رسالة حزينة من فاضل العزاوي بعد رحيل الأب يوسف سعيد .
Fadhil Al-Azzawi
Lägg till i Kontakter
Till Nasif Nasiry
عزيزي الصديق الشاعر المبدع نصيف.
عرفت من كيكا ومواقع الكترونية أخرى برحيل صديقنا الكبير الأب الشاعر يوسف سعيد فأصابني حزن كبير وشعور شديد بالوحدة. فها هم الأصدقاء يرحلون الواحد بعد الآخر تاركينك لظلام هذا العالم غير العادل. هل تعرف أنني تعرفت على الأب يوسف سعيد حينما كنت في الخامسة عشرة او السادسة عشرة من عمري وكان هو لا يزال في أوج شبابه، محولين كنيسته الى ملتقى للشعر والشعراء؟ كثيرا ما اشتركت معه في النشاطات الثقافية والقراءات الشعرية التي كنا نقيمها في كركوك، مأخوذا بثوبه الكهنوتي ووقاره وهو يقرأ شعره السوريالي أمام جمهور مثل جمهور مدينة كركوك في تلك الأعوام. أشكرك جدا على تعازيك لي بفقدان الراحل الكبير مع تعازي القلبية لك فقد كان أبونا صديقنا جميعا. أرجو أن تبلغ أسرته تعازي وحزني الشديد إذا كنت على اتصال بهم.
مودتي
فاضل العزاوي
الأب يوسف سعيد. 1932- 7 شباط 2012
توفي الأب الشاعر د. يوسف سعيد أحد كبار شعراء الحداثة في احدى مشافي ستوكهولم السويدية صبيحة يوم الثلاثاء 7 شباط 2012 ، بعد أن ترك خلفه إرثاً شعرياً وأدبيَّاً هامّاً. مواليد الموصل ـ العراق 1932.
أتمَّ دراسته الأولى والتحق بالكلية اللاهوتية وعين رئيساً روحياً لطائفة السريان الأرثوذكس في كركوك، حيث التقى هناك جماعة شعراء كركوك، الذين تركوا تأثيرات مهمة على شعره ، كما ترك هو الآخر تأثيره على أصدقاء الشعر، وقد كان لجماعة شعراء كركوك تأثيراً كبيراً على الشّعر العراقي والعربي. نشرت أشعاره وكتاباته ابتداءاً من عام 1953 في الصحف والمجلات العراقية والعربية وكان لها صدى طيب على الساحة الأدبية والثقافية.
غادر العراق عام 1964، متوجِّهاً إلى بيروت وهناك التقى مع أبرز الشعراء والكتاب وعاش في بيروت حتى عام 1970. نشر في مجلة شعر قصائد بعنوان: "بهيموث والبحر" وقد أثنى عليها الكاتب المعروف جبرا ابراهيم جبرا، ونشر في ذلك الوقت قصائد بعنوان: "أضواء آتية من أسواق القمر" في المجلة التي كان يرأسها آنذاك أدونيس، وقصائد عديدة أخرى. كما ترجم أكثر من خمسين قصيدة لمار أفرام السرياني، نشرتها مجلة شعر.
وجّه أنظاره الى السويد عام 1970، متّخذاً من احدى ضواحي ستوكهولم، :سودرتاليا" مقراً هادئاً للعيش والكتابة، حيث وجد في صمت السويد وجمال ثلوجه وغاباته ما يحرضه على الكتابة المتدفقة كالينبوع.
أَصدر المجوعات الشعرية التالية:
المجزرة الأولى مسرحية كركوك 58
الموت واللغة قصائد ـ بيروت 68
ويأتي صاحب الزمان ـ السويد 86
طبعة ثانية للتاريخ ـ قصائد 87
مملكة القصيدة، دراسة شعرية ـ بغداد 88
الشموع ذات الاشتعال المتأخر، قصائد ـ بيروت 88
السفر داخل المنافي البعيدة، قصائد ـ دار الجمل، كولونيا ـ ألمانيا 93
سفر الرؤيا، قصائد ـ لبنان 94
فضاءات الأب يوسف سعيد، الأرض، التراب، السماء، الماء ـ دار نشر صبري يوسف ستوكهولم 99
5 قصائد مِن الأَب يوسف سعيد.
