top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

عبد الله بن قيس الرقيات للأديب والشاعر التونسي عبد المجيد يوسف


حين يدرس الناس شعر القرن الأول للهجرة يكتفون بأبي ذويب الهذلي وحسان بن ثابت والفرزدق والنّمر بن توْلب وكعب بن زهير والخنساء والحطيئة وعمر بن أبي ربيعة وبعض العذريين... في حين لا يذكر آخرون أمثال سُراقة البارقي والمتوكل الكناني والفضل اللهبي وعبيد الله بن قيس الرقيات وغيرهم.

وهذا الأخير هو موضوع هذه الورقة.

هو عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك بن ربيعة، لا نعلم على وجه الدقة سنة مولده لكنه مات سنة 85 للهجرة وفي مصادر أخرى سنة 75. سمي قيس الرقيات لأنّه كان يشبب بثلاث نساء اسم كل واحدة منهن رقية... لكنه رغم ذلك لا يعدّ من الشّعراء المُجّان بل إنّ حياته كانت حافلة بالمخاطر من جراء انتمائه إلى الحزب الزّبيري معارضا لعبد الملك بن مروان... وبعد مقتل مصعب بن الزبير انتقل إلى الكوفة، فأقام بها سنة متخفيا في بيت امرأة لا يعرفها ولم تسأله هويته(هكذا يقول الإخباريون) ثم انتقل إلى الشام، فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فمدحه فأجاره وشفع له عند عبد الملك فعفا عنه لكنه منع منه العطاء.

أكثر شعره الغزل والنسيب، وله مدح وفخر وله ديوان حققته عزيزة فوال بابتي ونشرته دار الجيل كما حققه محمد يوسف نجم ونشرته دار صادر ويذكر أنّ طبعة نجم فيها كثير من التّحريف. وكان قد طبع لأول مرة في فيينا، طبعه المستشرق رودكناكس مع دراسة طويلة وشروح. من شعره في الغزل (مجزوء الخفيف)

يا دِيارَ الكَواعِبِ

بَينَ صَنعا فَمارِبِ

جادَكِ السَعدُ غُدوَةً

وَالثُرَيّا بِصائِبِ

مِن هَزيمٍ كَأَنَّما

يَرتَمي بِالقَواضِبِ

في اِصطِفاقٍ وَرَنَّةٍ

وَاِعتِراكِ المَواكِبِ

جيدُ رِئمٍ مُكَحَّلٍ

يَرتَعي بِالذَنائِبِ

غائِبٌ عَنكَ وُدُّهُ

شاهِدٌ مِثلُ غائِبِ

رُبَّ بيدٍ وَدونَها

ناضِبٌ أَو كَناضِبِ

وَذُرى قُفِّ سَبسَبٍ

لاحِقٍ بِالسَباسِبِ

قَد تَجَشَّمتُ نَحوَكُم

بِعِتاقِ النَجائِبِ

ما مَعي غَيرُ صارِمٍ

لِيَ وَاللَهُ صاحِبي

-2-المومس المحترمة كلام بُني على التّضادّ من وجهة نظر أخلاقية اجتماعية. كلمتان جمعتا في عبارة غريبة لا تقبلها الذائقة الاجتماعية المغمّسة بالأخلاق وبالعُرف.

ومن الوهلة الأولى يجد المرء نفسه إزاء موضوع خاضع للجندر وأمام هوية جندريّة، ورغم أنّ "الجندر" مفهومً ديناميّ تتنوّع الأسس التي تقوم عليها الدّراسة في إطاره وتختلف الأدوار التي تلعبها الثنائيات التي يقوم عليها فإنّ هذا الدّور، دور المومس، واحد في العدد الأكبر من الثقافات المعروفة والموقف منه واحد في أكثرها. بل إنّ الغرب يبتدع اليوم، في إطار لغة التّداول، من العبارات المحقّرة الكثيرَ من الاستبدالات المعجميّة لتعيين المومس … أمّا هذه العبارة المتفجّرة (المومس المحترمة) فلم توضع في الحضارة العربيّة حيث الهويات الجندريّة بما تحتوي من ثنائيات متقابلة كالإثنية والمنشإ والطبقة والدّين والجنس تُعتمد في التّعامل لا في التصنيفات الاجتماعية فحسب بل كذلك في سياسات الدّول لشعوبها وفي مناويل التنمية بل وضعت على استحياء من طرف كاتب غربيّ.

بيد أن احترام المومس برز في بعض الأعمال الروائية العربية والغربية حيث أسند إليها أدوار تجلّها القيم الأخلاقية ... رغم أنّ كاتبا حرّا ومتفرّدا بأفكاره ومواقفه مثل ج ب سارتر لمّا أصدر روايته المسرحيّة «المومس المحترمة" سنة 1947 لم يجرُؤ على كتابة كلمة Putain كاملة بل اكتفى بالحرف الأوّل وأردفه بنقاط الاسترسال (ربما كان ذلك من اشتراطات الناشر) ولكن ذلك دليل على رفض الذائقة العامّة لوجود مثل هذه الكلمة في غلاف كتاب حتى ولو كان سارتر مؤلفه.

