top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

حَـدِيـثُ الـمِــخْـلَــعَـةِ قصيد للشاعر عبد العزيز الحاجي



( المِخْلَعَةُ آلَةُ تَعْذِيبٍ في العصورالغابرة كانت الضّحِيَّة تُطْرحُ عليها ثُمّ تُخلَّعُ تخليعًا بعد أن تكون أطرافها قد شدّت إليها من الجهتين بأكثر من وثاق ) .

اليَدُ الطُّولَى يَدِي فَاسْتَقِلُّوا مَا اسْتَطَعْتُمْ سُوقَكُمْ فِي غَيْبَتِي وَ اعْرُجُوا أَنَّى قَدِرْتُمْ تُبْصِرُونِي زَاهِيًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَسْمُو سُمُوَّ الفَرْقَدِ!

وَ شِهَابَانِ هُمَا عَيْنَا يَ : وَاحِدَةٌ عَلَى أَمْسِي الذِي وَلَّى وَ أُخْرَى لَمْ تَزَلْ تَجْلُو طَرِيقًا لِغَدِي ...

مَرَّ مَا مَرَّ مِنَ العُمْرِ كَثِيرٌ وَ رَمَادِيٌّ .. جِزَافًا؟! بَيْدَ أَنَّ الطَّا ئِرَ الآبِدَ إِمَّا طَارَ أَغْرَتْهُ بِجِنْحَيْهِ رِيَاحٌ لَيْسَ تَصْلَى غَيْرَ نَارِ الأَبَدِ ...

طَائِرُ ( اليَامُونِ )1 وَعْدٌ بِرَبِيعٍ لَيْسَ يَبْلَى عَاذَنِي ـ إِذْ عُدْتُهُ ـ بِالسَجْعِ مِنْ غُمَّى المَناحاتِ وَ غَنَّى قَبْلَ أَنْ تَنْعَبَ غِرْبَانٌ وَ بُومٌ فِي ظَلَامٍ سَرْمَدِي ...

أَيُّهَا الوَعْلُ اسْتَبِقْنِي وَ أَلِكْنِي بِالصَّبَاباَتِ إِلَيْهِ صِحْتُ ، لَكِنْ أَيْنَ مِنِّي الوَعْلُ وَ اليَامُونُ فِي هَذَا الخَرِيفِ الرَّاكِدِ ؟!

قُلْتُ : هَذَا ظِلُّهُ زُغْرُودَةُ العَيْنَيْنِ فَلْأَرْكَبْ خَيَالًا مِنْهُ نَحْوَ مَسَالِكِي الأُولَى يَجِئْ بِاسْمِي الهَدِيلُ شَجًى يُسَبِّحُ فِي صَبَاحٍ عَائِدِ...

إِنْ تَكُنْ قَدْ أَقْفَرَتْ مِنْهُ البَوَادِي فَلَقَدْ أَرْتَجْتُ فِي سِرِّي عَلَيْهِ أَلْفَ بَابٍ مُوصَدِ...

قَدَرُ العَاشِقِ أَنْ يَحْيَا بِمَا يُصْبِي مِنَ الوَهْمِ رَضِيًّا ، نَاصِحَ الجَيْبِ ، وَ لَكِنْ رُوحُهُ لِلْكَمَدِ ...

إِيهِ ! يَا ( لَيْلَى ) التِي ضَاعَتْ كَثِيرًا ! كَمْ تُدِلِّينَ عَلَى حُسْنِكِ زَهْوًا! أَيْنَ مِنْ غَلْوَا ئِهِ صَبْرِي وَ صَبْرُ المُخْلِدِ ؟!

بَلِيَ الوَقْتُ سَرِيعًا ثُمَّ أَصْفَى وَ الأَمَازُونِيُّ ، مَنْخُوبَ الخُطَى لَمَّا يَزَلْ يَعْدُو وَ يَهْذِي قَبْلَ أَنْ يَعْيَا فَيَسْتَقْصِي عَلِيلًا : أفَلَا تَنْعَمُ هَذِي الرُّوحُ يَوْمًا بِمَقِيلٍ فِي ظِلَالِ الجَسَدِ ؟!

لِلْأَمَازُونِيِّ طِينٌ بَاتَ ـ إِمَّا صَارَ يُرْغِي ـ مُسْتَحِمًّا فِي نَثِيثِ الزَّبَدِ ..

عِنْدَمَا كَانَ أَلِيفًا لِلْيَمَامِ الحُرِّ فِي أَحْرَاشِ ( وَادِي الفُولِ ) 2 لَمْ يُعْوِزْهُ يَوْمًا أَنْ يَرَى فِي بَارِقِ الأَشْيَا ءِ ظِلَّ الأَبَدِ ..

وَحْدَهُ كَانَ الأَمَازُونِيُّ يَدْرِي سِرَّ أَنْ نَسْبَحَ فِي المَوْجَةِ مَرَّاتٍ وَ مَرَّاتٍ .. بِلَا عَدِّ ..

سَقْسَقَاتُ الطَّيْرِ فِي أَفْجَارِنَا إِذْ تَخْطِفُ الأَبْصَارَ قَبْلَ الأُذْنِ .. أَفْخَاخِي أُهَيِّيهَا لِطَيْرٍ بَاكِرًا يَنْسَلُّ مِنْ أَعْشَاشِهِ نَحْوَ السَّوَاقِي عَبَثًا يَنْشُدُ فِيهَا نُغْبَةً تُطْفِئُ غَيْمَاتِ الصَّدِي !!!

