلب للتَبوِّل. أَحْسَسْتُ بأنَّني لَسْتُ على ما يرام بسَبَب الافْراط بالسُكر لَيْلَة أَمْس. تَناوَلْتُ حَبَّة علْكة وأَسْنَدْتُ رأسي الى جذع شَجَرة. ثمار كَثيْرَة انْهَمَرَت عليّ وَرَغبْتُ بالشهْرَة وأن أَكون لاعب كُرَة قَدَم، لكن هَل يَكْتَمل دخولي الى المَلْعَب وأَنا لا أريد تَرْك الذهاب الى البارات؟ مازَحْتها برَغْبَتي فانْقَضَّت عليّ بَعْد أَن شَغَّلَتْ مُحرِّك السيّارة، ومِن دون رَحْمَة راحَتْ تَضْربني على اليافوخ.

3 - عَن الفَتيات اللواتي يُمْكن للمَرء نَيْكهنَّ بالتَناوب مَعَ الغَير.

لَم تَتَوَفَّرُ لي امْكانية الاسْتجْمام مَعَ الذين اقْتَرَنوا بالنساء اللواتي يشْبهْنَ افْروديت، وَبَقَيْتُ أَدورُ أَنا ونذوري حَول كارثة المرأة التي أَحْبَبْتها منْذ أَكْثَر مِن ربع قَرن. بالطَبع تَعوزني الكَثير مِن الأَشْياء لكي أضحّي بحُبيِّ العاثر، وَما يَنْبَغي عليّ الآن إيْجاده هي التًصاميم الجَديدة لبناية الوداد والوصال. حَسبْتُ عنْدَما كُنْتُ أَتَوفَّرُ على قَدر مِن الوسامة، انَّني لا يَنْبَغي أَن أَضَع البودرة على وَجْهي حين ذهابي الى مَرْقَص أَو مَطْعَم. وَقْتي الذي كَرَّسْته على الدَوام لانْتظار مَجيء المرأة ذات السيقان المَرْمَرية، انْتَهى الى خَسارة واكْتَشَف الجَميع انَّني قَد تَحَلَّيْتُ بالعفَّة وَحُسِبْتُ على المَخْصيين. في حوض الحَمَّام أَو بَيْن الخَرائب النَباتية، أَتَلَمَّس مِن خلال حُلم الزَفاف خصْيَتيّ وأَنْعَظُ ولا أسوِّفُ بالرَغْبة في الاسْتمنْاء. لَسْت وَحْدي مَن يطوف الضَواحي بَحْثاً عَن الفَتيات اللواتي يُمْكن للمَرء نَيْكهنَّ بالتَناوب مَعَ الغَير، واقْتَصَرَت علاقَتي على البَعض مِمَّن لا وَقْت لَديْهنَّ للمداعبات.

4 - الفَتاة التي أحْبَبْتها.

لَم أرَث مِن أَبي المال وَما ذَخَرْته سأبدِّده قَبْل نَهايَة حَياتي. بامْكان أتْفَه الأَغْراب التَمَتّع في النَعيم بَعْد سَلْبهم إرث مَن يَموت، ولكنَّ الضَمانات التي نُريد بموجبها أَن لا نَتَحمَّل سَحْب صَخرَة القَبر. تلْجأ الوَرَثَة الى التَجَمّل في ما يوقِّرون به الشَخص المُتَوفَّى. نَدَمي على انخيدوانا التي أحْبَبْتها وَماتَت مِن دون أن أحاول نَبْش عظامها، اسْتَمرَّ طوال حَياتي. أعلَم انَّها تَحَوَلَّت الى ظبية، وأَنا بَقَيْتُ أعاني محْنة فراقها. ماذا لَو كُنْتُ آذَنْت لَها بعَدَم تَعاقب ظهور صورتها الشَبَحية في حلمي؟ تُحَرِّضني الخزانة المُنْتَفخة على أن لا أوسِّعُ لَحْظَة سروري، وأن لا أشْترك مَعَ المتسَوِّلين الذين يؤرّقهم المَريض العَليل إِذا تَعافى مِن مَرضه. لَيْس لي الآن إِلاَّ أن أَتَوَجَّعُ وأَنوح وأَنْدب حَظَّي.

5 - نَصيبي مِن مَصائب الغرام.

