بيان "شعراء غاضبون"
على هامش الدورة الثانية لأيام قرطاج الشعرية من 22 الى 29 مارس 2019
* موجّه الى السيد وزير الشؤون الثقافية
* نسخة للإعلام الى السيد رئيس الحكومة
نحن الموقّعين أسفله، شعراء وكتاب ونُقّاد من كافة أنحاء ولايات الجمهورية التونسية، وتحت شعار "شعراء غاضبون" نُصدر البيان التالي والذي نحمّلهُ آراءنا وموقفنا ورؤيتنا حول هذه التظاهرة الثقافية التي خيّبت انتظارات المئات من المبدعين والكُتّاب، وما اعتراها من نقائص وضعف وإخلالات وسوء تصرّف على مستوى الشكل والمضمون وضحالة الأثر الثقافي. ونحن لا نُلفت انتباهكم لهذه النقائص بدافع القدح في الجهد المبذول بل لنقترح رؤية بديلة تلبي فعليا وإجرائيا حاجة الجهات من التنمية الثقافية وتجسّم التوجّهات الثقافية الكبرى التي لا نشكك في عمقها التنموي ولكن للأسف تشكو الوهن والضعف والانحسار على مستوى الممارسة الواقعية. ونشير هنا الى النقاط التالية:
1- إن أيام قرطاج الشعرية التي بعثت بمبادرة من وزارة الشؤون الثقافية سنة 2018،كانت حلم عديد الادباء (شعراء.. نقاد.. فنانين..) وكادت تكون حراكا ثقافيا وطنيا شديد الأثر في كل أرجاء البلاد، غير أنه برزت لنا منذ الدورة التأسيسية نزعة إقصائية "ممنهجة" إذ تعمد مديرة التظاهرة الاستاذة جميلة الماجري إلى اختيارات مزاجية وذاتية في برمجة اسماء المشاركين، وهي اعتبارات غير شعرية، بل تتعلق بتكريس شلَلِيَّةٍ واضحة مبنية على مبدإ النفعيّة وخدمة "الأجندا الشخصية" للمديرة من خلال تكرار عدد من الأسماء بعينها على مستوى المشاركة الشعرية العربية والتونسية وفي مستوى إسداء الجوائز الأدبية والتكريمات
2- الاستئثار الكلّي بالبرمجة وعدم اعتماد أسلوب اللجان كعمل تحضيري قاعدي وانعدام المشورة وانتقاء الادباء حسب سيرهم الذاتية ورصيدهم الأدبي و درجة حضورهم في الساحة الوطنية والدولية في اختيار المشاركات، وعدم اعتماد أسلوب إداري تشاركي مع الهيئة المديرة. مما أسقط البرمجة في المحسوبية والضبابية وعدم الوضوح من ناحية. وصدمتنا حدذ الذهول بإبعاد المئات من الشعراء من ولايات الجمهورية خصوصا ممن أصدروا عشرات الدواوين الشعرية والكتب النقدية وشخصيات لها بصماتها في الثقافة الوطنية وأيضا إشعاعها في الحيّـز الجهوي والمحلي.
3- بدا لنا واضحا أنَّ مديرة أيام قرطاج الشعرية خالية الذهن من استراتيجيا ثقافة الادماج التي أقرّتها الوزارة خدمة للجهات الداخلية من ناحية واستجابة للفئات المهمشة والمنسية ،وليس لها أدنى إدراك بأهداف البرنامج الوطني مدن الآداب والكتاب الذي اطلقته وزارة الشؤون الثقافية منذ 2017 والذي يربط سياسة تنمية الكتاب بمضامين التظاهرات الأدبية. إذ أنّ عدد الاصدارات بالنسبة للكتاب ليس معيارًا لديها لاستضافة شاعر أو ناقد ينشط في الساحة من عشرات السنين، وهو من الاخطاء المعيارية الفادحة أن لا تربط مديرة الأيَّام الشِّعرية بين أبعاد تنمية الكتاب وتثمين الانتاج المقروء وبين مبدإ التكريم والاحتفال الأدبي. مما يجعل اختياراتها المنحصرة في أقلام بعينها من جيل معين ومن ذائقة معينة، مما يخرجها عن مبدإ الإنصاف والحياد وعدم انتهاجها معايير ثقافية موضوعية ومنطقية مما يجعل اختياراتها انفصامية لا تعكس حقيقة المشهد الادبي التونسي بكل تفاعلاته و تمظهراته.
4- غياب معايير قانونية واضحة في خلاص الشعراء والكتاب ومقاييس اسناد منحهم ففي دولة القانون والمؤسسات وضمن مبدإ شفافية الإدارة لا يجوز التمييز بين الأدباء في مستوى اسناد هذه المنح. وقد لاحظنا منذ الدورة الاولى تفاوت المبالغ المسداة للشعراء وحرمان البعض من هذه المنح أصلا. والمفروض تقنين هذه التراتيب الادارية على مستوى التعاقد لإضفاء الانصاف والشفافية المالية عند اجراء الخلاص.
