top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

سارب بالليل يضيىء العتمة بأكثر من مشكاة الشّاعر وَ القصّاص وَ النّاقد وَ المُترجم ( جلال المُخ )



*** سَـــــــــارِبٌ بِـــــــــالـلّـــــــــــــيْــــــــــلِ يُـــــــضِـــــيـــــــىءُ الـــــــعَـــــــــتْمَةَ بِــأَكْـــثَر مِنْ مِــــشْـــــكَــــاةٍ *** الشّاعر وَ القصّاص وَ النّاقد وَ المُترجم ( جلال المُخ ) : ضَيْفُ نَادي الشّعر ( اتّــــحَــاد الــكُـــتّــاب الـــتّـــونســـــيّين )

كانَ لأعضاء نادي الشّعر وَ رُوّاده وَ مُحبّي الإبداع عامّةً موعد مع أمسية الأدب الرّفيع في أبهى تجلّياته ، وَ ذلك يوم الجمعة 12 أفريل 2019 عندما تمّت استضافةُ الشّاعر ( جلال المخ ) المُتألّق بإنتاجه الإبداعيّ النّوعيّ الغزير وَ بتعدّد مَلَكَاتِه في الخلق الفنّيّ ... وَ قد تكفّل بتقديمه لجمهور النّادي أديبان يُعدّان الأقرب إليه وَ الأكثر اطّلاعا على مناخاته الفنّيّة . وَ هما على التّوالي المُفكّر الأستاذ ( فتحي جُوعو ) وَ الأديب الأستاذ ( صالح الطّرابلسي )... لقد جا ء ت الورقة التي أعدّها الأستاذ ( جوعو ) شاملة مُلِمّة بِعوالم ضيفنا شاعرا وَ قصّاصا وَ روائيّا وَ ناقدا وَ مُترجما حيْثُ استخلص الدّارس جُملةً من الخصا ئص المُميّزة فنّيّا وَ دلاليّا لِنهج ( المُخ ) في الكتابة الأدبيّة ، إذ وجده حريصا على تعهُّد لغته بالمتانة وَ بالصّقل بحيْثُ تنجح في أن تفِيَ بالمطلوب جماليّا وَ دلاليّا . فاللّغة عنده أرفعُ من أن تكون مُجرّد وسيلة للتّعبير عن فكرة أو تجربة طالما أنّها هيَ ذاتُها جوهر التّجربة الإبداعيّة بكلّ أبعادها ... أمّا الخاصّيّة الثّانية التي تَسِمُ إنتاج ( المُخ ) الإبداعيّ ـ حسَبَ الأستاذ ( جُوعو ) دا ئما ـ فهيَ النّزوع إلى الأسطرة في أوضح تجلّياتها ، وهيَ أَسْطَرَةٌ تتجاوز مُجرّد الاكتفا ء بتضمين الأساطير القديمة إلى توظيفها فنّيّا بِطريقة خلّاقة في علاقة بتجربة ( المخ ) وَ بحياته وَ عصره بِمَا أنّ مضامينَ أدبِه هي مضامين مُتأصّلة في حاضره ثا ئرة على الزّيف الذي يَتَسَيَّدُ حياة الجميع . وَ لا شكّ أنّ وعيَ الأستاذ ( المُخ ) بتفشّي هذا الزّيف في حاضرنا هو ما يدفعه ـ حسَب الأستاذ ( جوعو ) إلى تعمّد استفزاز القارئ من أجل أنْ يكون لهُ موقف رافض لكلّ ما هو سلبيّ ، وَ ذلك على ضوْ ءِ نجاح الشّاعر في إضا ء ة الحاضر بالماضي مُتشوِّفًا إلى المُستقبل عبر توْظيفه المُحكم للرّموز الأسطوريّة ... أمّا المُداخلة الثّانية فقد اختار فيها الأستاذ ( صالح الطّرابلسيّ ) أن يَكتفِيَ بدراسة تجربة ( المُخ ) الشّعريّة دون سواها من عوالمه الإبداعيّة وَ الفكريّة الأخرى . وَ لئن انطلق الباحث من حقيقة أنّ ضيفنا مُبدع مُتعدّد الملكات فإنّه سرعان ما خلصَ إلى التّمعّنِ في مُنتَجه الشّعريّ لِيُبَيّنَ تَضَايُفَ الشّعريّ وَ السّرديّ في مُدوّنته ككلّ بما أنّ ( المخ ) يستفيد من تشبّعه بنصوص الأناجيل استفادتَهُ من أساليب اللّغة الفرنسيّة التي يُجيد القرا ءَةَ وَ الكتابةَ بها ممّا جعل التّصادي بينها وَ بين اللّغة العربيّة أوْضح ما يكون في شعره ... وَ لقد توقّف ( الطّرابلسي ) في هذا الإطار عند أكثر من خاصّيّة ميّزتْ شعر( المُخ ) ، لعلّ أهمّها كوْن كتابته هذه عاشقة حتّى لكأنّه في علاقته بها النّاسك في محرابه . وَ مع ذلك تظلّ نصوصه الشّعريّة هذه أبعد ما تكون عن التّقوْقع في الوجدانيّات بما أنّ مضمونها الفكريّ عميق يسمو بها عن الانضوا ء إلى تيّار أدبيّ دون غيره ، ذلك أنّ مفهوم الشّعر عند ( المُخ ) أكثر رحابة من أن يتذيّل لِمقُولة مُعيّنة أوْ قالب مُعطى سلفا ... وَ إذْ أُحيلتِ الكلمة إلى الشّاعر ( جلال المُخ ) فقد قرأ على الحاضرين بعضا من نماذج شعره ثمّ تحدّث طويلا عن أكثر من مسألة تتعلّق بِمُختبره الشّعريّ ، من ذلك تأكيده على أنّ الأنواع الأدبيّة هي التي تختاره للكتابة فيها لا العكس. وَ قد استشهد بأكثر من عنوان في مُدوّنته كان في البداية مشروعا سرديّا ينوي كتابته في اللّغة العربيّة فإذا به ينتهي نصّا شعريّا في اللّغة الفرنسيّة ... كما ألحّ ضيفنا على أنّ علاقتَه بالشّعر هي الوجه الأكثر نقا ءً لعلاقته بالحياة ، وَ أنّ كتابه الشّعريّ ( عوْدة النّصّ الضّالّ ) هو الأقرب إليه من بيْن جميع مُؤلّفاته ...





إثر ذلك أُحيلت الكلمة إلى الحاضرين فجا ءت تدخّلاتهم في أكثر من اتّجاه ، إذ تفاعلوا مع المُحاضريْن وَ مع ضيْفهم ليُجمعوا على أنّ الشّاعر ( جلال المُخ ) المعروف بِتعفّفه عن الجري وراء أضواء الشّهرة يستحقّ أكثر من استضافة لإنارة تجربته الغنيّة بالإبداع وَ إخراجها إلى النّور إنصافا لها وَ لصاحبها الذي كان ـ وَ لا يزال ـ يستطيبُ أن يظلّ ساربا باللّيل يُبدع مُتخفّيا إلّا عن الصّفوة من أصدقا ئه الخُلَّصِ ...



*** عبد العزيز الحاجّي ***

11 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page