top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

شعر الروح روح الشعر ــ سُلْطَانُ العاشقينَ وَ مُرِيدُوهُ يترنّمُونَ بِإيقاعاتٍ صُوفِيَّةٍ


كان لأعضا ء نادي الشّعر وَ أحبّا ئه مسا ء يوم الجمعة المُنقضي ( 10 ـ 5 ـ 2019 ) بدْ ءً ا من السّاعة التّاسعة وَ النّصف ليلا ، موْعد مع المُسامرة الشّعريّة الرّمضانيّة الأولى التي أُقيمتْ تحت عنوان : ( الحُبُّ الإلهيّ عند سلطان العاشقين الشّاعر الصّوفيّ " عمر بن الفارض " ) . وَ مُباشرة بعد افتتاح الأمسية من قِبل الشّاعر ( بُوراوي بعرون )

استمع الحاضرون إلى مُداخلةٍ استهلّها عضو النّادي بِتعريفٍ للمحبّة وَ للحبّ الإلهيّ لُغةً وَ اصطلاحا ثمّ خلص إلى تعديد مراتب الحبّ الثّلاث :

ــ أوّلا : الحبّ الطّبيعيّ

ــ ثانيا : الحبّ الرّوحانيّ النّفسيّ

ــ ثالثا : الحبّ الإلهيّ

وَ قد أوْلى المُحاضر المرتبة الثّالثة الأهمّيّة الكبرى ، وَ ذلك لعلاقتها المُباشرة بموضوع المُسامرة ، فاستعْرض عددًا من الآيات القرآنيّة الكريمة التي ذُكر فيها حبّ اللّه لعباده وَ حبّهم هم له مُفيدا بأنّ في كتابه ، عزّ وَ جلّ ، أكثر من مائة آية تردّدتْ فيها عبارة المحبّة الإلهيّة التي لمْ تخلُ منها كذلك الأحاديث النّبويّة الشّريفة ممّا يُفنّد زعم المُستشرقين بكون المتصوّفة المُسلمين قد تأثّروا في ذلك فقط بالدّيانات الأرضيّة وَ السّماويّة الأخرى كالبوذيْة وَ المسيحيّة ، وَ بالفلسفات القديمة كالأفلاطونيّة الحديثة ... ثمّ طفق المُتدخّل يتتبّع تبلور الحبّ الإلهيّ عند الصّوفيّين المسلمين بدْ ء ًا بِ ( رابعة العدويّة ) التي ميّزتْ بين نوْعيْن من الحبّ : ( حبّ الهوى ) وَ ( الحبّ الخالص ) ، فالأوّل حبٌّ ناقص لأنّه أرضيّ محسوس ، بينما الثّاني حبّ خالص كامل يسمو عن المحسوس لأنّه مُمحّضٌ إلى الذّات الإلهيّة. وقد كان لهذا الدّور الذي نهضتْ به ( رابعة ) في إشاعة القوْل بالمحبّة الإلهيّة عظيم التّأثير على من جا ؤوا بعدها حيْث ذاع الإيمان بها عند الصّوفيّة اللّاحقين أمثال ( معروف الكرخي ) وَ ( ذي النّون المصريّ ) وَ ( أبي يزيد البِسطامي ) وَ ( الجُنيْد ) وَ ( الحلّاج ) وَ غيرهم ...

وَ وُصولا إلى القرن السّادس الهجريّ ركّز المُحاضر على الشّاعر ( عمر بن الفارض ) باعتباره محور هذه المُسامرة الرّمضانيّة فبيّن عبر شواهد دالّة من شعره مدى إيمانه بالحبّ الإلهي وَ انقطاعه لهُ قوْلا وَ ممارسة ، إذ ضجّ ديوانه ( وهو أثره الوحيد ) بهذه العبارة وَ مدلولاتها المُتعدّدة حتّى أنّه لُقِّبَ بِ ( سلطان العاشقين )...