5- ما نستغربه هو استئثار أسماء بعينها بالتكريم وإسداء المكافآت فما الجدوى من تكريم شاعر يكرّم منذ أربعين سنة بكل ولايات الجمهورية وتطبع كتبه تكرارا ومرارا بلا حساب؟ في حين نرمي عرض الحائط أجيالا من الشباب المبدع في الجهات؟ مئات من الكتب والدواوين الشعرية تستحق ابرازها وتكريمها في حركة للنهوض بالكتاب الشعري ابداعا ونقدا وترجمة...وغياب أي معرض للتعريف بكتب الشعراء والاصدارات الجديدة. والقفز على التجارب الشعرية الشبابية والموجة الجديدة للشعراء المعاصرين، والتحنّط في تجارب أدبية معيّنة باعتماد الذّوق الشخصي والشخصي فقط.
6- تفتقد الأيام الشعرية بشكلها الحالي الى رؤية ثقافية وطنيّة تنسجم مع توجهات وزارة الشؤون الثقافية، وعدم تركيزها على تثمين الإبداع الوطني الذي تزخرُ به مختلف جهات البلاد والذي لا يحظى بفرصة الحضور مما يُخلّف إحساسا بالمرارة والحيف والإقصاء والتهميش، وعوض أن تكون أيام قرطاج الشعرية عَونًا على تلطيف الأجواء والانخراط في تحديات التنمية الثقافية الوطنية في سياق توجهات الحكومة تلبية لحاجيات المرحلة الانتقالية للبلاد تناغما مع مبدإ دمقرطة المشاركة الثقافية، تكتفي المديرة بتكريس مشهد احتكاري للشعر وللشعرية وبأساليب عمل "ماضوية " مُتَكَلّسَة ،وإهدار أموال المجموعة الوطنية في بهرجَة فارغة وفي مشاهد فلكلورية لا تخدم الاختصاص الأدبي ولا تصنع الاضافة لشعراء الوطن خصوصا من تجاهلتهم لسنوات المنابرُ وصُعِّرَت دُونهم المصادحُ والأضواءُ مع سبق الاضمار، مما عمّق الشعور بالغُبن والحرمان لدى قطاع واسع من الكتاب والمبدعين من شتى أجيال الكتابة.
7- حاجة الساحة الأدبية الى رؤية وطنية تجسّم خيارات الوزارة والحكومة الحقيقية وتذهب الى الأعماق ولا تكتفي بثقافة "الفترينا" والتشريفات حتى نتصالح مع المرحلة وأصوات شباب تونس المبدع الذي عانى لسنوات من حيف البرجوازية الثقافية الاستئثارية، وحتى نتناغم مع روح الثورة ومعركة التنمية التي تنخرط فيها مؤسسات الثقافة وهياكلها وإلا فإنّ توجهات وزارة الثقافة ستظل مجرّد عناوين وشعارات غير قابلة للتحقق. إن دعوة الشعراء التونسيين تحت عنوان مشاركة النوادي والصالونات الادبية في أيام قرطاج الشعرية مثَّل جزءً من تهميش هؤلاء الشعراء بشكل أو بآخر لأنّ أنشطة النوادي الأدبية مجانية ودون إيلاء الاهمية والقيمة للأسماء المشاركة بحشدها شعريّا في لقاءات صباحية يغيب فيها الجمهور وهي من باب ذرّ الرماد على العيون وهدفها ملء جداول إحصائية للمشاركين في التقرير النهائي الذي يرفع للوزارة. وهو امتصاص واهِمٌ لغضب الساحة الشعرية التونسية والتغطية على النَّقص الحاصل في المشاركة التونسية.
8- تحتاج أيام قرطاج الشعرية الى رؤية وطنية في التعامل مع الانتاج الشعري وتثمينه، وقد لاحظنا غياب وسائل الاعلام. أين هو الأثر الاعلامي لهذه الأيام؟ وهو مايدُلُّ على ضآلة حجم العمل التسويقي للتظاهرة. كان يفترض وجود أفكار ومبادرات ركحية وأشكال فرجوية وكوريغرافية جديدة بالاستعانة بالفنون الاخرى، لتقديم الشاعر والمبدع والاستعانة بخبراء وتقنيين في الغرض .وهذا يؤكد أن حجم العمل منقوص ولاحظنا الحيز الضئيل من الوقت في الاعداد والدي لا يتجاوز فعليا الشهر وليس هناك عمل على التصوّر المشهدي والابداعي للأيام والتي تستحق جهدا أكبر وموسوعيةً في النظرة الفنيّة والاستفادة من تجارب البلدان الشقيقة والصديقة.