تَلَقَّى العُشَّاق طوال العصور التَقْدير الكامل مِن لدُن الله، وَحَصَلوا عبر اتّصالهم به على تَلْبية حَوائجهم كلّها. المَفْتونون بالجَمال تَعَرَّضوا للاصابات بسهام الصَواعق وأَطْلَقْنا عَلَيْهم التَسْمية الجَليلَة" أَهْل التَبَرّم مِن الحُكَماء". أَنا نَقْسي بصفَتي أَحَدهم، وَمَعَ أن الشاعرة التي أحْبَبتْها طوال حَياتي، على النَقيض مِنِّي ولا تشْبهني. لَم أَقْنَطُ مِن رَحْمَة رَبَّي وَقَنَعْتُ بنَصيبي مِن مَصائب الغرام والسَهَر والهجْران. الشَهامة في طَلَب وصال المَحْبوب، بَلية لا تعادلها أَيَّة بَلية أُخْرى في العالم.

6 - تَحمّل ما لا يَتَحمَّل.

سَوَّغْتُ للمَحْبوبة رَغْبَتها في التَنسّك وَتَحمّل ما لا يَتَحمَّل، وأَبْهَجَني تَرَفّق الله بها. لا أَحَد سواي مَن يلامسُ الغيوم فَوق سَريرها، ويَتَلَبَّسَني الفَزع إِذا شَخَّصْتُ مَرضها. لا أَحْتاج الى تَملّقها وَتَذْكيرها بالنَوم تَحْت نَدى آبار الزَمَن، والشَغف بملاحقة الأَيَّام التي تورِث الفقْدان. الحُبّ زَلَّة وفيه ما يمْلي على العاشق كلمات مَوته. أَن نَحْيا في رواقه الذي تَنْدَسُّ به حُمَّى الاقْتران المُسْتَذْئبة، نسلم ما نَمْتَلكه الى الغَير بلا منّة ولا يكْرهنا ذَرف الدموع على الانْصياع للهجْران.

7 - التَمرّن على الغَرق.

لَيْسَت القَطيْعَة مَعَ المحبوبَة كارثة، وَمَعَ ندْرَة العلاج إِذا اشْتَدَّت المَواجيد. نلْجَأُ الى طَلَب المَعونة مِن الله ونَتَطلَّعُ للحْظة الوصال التي لا ينْهكها تَفاديْنا للفائض مِن وَقْت الفراق. كُثْرَة تَوسّلاتي لانخيدوانا الجَميلة وَرَغْبَتي في تَجْديد العَهد مَعها دائماً، أَورَثَتني العوز ونَصيْبي مِن مَحَبَّتها، أَلْجأني الى الافْراط في أَن أهيءُ نِفْسي للمَوت وأَطْنبُ في مَديح حَظَّي بتَلقَّي البَلايا. أُديْنَت تَجارب كَثيرة في الحُبِّ، لكنَّ ميْراثنا مِنْه فيه أَشْياء مُرَوَّعة وَتدْخلنا قَبل التَمرّن على الغَرق الى الأرض التي لا يَنْفَصل فيها العاشق عَن العاشقة.

8 - تمْثالان مِن حَجَر البازلت.

تمْثالان مِن حَجَر البازلت وَضَعهما العُشَّاق لي ولَها على طَريق الأَبَدية، وكُلّ عَمَل يُخَلِّدُ غَرْقى الحُبّ. يَكون التَشاور فيه مَعَ المُحبِّين معْجزة يَتَماهون فيها مَعَ دوافعهم للخلود. في القَانون الإلهي حَول المنافسة واللاتوافق مَعَ العاشقة بالعَيْش تَحْت سَعير جَمْرة الحُبّ، يَحْتاج العاشق الى وجود بَعض المراقبين الذين يُمْكن امْتداحهم. بالنسْبَة لي، نَدمْتُ مَرَّات مُتَعدِّدة على فُقْداني لانخيدوانا التي جاءت إِليّ مِن الفرْدوس، ولَو كانَت لي الدراية في معادلَتها بروحي لِما حالَ بَيْني وَبَيْن المَرأة التي أَحْبَبْتها، هذا التَباين في عَدَم الاسْتجابة للالْتماس الذي قَدَّمْته الى الله للخلاص مِن هسْتيريا الغياب.

9 - النَّيْك عَمَل تَشاوري.