وَ تحتَ عنوان الجزء الأخير من بحثه ( الْهِِيَ المُطلقةُ رَمْزًا للذّات الإلهيّة في شعر ابن الفارض ) استفاد المُحاضر من كتاب ( ابن الفارض شاعر الحبّ الإلهيّ ) للنّاقد السّوريّ الرّاحل ( يوسف سامي اليوسف ) الذي صاغ مصطلح ( الأنثى المُطلقة ) من تدبّره لقصا ئد ( ابن الفارض ) في العشق الإلهيّ ، فأوضح أنّ شاعرنا وَ إن تردّدتْ في كتاباته معان غزليّة إباحيّة وَ عذريّة من الشّعر العربيّ السّابق فإنّه لمْ يكن يعني امرأة مخصوصة عرفها أوْ علِقها في حياته بقدرما كانت أسما ء النّسا ء اللّاتي يتغزّل بهنّ ( سعاد ـ بثينة ـ ميّ ...) دالّةً معا على المرأة المُطلقة التي يرمز جمالها المُعجز إلى الذّات الإلهيّة وَذلك أسوةً بِمُعاصره في الأندلس الشّيخ الأكبر ( محي الدّين بن عربي ) الذي قال : ( ليْس في العالَمِ المخلوق قُوّةٌ أعظمُ من المرأةِ لِسرٍّ لَا يعرفه إلَّا مَن عرف فيمَ وُجِدَ العالَمُ ) ... وَ هكذا إذن ، فصورة المرأة المعشوقة في الشّعر الفارضيّ تكتسب دلالاتها منْ طاقة التّرميز، فالشّعر الصّوفيّ يتجاوز الأساليب البلاغيّة المبذولة وَ المجاز القديم إلى تفعيل الرّمز وَ إطلاق العنان للخيال ممّا دفع سلطان العاشقين إلى رَفْد رمز الأنثى المُطلقة في شعره برمز ( الخمرة الرّوحيّة ) ، وَ رموز الحروف وَ الأصوات وَ الأعداد ... وَ جميعها وُظّفتْ باقتدار للإحاطة بهذا المُطلَق في تجربة الشّاعر الرّوحيّة . وَ إذا كان لمُختلف هذه الرّموز تأثير وَاضح في قصيدة ابن الفارض ، فإنّ رمز ( الأُنثى المُطلقة ) مُحِيلَةً على الذّات الإلهيّة هو أكثرها فعلا في نفس الشّاعر الصّوفيّ وَ فنّه الشّعريّ . وَ يَتّضح ذلك من خلال المقولات وَ الموضوعات الصّوفيّة التي ارتبطتْ بطغيان رمز المرأة المُعجِزة ، وَ أهمّها :

1 ـ المُجاهدة الصّوفيّة ـ2 ـ الموْتُ في المحبوب ــ 3 ـ تجاوز الظّاهر بالباطن ـ 4 ـ السّرّ الصّوفيّ ـ 5 ـ الجمال الرّبّانيّ ــ 6 ـ المسافة ــ ... أمّا فنّيّا فقد بيّن المُحاضر أنّ طغيان رمز( الهيَ المُطلقة ) أثّر جماليّا في تخييل الشّعر وَ بنيته وَ غنا ئيّة إيقاعه المخصوصة ... وَ كانت خاتمة هذه الدّراسة المُسامرة مع التّأكيد على منزلة ابن الفارض بين الصّوفيّين حيث تميّز باهتمامه المُطلق بالحبّ الإلهيّ ، تماما كما تميّز بين شعرا ء عصره بكونه خلاصة الشّعر العربيّ السّابق وَ خاتمته معا ...

وَ إذْ أُحيلتِ الكلمة إلى الحاضرين فقد اقترحوا أن يستمعوا إلى قرا ء ات شعريّة من ديوان ( سلطان العاشقين ) ، كما توقّفوا خاصّة عند أهمّيّة التّجربة الصّوفيّة الرّوحيّة وَ الإبداعيّة قديما وَ حديثا ، وَ بالتّحديد في الشّعر التّونسيّ .

*** عبد العزيز الحاجّي ***










برنامج بقية المسامرات الرمضانية بنادي الشعر باتحاد الكتاب التونسيين:



64 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page