كقمر في ليلة شتاء
أجلس وحيدة
أحتسي عتمتي
خيبة ...خيبة
أرتشف وحدتي
رشفة ...رشفة
يستوي فنجاني أمامي
شفتاه منفرجتان لهفة
ينتظر قبلته الأثيرة
تمتدّ يدي دون وعي إليه
شيء ما يوقفني..
يشلّ حركتي ..
لعلّها ذكرى غادرة تطعن ثباتي..
أتكوّم على ضعفي أقتاته
ويقتاتني
يدي ترتعش وتتراجع..
جسمي يرتجف و ينكمش
إنّي أتشظّى ..
وجهي يلد وجوها كثيرة ..
وجوها تحيط بي ..
تنظر إليّ وترمقني ..
أختلس النظر إليها ..
فأراك ..
اشتقت إلى هذا الحنان الّذي يسكن عينيك ..
لست خائفة ..
أنا فقط منذ تركتني وحيدة
أنا في دروب الزمان وحدي شريدة
أسير صفر اليدين
وقلبي حقيبة ..
وكلّما أتعبني المسير
انزويت في ركن بعيد
أفتح حقيبتي ..
أفتّش في أشيائي لأطمئنّ
وأطمئنّ عندما أجدك كما أنت ..
يسكرني الفرح ..
لكنّ الوجوه الأخرى بالمرصاد
تطوف بي كأنّني قربان
تثقب قلبي عينان متفحّصتان
- أريد أن أرتاح
أريد أن يغسلني الهدوء
وأن يعمّدني الأمان
لماذا ترمقني هكذا ؟
أنا لست خائفة
أنا فقط منذ عرفتك وحيدة
لم تكن أبدا معي ..
لم تكن أبدا لي ..
تدّعي الحبّ ولا تحبّ
ترتّل أمامي المواعظ
وتنسى تعاليم الربّ
ماذا تريد منّي ؟
ماذا تحبّ؟
أحاديثي أجهضها البرود في نظراتك ..
أسئلتي معلّقة في مشانق صمتك ..
ابتسامتي نامت باكية
من لظى سوءاتك
مشاعري الدافئة وضعتَها بإهمال في ثلّاجة صدرك ..
ومآثري ثوت حزينة
في قبر افتراءاتك
لماذا ترمقني هكذا ؟
أنا لم أعد أنا ..
لم أعد قنديل لياليك..
لم أعد ضوء صباحاتك ..
-وأنتم !!!
لا تنظروا إليّ هكذا ..
أنا لا أعرف منكم أحدا ..
لا أذكر إلّا صوت نعالكم المرتدّة
كنت في البئر مع الخوف وحدي ..
ناديتكم اسما اسما
فلم أر إلا رؤوس الأفاعي تطلّ من جحور ذاكرتي
صرخت وحدي ..
بكيت وحدي ..
ثمّ كفكفت دمعي وحدي ..
لا أذكر إلّا صوت نعالكم المرتدّة
وأصواتكم تقولون : لقد أكلها الذّنب
نشرتم كذبا قميصي
أذعتم غدرا أسراري وأقاصيصي ..
تبّلتم لحمي لتعدّوه ولائم لضيوف غدركم
ضحكتم في سرّكم
حملت إليّ الرّيح رائحة غدركم..
ووشوشات أكاذيبكم ..
من أنتم ؟
لقد خرجت من البئر وحدي
قصدت أراضيَ غير أراضيكم ..
أفلتّ تعبا ويأسا أياديكم
فلماذا ترمقونني بغرابة ؟
- يا كلّي الغائب
أنا لست خائفة
أنا فقط منذ تركتني وحيدة
مازال الدمع يسكن قلبي
مازال يفيض من عيني
أراهم ولا أراهم
لأنك وحدك تملأ عيني ..
وتملك قلبي ..
فنجاني كقبر مفتوح
ينتظر أن أودعه أسراري
لكن غادرة هي الذكرى
Comments