حلم الفقير (قصيدة) للشاعرة التونسية المتميزة ربيعة محمد مارس

وسرت إليك حافية المشاعر ..

عذراء القلب ..

سرت لأول مرّة في طريق الحبّ

كنت أتخبّط خوفا ولهفة

والدّرب يرمي بي

إلى الدرب

أتتبّع ضوء شعاع متكسّر ..

يقودني في تعاريج ضيّقة

كنملة تتّبع مسارا لا يرى

وتتحسّس باستماتة روائح السّرب ..

تمشي بعناد رغم طول الطّريق

تسير وإن طال بها الكرب ..

يتضاعف ضيقي ..

تتناسل مخاوفي ..

لكن لا مناص من مواصلة الدّرب ..

متى ينتهي الدّرب ؟؟

كنت أسير

عيناي لا تنظران إلى الخارج ..

لا تنتبهان إلى نظرات التّحذير ..

لا تريان الألسن الممدودة هزءا ..

عيناي تنظران فقط إلى الدّاخل..

تتأمّلان مشاهد مختلطة

يسقط الزّمان أمامي صريعا

كمن أصيب بجلطة مفاجئة

هنا الماضي

أصوات و أصداء

حركة دؤوب ليس لها انتهاء ..

جري محموم في دروب الشّقاء..

ملامح أب أنهكه المرض وأقعده الإعياء ..

صراخ أمّي تلعن المرض والفقر والحظ وشماتة الأيّام وهزء الأقرباء ..

أحلام منكسرة في عيون الورد

ينبض فيها خجولا بعض الرّجاء ..

أيّام متشابهة ..

حرمان متناسخ ..

تعب متناسل

ودعاء يشقّ هدأة اللّيل قلب السّماء

هنا الآتي

أحلام لا تعرف الاكتفاء ..

لا المرض يسرق الطّمأنينة الموعودة ..

لا الموت ...لا الفناء ..

لا فقر يكبّل أمالنا

فنسير على غير هدى

بخطى متعثّرة عرجاء

الياسمين يمنح الدّروب عطره

فتغدو شذيّة فيحاء

والورد يعطي الحياة لونه

فتشرق الأكوان سحرا وبهاء

والحبّ قوس قزح يحملني كطفلة صغيرة ..

يطير بي إلى السّماء ..

وأحلم ككلّ الصّبايا ..

بفرح أسطوريّ ..

وتغنّج حوّاء ...

شيء يضرب رأسي

يليه شيء .. ثمّ أشياء ..

أستيقظ من ذهولي ...

أين الشّعاع المتكسّر ؟

أليس لهذا الدّرب انتهاء ؟؟

أين أنت ؟

لم تركتني أتخبّط في الظّلمة وحدي ؟

لم تركتني أخبط في اللّيل خبط عشواء ؟

أين يدك تشدّ على قلبي ؟

أين الأمان ؟

أين الاحتواء ؟

لماذا جنّ اللّيل سريعا ؟

أليس الحلم مشروعا لمثلي؟

أليس الحلم حقّا من حقوق الأشقياء ؟

__________________

( ربيعة محمد مارس / تونس )

ماي 2021