كنت لا املك أكثر من فستان وحذاء ولا مجفّف للشّعر يخفّف غضب أمّي خوفا عليّ ، لكن حينما تكسّر السّماء جرارها أكون أول من تتطهّر بمائما ،وتلهو بزخّاتها وتجمّعها في برميل ينتظر على ظمإ تحت مزراب منزلنا ...
كان المطر لعبتي السّماويّة المشتهاة ،لعبة مائيّة تبعثني سيّدة الغيمات على أرض قنوط ، كنت أقلّد قطرات النّوء في ارتطامها بأرضيّة الحديقة وبنقرها على بلورالنّوافذ الزّرقاء وبانزلاقها على الجدران البيضاء وبقفزها كأسماك مشاغبة في حوض النعناع وانسيابها برشاقة على بساط العشب الأخضر، وحينما تغفو الغيوم وتكفكف السماء دمعها المدرار أعود الى البيت بركة ماء، منفوشة الجدائل ، مكسوّة عشبا وطلاء وأحيانا كثيرة دامية القدمين أو الأصابع ،وأنا أمنّي النّفس بهطول منتظر يكون أكثر ماء وأكون أكثر حنينا وأشدّ شقاوة ،متغافلة عن صراخ أمّي وعقابها في أغلب الأحيان ...
وها عجلة الزّمن تجري بسرعة ،ويكثر الهطول ،يندلق الماء بغزارة ،تفيض الأودية ،يتّسع المدّ ، وتمتلئ السّدود وتستحيل الجرار آبارا وتكثر ملابسي وتختلف أحذيتي وتتنوّع مجفّفات الشّعر لكنّما سيّدة الغيمات لم تعد تحفل بلعبتها السّماويّة ....
Comentarios