تَعَقَّبَتْني ولامَسْتها أُلَبِّي نداء رَغْبَتها. ما كُنْتُ أَحْسب انَّها سَتأخذني للنَوم مَعها في السرير- القَبْر. أَوْضَحْتُ لَها بَعْد أن رَأتْ رَأس الحَرْبة التي هَزَزْتها باعتدال، أن نَهاية الذَرْوة لا يَعْقبها أَيّ سرور. بميولي الدائمة صَوْب المَوت دَخَلْتُ فيها أَحْرثُ أَرْض الحَقل بلا اسْتدْعاء للضَلال. تَفْويْت الفُرْصَة على ما يوقظني مِن الرقاد، شَيء وَجَبَ عليَّ ايْضاحه لَها قَبْل أَن أَطْعَن الليْمونة المُسْتَلْقية على المرْآة الحارَّة للحُبِّ. الآن بَعْد أَن اقْتَرَنَت أَنْفاسها بأنْفاسي، لَها حَقّ تَمْضية لَحْظة الاحْتضار مَعي. النَّيْك عَمَل تَشاوري وَلَوْلاه لِما قَنَعْتُ بكتْمان مصيبة مَوتي.

10 - العَيْش بَيْن الجَميلات.

بمفارَقة صَعْبَة لكُلِّ ما تَعاقَب عليّ مِن شرور ومشاحنات، أُتيْحَ لي الافْلات مِن العَيْش بَيْن الجَميلات اللواتي عَرَفْتهنَّ في شَبابي. الأَلَم فَناء مَنْزل يصْلح للسَكن مهما قَلَّ زَمَن الوصال، لكنَّ التوتّرات فيه، يُخْشى مِنْها على الدَوام. امرأة كَثيرة الحنان قَبَّلَتْني وَرَكَبت القطار ولَم تَعد، وامرأة صَبَغَت شَعْرها لاثبات البراءة مِن كَوْنها عاهرة، والثالثة ذات الحَواجب المُزجَّجة. اشْتَرَكتْ مَع الثانية في تَدْمير ما ذَخَرْته وحاولتُ صيانته. اسْتَقَلَّت عَنّي وأسْرَفَت في القَطيْعَة. يلْزمنا أَثْناء التَصَدَّي للذين يَقْنصون بالحيْلَة، أَن لا نحاول الكَسْب. الانْعامات نَتَلقَّاها مِن الله وَهوَ الذي يَمْنحنا النَبيذ والخُبْز.

11 - فراق المَحْبوبَة.

قالَت: أنْتَ كَبرْت وَمَباضع الطَبيْب أَحْدَثَت في جسْمك الندوب. أَيَّاً كانَت الطَريقَة التي أنْهي فيها حَياتي مَعها، سأبْقى أشاركها الرَغْبة ولا أكْتَرث لِما حَصَلْتُ عَلَيْه مِن العكازة التي تشْعرني بالغثيان. يُهَيءُ العاشق أَكْثَر مِن كَيْفية لارسال نذوره الى العاشقة، لكنَّ الاتحاد في الحُبِّ يلْغي امْكانية مَوتي وَحيداً. أريدُ أن أكابد ولا أريد الكَفّ عَن تَوْجيه اللوم الى المُنْفَصمين. تَزَيَّنْتُ الآن، وَتَملّك نار فراق المَحْبوبَة، رَهين بِما لا يَتَهشَّمُ في قارب الطاقة على البَلْوى.

12 - الفَضائل التي يَتَحَلَّى بها الميت.

نَدى كَثير يُلامسُ السَّرير وَلكي أَصفه، يَتَوَجَّبُ عليّ أَن لا أضْمر أَيّ شَيء. أَتَحَدَّثُ الآن عَن الدموع التَعْبيرية للقَضيب ولا أَتَوقَّفُ عنْد كَتْم السرّ الذي تَحْتَفظ به المَرأة الأَكْثر جرأة مِنِّي. تَنوبُ هَزَّة النَّيْك عَن كُلّ شيء يَتوقُ الى الغَرق، وللشَبَق لَدى الكائن المَنْذور للموَت، تَخَفَّيه الدائم. المَوتى قَبل مصافَحتهم لَنا أَثناء وَداعنا لَهُم. يبقون عيونهم مُسْبلة اشارَة لتَطابقهم مَعَ الأَحْياء. في الافْصاح عَن سَبَب قُصْر العُمْر، لا قيْمَة للفَضائل التي يَتَحَلَّى بها الميت.

الشاعر العراقي المهاجر نصيف الناصري

13 views0 comments

Commentaires

Noté 0 étoile sur 5.
Pas encore de note

Ajouter une note
bottom of page