عَسَلٌ مُسْتَوْفِزٌ بَيْنِي وَ بَيْنِي فِي دُرُوبٍ مُتْرِبَاتٍ ، صَارَ ذَوْبَ المِلْحِ فِي حَلْقِي وَ بَاتَ المِلْحُ ذَوْبَ الصَّابِ يَسْرِي فِي دَمِي ... ضَاعَ مَا ضَاعَ نِهَا ئِيًّا وَ حَتَّى الأَبَدِ ...

أَيُّـــــــــــهَــــــا الــــــسَّـــــــــيْـــــــفُ الـــــذِي مِنْ بَعْدِهِ عَلَّقْتُ مِـــــــــــنْــــــــــــجــــــــــــلْ !!

رَكَدَتْ رِيحُ اليَمَامَاتِ فَلَا شَجْوَ وَ لَا أَعْرَاسَ تَسْتَرْفِدُ رَبَّاتِ الفُصُولِ، ارْبَدَّتِ الدُّنْيَا فَمِنْ رَمْضَا ءَ لَا تَهْجَعُ فِي صَيْفٍ نُحَا سِيٍّ إِلَى نَوْحِ الخَرِيفِ المُرِّ بَاتَ الوَقْتُ يَشْتُو لِسِنِينٍ مُجْدِبَاتِ المَوْرِدِ ...

كَمْ رَبِيعًا لَمْ يَصِلْ فِي زَحْمَةِ الأَيَّامِ وَ الغُمَّى إِلَيْنَا ، وَ نُذُورًا فَضَحَتْ آلِهَةً قَدْ خَذَلَتْنَا فِي رَبِيعٍ لَيْسَ يَبْلَى .. حَسَدًا أَوْ نِقْمَةً ، سِيَّانِ فَ " الإِنْسَانُ ذُو رَوْحٍ رَدِي " !!!

كُلَّمَا غَيَّمَ طَيْرٌ نَطَّ فِي الآفَاقِ وَعْلٌ وَ مَضَى أَبْعَدَ يُورِي حَجَرَ الذِّكْرَى بُرُوقًا لَاعِجَاتٍ بَاتَ مِنْهُنَّ الأَمَازُونِيُّ فَرْدًا يَتَنَامَى فِي كَثِيرِ العَدَدِ ...

هَا أَنَا أُبْصِرُ حَصَّادِينَ يَسْتَهْدُونَ بِالنَّجْمَةِ فِي آخِرَةِ اللَّيْلِ فُرَادَى وَ جَمَاعَاتٍ إِلَى ضَيْعَاتِهمْ أَسْمَعُ صَيْحَاتِ أَبِي تَدْلُقُهَا الظُّلْمَةُ فِي أُذْنِي : أَفِقْ يَا وَلَدِي ! هَلْ رَجُلٌ غَيْرُكَ لِلْبَيْتِ وَ لِلْهِمَّةِ مِنْ بَعْدِي؟؟؟!!!

بَيْتُنَا مِنْ لَبِنٍ كَانَ وَ خُوصًا سَقْفُهُ كَانَ وَ مُذْ أَوْدَتْ بِهِ النِّيرَانُ لَمْ أَطْرَبْ إِلَى سُكْنَى وَ لَمْ أَقْطَعْ طَرِيقًا سَالِكًا فِي عَتْمَةِ الأَيَّامِ بِي يَوْمًا إِلَى مِيرَاثِ جَدِّي...

فَأَغِثْنِي أَيُّهَا المَاضِي أَغِثْنِي بِمَرَايَاكَ التِي تَحْدِسُ أَنْوَارَ غَدِي وَ أَضِئْ رُوحِيَ إِمَّا أَعْتَمَتْ يَوْمًا فَهَذَا الوَقْتُ لَيْلٌ حَالِكُ الظُّلْمَةِ يَعْدُو فِي فَضَا ءٍ أَجْرَدِ ...

قَدَرُ الشَّاعِرِ أَنْ يُولَدَ مَشْبُوحًا عَلَى مِخْلَعَةٍ هَيْهَاتَ تُجْدِي رُقْيَةٌ أَوْ بَلْسَمٌ فِي دُهْنَةِ الطَّيْرِ!!! سَلَامًا أَيُّهَا اليَامُونُ يَا تِرْبِي! سَلَامَ النِّدِّ لِلنِّدِّ !!!

وَ سَلَامًا أَيُّهَا الظِّلُّ سَلَامًا يَا خَيَالًا مِثْلَمَا الرِّيشَةُ يَهْفُو فَوْقَ رَأْسِي ، غَرُبَتْ شَمْسُ الرُّؤَى أَمْ أَشْرَقَتْ أُشْعِلُهُ حَتَّى أَرَانِي سَابِحًا فِي مَهْمَهِ الوَجْدِ !!!

يَسْطَعُ الشِّعْرُ قَرِيبًا صِنْوَ ظِلِّي أَوْ بَعِيدًا مِثْلَمَا الشِّعْرَى سَوَا ءٌ كَذَبَتْ كُلُّ الثَّنَايَا وَ هُوَ القَوْلُ نَجِيٌّ وَاحِدٌ أَوْحَدُ يَسْتَهْدِي بِهِ الحَادِي وَ يَهْدِي . *** الهوامش : 1 ـ هو طائر الياموم ، ذكر اليمام الذي كنّا حفِيّينَ به في صغرنا مع قدوم الرّبيع. 2 ـ هو( وادي الفُؤُول) : رافد من روافد( وادي زرود) يَمُرّ أمام بيْت الطُّفولة . +++ من كتابي ( غَميس اليمام ) سنة 1997 .

10 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page