**قصيدة الشاعر محمد صدود*
على الدّرب سرت
و لست وحيدا أسير
معي قمر سيطل عليّ
و في كلّ فجر يدبّ
على باب قلبي يمرّ ويمضي بعيدا
وراء البحار فأقف خطاه
على البحر أمشي
أكاد أراه على الكون مدّ رؤاه
و قال سلام عليك
فقلت سلاما
....................
و مدّ يديه مددت يديّ
وكادت يداي تمسّ يديه
لكنّ غماما يصدّ رؤاي وشدّ خطاي
سكتّ وخرّت قواي
فكان الظّلام
و كان الظّلام يسدّ الطّريق
و كان الخراب
خراب تعشّش فيه الأفاعي
تسلّقت نجما فكان السّكون
سكونا يعشّش فيه الكلام
كلاما يرنّ على القلب حتّى
أفاق السّكون فكان السّراب
............................................
و كان السّراب صديقا يمرّ
فقلت: صديقي إلى أين تمضي؟
فقال: إلى حيث شئت لكنّي
أخاف عليك من الملح يقطع لسانك
فقلت: سأمضي وراءك
و أعلم أنّك تكذب وللملح ماء
زلالا ستشرب منه القوافي وتبني بيوتا
...............................................
وسرت وراء السّراب ولست وحيدا
أسير معي قمر سيطلّ عليّ
و في كلّ فجر يدبّ على باب
قلبي يمرّ ويمضي بعيدا
وراء البحار فأقفو خطاه
على البحر أمشي
أكاد أراه أكاد أراه..أراه:
أراني كبرق يهز المدى وبحر يفيض
أرى شجرا في العلا مدّ للشّمس غصنا
و أرضا أتاها المخاض
أرى كوكبا لا يراني ولم يسجد لي
تذكّرت أنّي نزلت بدار عزيز
و كنت مريضا بحبّ قديم
سقاني حليبا لكي لا أموت
تذكّرت أمّي الّتي أخرجوها
لأنّ حنينا نداها وعرّى القناع
و شبّ حريق أبي فهزّ الشّراع
تذكّرت جدّيا وقد طردوه لأنّه قال
ما لا يقال وقد شرّدوه
على الأرض ساح أحطّ الرّحال
تذكّرت أنّيّ متّ وفي البحر غصت
لكنّ عروس البحار رمتني
على شاطئ في القفار قالت:
على الرّوح أن تلد الرّح من
رحمها ثمّ تبني لها جسدا
ثمّ ماذا سألت.. ثمّ ماذا سألت؟
أجابت: لتحيى.. لتحيى
و مثل الحصان تصير:
فلست غبيّا ولست ذكيّا
فكن للصّهيل وفيّا
و لست نبيّا لكي لا يؤول عليك المصير
.................................................
وعشت لكي لا يجئ الشّتاء
ليقطف ورد الحديقة قبل الأوان
و عشت وأنّي الذي كان صرت
و لم أنس من أين جئت
و أنّ الزّمان الذي لا يمرّ زماني
وعشت لأنّ الحياة تحبّ الحياة
لأنّ الحياة قيض وماء
و عشت على الأرض فوق
سماء تجئ إذا لأرض شحّت
وبحتا وقلّ الكلام
و سرت على الدّرب سرت
إذا مسّني طارق لاح طيف صديق
على الدّرب سار وقال:
سلاما عليك فقلت:سلام
محمد صدود
Comments