"1" المشدود الى التراب.
في تشرين، ثقب صغير يمتصّ
هواء للجدران الأربعة
يقتّر في التنفس
يحام كل الشهر
أن قطعة الدينار؛ أكبر من
غمامة بيضاء.
يسترسل في اللّم، في الأخذ، في الجمع،
توافه جشعة أكبر من جبل
ليت رائحة النحاس، عوّضت على
معدته رغيفاً من الخبز
ألأمنية أن يحصد، ولا يأكل،
يطحن ، ولا يخبز! أن تقفر الجموع
من حيّه
ليرتاح في احصاءاته
من يغرق في لجّة السمسرة؟
من ينسى الملاك؟
ليت الشخير عندك، يتحوّل
الى لغة الأرقام
اليوم حلمت أن أظافري من
تربة صفراء، تنبت رنين الفلس
وهدوء الدينار.
"2".سحب صيفيّة.
يدي تمسك ظهر عالم يضحك
عوالم فقدت حاسّة جداولها مهرولة نحو البحر
تتأكسد بغبار لايعرف اطلاقاً متى خلقت تجاعيدأطرافه
ولكنها، دائماً ترتوي من مياه حلكته ،
ومن زمهرير أشواقه،
عوالم جسدها بلا جبين
عيونها فقدت أهدابها بينما خياشيمها تتحسّس رعشة
طالعة من أعصاب التحوّلات الأعجوبة
أحتسي، من قنينة بيضاء، خمرة رغبتي
أحدّق في سجف بعيدة
وبعدها، أرتدي قميص صمتي
كثيف، تحت هذه الغيوم، دخان مجمرتي
ومن نشوتي تولد في منعطف الأفق عذراء تأتي الى سواحلنا
لتعلّمنا رقصاً أعدّ خصيصاً لمجيء مواكب السحب الصيفيّة.
"3".أصابع.
أصابع طبشوريّة، مطعّمة بالفيزياء، تحمل أرقاماً عراقيّة
مستلّة من جسد الآشوريّات..ليس لهذه الأزمنة كثافة سكّانيّة،
ومواكب الجسد تدخل الآن ليل القصيدة الفعل
وتقول لمركبات الشّمس ..لتسدل اللّغة أشرعتها
ولترحل صوب الحقول السعيدة.
"4".مات جوان ميرو.
في هذا الصباح، مات جوان ميرو..كموت العضلة
في فخذ الجبابرة، وحده مات جوان ميرو كما تموت الغابات في سيبيريا،
وكما تموت الحياة في أصابع نملة خضراء
وفي اللّوحة الأخيرة التي تركها حنّط فيها حنينه،
وفي دفتره القديم الملقى عند وسادته
كانت ريشته السوداء قد رسمت وجهاً للقحط،
والجدب والأشواق الظامئة، الى غديره الثر
أبداً، كان ميرو ينثّ أحلامه فوق أقمشة بسيطة،
مثل سذاجة قلبه.
"5".حناجر محنّطة بمادة الأوقات.
مجففة، كرمال تعبر فوقها أسرار العدميّة القديمة.
قدم اللفظة المشلوحة من فم الكلمة الأم
وجه يلملم تقاسيمه الأزليّة
من زرقة بحريّة
محبّرة، مزمجرة في قفا العواصف المعدومة
فوق سارية الخلجان
أردّد في مهجة الحياة ، وأقول لأيّام تنهار فوق سلاهب النّار
أهواء الروح، أنت أبعد من شهوة الجسد
وأقرب من تفاعل الماء فوق أنسجة اللغة النّامية
في حقول العقل.
غد يحمل أشيائي الصغيرة
وينضب حبر كان يخطّط مدناً لموت الملوك
ان كصوت مدينة منفيّة في مركبات البارحة
آه، سأكون بذرة محنّطة في حنجرة
الأوقات.
Kommentare