وما نسعى إلى بيانه في هذا الحديث أنّ عددا من هؤلاء الكتاب تحدّثوا في أعمالهم الرّوائيّة عن أدوار تتّسم برفعة الخلق والنّبل والشّهامة أسندت إلى نساء اتّخذن من النّشاط الجنسيّ حرفة يرتزقن منها أو يأتين نشاطا تعتبره المجموعة الاجتماعيّة مُنكراillicite ... ومواقفهن النّبيلة هذه إنّما تأتي في مجابهة الشّرّ أو الدّناءة التي يأتيها أشخاص ينتسبون إلى الفئة المهيمنة المتّسمة بالمروءة والاستقامة ...ممّا يسمح لنا بالقول إنّ هؤلاء المومسات مثلن ركنا نيّرا في حلك الضّمير الإنسانيّ.

وهذا الحديث ليس مقاربة للمسألة ولكنّه مجرد تقديم للمدوّنة التي قد تصلح مجالا للبحث لمن شاء أن يخوض غماره.

1/ "المومس المحترمة" ج ب سارتر La P…. Respectueuse

هي مسرحية من فصل واحد ولوحتين صدرت سنة 1947 وكان عنوانها في الأصل "المحترمة" la respectueuse استندت إلى واقعة شغلت الرأي العام في الولايات المتحدة وفي أوروبا هي قضية " سكوتبورو بويز". Scottboro boys

في بلدة صغيرة في جنوب الولايات المتحدة، اتّهم رجلان من السّود زوراً بالاغتصاب. قتل أحدهما من طرف رجل أمريكي أبيض، في حين هرب الآخر ولجأ إلى امرأة تدعى "ليزي" وهي "مومس" بيضاء، كان « فريد » ، ابن عم توماس القاتل ، أحد حرفائها. حاول "فريد" ومعه سيناتور أن يحصلا منها على تصريح كاذب Alibi من أجل إنقاذ القاتل. فرفضت الإدلاء بشهادة زور وأبت الحنث باليمين رغم تكرار المحاولات وعنف الوسائل المستخدمة في إقناعها. عندما عاد الرّجل الأسود للاختباء في منزلها، سلمته مسدسًا فرفضه قائلا: "لا يمكنني إطلاق النّار على البيض"

هذه المسرحيّة المستوحاة من القصّة الحقيقية تبيّن مدى قوة الضغط الاجتماعي المرتكزة على التّمييز الجندري فيتنازل الشّخوص عن حريتهم وفقًا للقاعدة التي يفرضها المجتمع الذكوريّ ، أمّا "ليزي" فقد واجهت قوة الإكراه الاجتماعي بإرادة حرّة صلبة . وهكذا صوّر سارتر مجتمعًا تفرض فيه أقلية إرادتها على الأغلبية اعتمادا على هذا الاختلاف، مجتمعا يتخلّى عن الفضيلة التي يحاكم مومسا على أساسها فينتهى الأمر إلى أنها أشد تمسّكا بالفضيلة من المتشدّقين بها المدافعين عن مبادئها.

ومن جهة أخرى تبرز قضية الاتجار بالجسد والشهوانية الجنسية والجنس المتّصل بالمرأة من المواضيع التي تعتمد في التّمييز الجندري في مجتمعات رائدة في مجال المبادئ الديموقراطية الساعية إلى تجاوز الجندر ومحو الفروقات بين الفئات...

في الحلقة القادمة: اللص والكلاب لنجيب محفوظ

-3-رُبّ

هناك خلاف في تصنيفها...فالكوفيون يقولون بإسميتها في حين يقول البصريون إنها حرف جرّ، وبرّروا ذلك بأنّ معناها في غيرها لا في ذاتها. ولعلّ مبرر ذلك أنّ ما تدخل عليه يُجرّ ما لم يُكفّ ب "ما" فيحدث بذلك في تصورهم علاقة إضافة.

وربّما دعاهم إلى اعتبارها إسما إمكانية أن تلحقها لواحق التأنيث والتذكير فيقال "رُبّهُ" رجلا و"رُبّة" امرأةً. و"رُبّها" امراةً . يقول علي بن عيسى الرّماني في كتاب الحروف: "ونصبوا على التفسير أي أنّ امرأة ورجلا في المثالين تمييز" وهو قول وجيه إذا اعتبرنا الإبهام الذي في "رب" فيحدث ذلك مركّبا بالتمييز يكون "رب" مميّزا منه.

