مصابون بالعتمةِ الأنقياءُ
مصابون بالرّيحِ
هم المارقون بقلبِ النّهار انشطاراً
و هم إذ يدسّون في الرّملِ أحلامَهم
يبيعون أشياءهم للرّحيل
لماذا نخبّئُ أسماءهم في الشّقوقِ
و كيف هي الرّوحُ تسكنُ عند الضّبابِ
ولا تشتهي ريشَها لتطيرْ
و كيف لنا أن نربّي فراخَ الكلامِ
لتكبرَ أصواتهم فرحاً
وكيف لتلكِ الظّلالِ الكسيحة أن تستجيرْ
مصابون بالمحوِ لا أرضَ ترصدُهم غير جبٍّ
تبقّى من اللّعنةِ المشتهاة
لهم ندباتٌ بكلّ سماءِ إليها استباحوا الغياب
وهم ينثرون على الجرحِ ملحاً ولا يُجرحون
و حين أتوا في الهزيعِ الأخير لليلِ اللّغات
تناستهم الأغنياتُ وغابتْ صباحاتهم في السّكات
مصابون بالطّرقِ الأنقياءُ
وهذي خطاهم تئنُّ بوادي الرّعاةِ
و كلُّ العصيّ تهشُّ خرافَ الكلامِ
لئلا يذوبُ النّعاسُ بأحداقها
ومن سدرةٍ في الضّياءِ يطلّون كلَّ انكسارٍ
لتحنو عليهم نوافذُنا المقفلةْ
اللأنقياءُ يبيعون أسرارَهم للغرابِ الدّخيلِ
فتزهقُ في الحفرِ الأحجياتُ
وينساهم الأخوةُ الطيّبون
مصابون بالعطرِ كانوا وكانتْ شفاهُ الغريبِ
تراودهم عن خطاهم
ولكنّ في القلبِ تعويذةٌ للرّحيل
تهيّئُ فتحَ الشقوقِ الصغيرةِ في الملكوتِ
لهم شمسُهم
لهم بعضُ تلك الشّبابيكِ يسكنُها
صدأُ الأمنياتِ
لهم إذ مشوا بعضُ تلك المواعيدِ تكتبهم
لهم في الخطايا احتراقاتُهم
ولي عطشُ الأولين يضيعون حتّى تحنَّ الصحارى الى غيمِهم
ولا ينضبُ الموجُ فيهم ولا يحزنون
(من كتاب «ظلال لامرأة واحدة» )
هندة محمد
Comments