ـ الأشياءُ قصائد للشاعر المبدع التونسي والعربي سوف عبيد
- asmourajaat2016
- Jun 16, 2019
- 1 min read

ـ الأشياءُ
أوّلُ يومٍ ذهبتُ فيهِ إلى المَدرسةِ
قلتُ : حَسَنًا
أصبحتُ كبيرًا
أغادِرُ البيتَ / أعودُ
متى أريدُ
رُويدًا رويدًا أكون رجُلاً
مِثلَ الرّجال
عندمَا نجحتُ في الاِبتدائيّةِ
قلتُ لنفسي وقتئذٍ
الآن أصبحتُ رجُلاً
يُتقِنُ القراءةَ والكتابةَ والحسابْ
ويَحفَظُ ما تَيسّرَ مِنْ آياتِ الكتابْ
سيُناديهِ القومُ
بأكبر الألقابْ
ذاتَ صباحٍ
اِبتسمتْ لي فتاةُ الحَيِّ
وقتَهَا قلتُ
الآنَ… أنا رجُلٌ حقًّا
جَرّبَ الدّنيا مِنَ الألِفِ إلى الياءِ
القرطاسُ يعرفهُ والقلمُ
وتَعرفُهُ النّساءُ
مَضَيتُ مع الأيّام
مرّةً في الضّحكِ… مرّةً في البُكاءِ
فاِنقضَى مِنَ العُمر ما اِنقضَى
حتَّى فاجأتنِي الشّمسُ فِي المرآةِ
بِبَيَاضِ الثّلجِ
عِندَئذٍ قلتُ
الآنَ رأيتُ كلَّ شَيءٍ
مَررتُ بكلّ شيءٍ
مَرّ عَلَيَّ كلُّ شيءٍ
فلا شيءَ في كلّ شيءٍ
وكلُّ شَيءٍ في لا شيءٍ
ذلكَ مَاعلّمني الزّمانْ
لكنْ
بعدَ فَواتِ الأوانْ
ــ الجِسْرُ
جِسرُ القريةِ القديمُ
بَناهُ العمالقةُ قالوا
مِنْ عهدِ عادٍ وثَمُودٍ
مَرّ عليه أسلافُنا الأوائلُ
عَبَرتهُ القوافلُ
وحَطّتْ عليهِ جُيوشُ الحرب
ثُمّ قَصفتهُ بالمَدافع
لم يَتهدّمْ
البارحةَ
بعدَ صَلاةِ المَغربِ
عَبَرَ عليهِ المُؤدّبُ
فتَداعَى للسّقُوطِ
لكنَّ الشّيخَ نجَا مِنَ الهاويهْ
واحَرَّ قلبَاهُ على أقدامِنَا
تلكَ الحَافِيهْ
وضُلوعُنا تلك َالخاويهْ
كمْ تَحمّلتْ عَصاهُ
ولمْ يتَحمَّلْهَا الجِسْرُ
ــ إبداعٌ
أعظمُ مِنْ جَبل أبِي القَرنَيْنِ
أعلَى منْ ناطحةِ سَحابٍ
أعذبُ مِنَ السّنفُونيّة الخامسةِ
أصْبَرُ مِنْ أيّوبٍ
أحلَى مِنْ كلّ النّساءِ
وأبهجُ مِنْ كلّ عِيدْ
زَهرةٌ بينَ الإسْمنتِ والحَصَى
تَتَفتّحُ أمامَ القِطارِ
على سِكّةِ الحديدْ
ــ الزّيتُونةُ
بَينَ الأزرقَيْنِ
سَاحِلٌ… وسماءٌ
بينَ الأحمَريْنِ
بُرتقالةُ الشّمسِ وتِبْرُ الصَّحراءِ
بينَ الأبيضَيْنِ
اِمتدادُ السّباسبِ
وعلى هذا المَدى
تلوحُ خَيمتُنا شامخةً
خضراءَ
مِنْ بينِ لُحْمَتِهَا وسَداهَا
لألاءةَ النّجوم
فِي حَالكِ اللّيالي نَراهَا
بينَ الصّخر، فِي المِلح، عَلى الرّملِ
أو فِي الثّرَى
تُزهرُ في بَهَاهَا
تَباركتِ الزّيتُونَةُ
سُبحانَهُ فِي كلامهِ
حَباهَا
تُونسيّةٌ
لا شرقيّةٌ… ولا غربيّةٌ
ضاربةٌ جُذورُها في شرايينِ القلبِ
نحوَ جِهاتِ الرّوحِ
تفتحُ أهدابَهَا عندَ الرّبيعِ
ناعمةٌ، بيضاءُ
هِيَ الياسمينُ في اللّونِ
والمِسكُ شذًى
فَاكتُبِي مِنْ مِشكاةِ اللّهِ
آلاءَكِ الدُرّيّةَ
تحتَ رَيّانِ الظّلال
شَعْشَعَتِ الأنوارُ
علينا منكِ
فِي كلّ غُصنٍ
التّين والزّيتُونُ
لمَذاقِ الخُبز على جَمْرِكِ
سِحْرُ أوّلِ الحُبِّ
إذْ نَغمِسُ الرّغيفَ في رَقْراقِ رُوحِكِ
تَسيلُ مِنَ الخَابيهْ
مُعتَّقَةً مِنْ قديمِ العُصور
كأنّهَا رحيقُ الأرض
حَسناءُ الحَسناواتِ
وَضّاءَةٌ، مُمْتلئةٌ
وعاليهْ
سلامٌ، سلامٌ
في الزّمنِ نَشيخُ
لا تَكبُرينَ
أكلّمَا تاهتْ بأقدامِنَا
شِعابُ الثّنايَا
عُدنا إليكِ بِشَيبِ السّنين
فاِمسَحِي على الأحزان فينَا
والخطايَا
زُجاجُ زَيتِكِ الوهّاج
نُورٌ على نورٌ
فَيَنْبلجُ فِينَا
فَجرٌ جديدْ
Comments