وإذ ترد مضافا إليها حروف فذلك في نظرنا لا يزيد شيئا ولا يغير من وضعها باستثناء الكفّ ب "ما" وإنّما هو تفنن في القول يأتيه الشّعراء والخطباء وزيادة لتجويد القول: قال خليل مطران:

فربّتَ كأسٍ من شفاهي رددْتها*** وقد قتل اليأسُ السّلافة في الكأس.

ويذهب الجمهور من النّحاة إلى أنّها حرف من حروف المعاني للتقليل أو للتكثير حسب السّياق:

رُبّ ليلٍ كأنّه الصّبح في الحس*** ـن وإن كان أسود الطيلسان (المعري)

وفصّل ابن هشام في مغني اللبيب حالات الدّلالة على الكثرة وحالات الدّلالة على القِلة بما لا يتسع له المكان هنا.

ويرد هذا الحرف بفتح الرّاء وضمّها وتضعيفها وتخفيفها. قال القرطبي في تفسيره:

" وَهُمَا لُغَتَانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَهْلُ الْحِجَازِ يُخَفِّفُونَ رُبَمَا، وَتَمِيمٌ وَقَيْسٌ وَرَبِيعَةُ يُثَقِّلُونَهَا. وَحُكِيَ فِيهَا: رَبَّمَا وَرَبَمَا، وَرُبَتَمَا وَرُبَّتَمَا، بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِهَا. وَأَصْلُهَا أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي الْقَلِيلِ ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَثِيرِ،(انتهى النقل عن القرطبي) (وأبو حاتم محدّث من الرّي لذلك يُدعى بالرّازي وهو غير الفخر الرّازي المعروف صاحب التفسير...توفي أبو حاتم سنة 277 للهجرة.)

وعند دخول "ما " عليه تكفّ عمله كما ذكرنا وتجعله قابلا للدّخول على الأفعال. وأورد النحاة أمثلة فيها عمل الحرف مكفوفا بدون "ما" وجعلوا المدخول عليه منصوبا على التفسير كما فعل الرّماني. لكن المتواتر في كتب الأدب هو الجرّ حتى وإن كان "رب" محذوفا بعد حرف الاستئناف كما في قول ابن الرومي:

وغريرٍ بحسنها قال صفها*** قلت أمران: هيّن وشديد.

وامرئ القيس

وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله***عليّ بأصناف الهموم ليبتلي.

ومن أمثلة دخوله على الأفعال: قوله تعالى في صورة الحجر في الآية الثانية:

"رُبّمَاَ يَوَدّ الذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَاُنوا مُؤمؤنِينَ" وهو في الحقيقة لم يدخل على فعل وإنما دخل على مركب إسنادي... لكنّ اعتبار المركبات وحدة قولية قائمة بوظائف المفردات لم يكن بارزا لدى النّحاة العرب القدامى.

وسواء أكان الحرف ظاهرا في صدر الكلام أم مضمرا فإنّه قويّ العمل ، يكوّن مع معموله مركّبا حرفيّا في محملّ رفع على الابتداء. ففي قول الحارث بن حلزة "رب ثاو يُملّ منه الثواء" جاء المبتدأ "رب ثاو" مركبا بالجرّ.

وفي خصوص ربّ أيضا انتشر الاعتقاد اليوم في أنّ "ربّ" وقد لحقتها "ما" الكافّة هو في حقيقة أمره حرف بسيط البنية غير مركّب وهو الاعتبار السّائد اليوم. رغم أنّ "ربّما" لم يعاملها النّحاة القدامى على أنّها حرف خماسيّ (انظر كلاّ من الرّماني والإربلي وابن هشام على سبيل المثال) فالحرف قد شهد تحوّلا في وضعه البنيويّ مثلما شهد تحوّلا في وضعه النّحويّ من حرف عامل بالجرّ عملا قويّا إلى حرف هامل لا عمل له. أمّا في وضعه الوظيفيّ من جهة الدّلالة فقد تحوّل من حرف متعدّد الدّلالات Polysémiqueإلى حرف وحيد الدّلالة.Monosémique فخسر التّعبيرَ عن التّقليل والتّكثير واقتصر على الشّك ومشتقاّته مثل الاحتمال كوقلك "ربما أمطرت اليوم". وبهذه التحوّلات النّازعة إلى التّخفيف والتّقشّف الأسلوبيّ خسرت العربيّة الكثير من تأثيرها الجماليّ وإمكاناتها التّعبيريّة وصار الخطاب الأدبيّ أقرب إلى الخطاب الآنيّ المتداول وتقاربت مراتبه نزولا إلى مستوى التّخاطب اليوميّ.

11 views0 comments

Comentarios

Obtuvo 0 de 5 estrellas.
Aún no hay calificaciones

Agrega una calificación
bottom of page