9- كان بالإمكان على غرار أيام قرطاج السينمائية أو المسرحية أن تمتدَّ فعالية الايام الشعرية الى الجهات والى فضاءات غير اعتيادية كمراكز الادماج وفضاءات تربوية وفضاءات مفتوحة لكسر مركزية الاثر الثقافي للأيّام وبلورة أكبر وأعمق وأجمل لفن الشعر كعامل تغيير سوسيو-ثقافي وتجسيم رؤية وزارة الاشراف من ناحية اخرى.
10- أيام قرطاج الشعرية و"فوبيا الجمهور" تظاهرة بتمويل ضخم لكن بلا جمهور بغض النَّظر عن الافتتاح الرسمي فإنّ أيَّام قرطاج الشعرية تعاني نفورًا من جمهور الشعر وهذا طبعا من ثمرات الإقصاء والإخلالات التنظيمية ومقاطعة مئات الشعراء والمبدعين لهذه التظاهرة وما يرافقها من لغط ومحسوبية وشبهات فساد، وضعف الزخم الإعلامي الكبير في التعريف ببرنامج الدورة وعدم توفر أيّ طرافة باستثناء الجانب الفولكلوري في"عرض السامور" أو العرض الافتتاحي للفنان عبد الرحمن العيادي.
وبناءً على ما تقدم ووفق الحصيلة الهزيلة لدورتين من أيام قرطاج الشعرية، وإنصاتا للشارع الثقافي الغاضب، وتفاعلا مع الاصوات الادبية التي تتعالى في عديد ولايات الجمهورية فإننا ندعو معالي وزير الشؤون الثقافية لإقالة السيدة مديرة أيام قرطاج الشعريّة للضعف الفادح في حصيلة عملها على رأس هذا المهرجان الكبير ، الذي يحتاج رؤية أكثر وطنية وأبعد نظرا من حيث الرؤية الفنيّة والاجتماعية ومن حيث توسيع رؤية الأثر الثقافي والتنموي فمن يتعالى عن الاهداف التنموية والاستراتيجية للدولة خدمة "لأجندا شخصيّة" في دورتين كاملتين ومن يُقسّم السَّاحة الأدبية ويدفعُ بمواقفه واختياراته المبنية على التجاهل والإقصاء الى الاحتقان الثقافي في الساحة الأدبية التونسية وإثارة مشاعر الغضب والغبن والظلم. كما أنّ من تعطي دروس في "التعفّف الشعري" في حين تستفرد هي وبعض بطانتها بأجور لا تعكسُ صراحةً حقيقة الجهد المبذول. إضافة لتحنيط المشهد الأدبي التونسي في الأسماء نفسها وفي الأشكال الثقافية نفسها دون إضافة أو تجدد. بناءً على كل هذه المبررات نلتمس من عنايتكم إعفاءها وتعيين مدير جديد للدورة الثالثة لأيّام قرطاج الشعرية تتوفر فيه معايير الكفاءة الادارية وسعة الاطلاع ومواصفات المهندس الثقافي الملمّ بالسّاحة الأدبية، والوعي بمتطلبات المرحلة، والقادر على تجسيم توجهات الوزارة والحكومة في هذا المجال و أهمّها الإنصات الى الجهات الداخلية وتوسيع دائرة الأثر الثقافي والقدرة المنهجية على استيعاب كل الاجيال وتقديم أفضل التجارب وترجمة الحراك الثقافي الوطني الحقيقي باعتماد المشورة وتوزيع المهام حسب الكفاءة والاقتدار على لجان إعداد متخصصة وحسن تجميع المعطيات وقراءة الواقع الثقافي المتحرك بفطنة وذكاء وبحياد فكري وذوقي وتحقيق ما تيسر من الانصاف والعدل في إسناد الفرص والتوزيع العادل لإمكانيات الدولة المتاحة في هذا المجال. وإذ نطالبكم بإلحاح بإصلاح أعطاب هذه الأيام الشعرية نرجو من الوزارة تفهم هذا الغضب والاحتجاج في عمقه الاستحقاقي والمسؤول والأكيد أنكم ستنصتون بحكمة وتعقل لأصواتنا الصادقة. مع التقدير الخالص لجهد كل من أخلص...
الموقعون أسفله :
- منير الوسلاتي* تونس
- سيدة عشتار بن علي
-عماد الزغلامي. الكاف
- الحبيب الميساوي. سبيطلة القصرين
- شكري السلطاني- نابل
- عمار العوني - القصرين
- بشير الشيحي- سوسة
- محبوبة خماسي* المنستير
- عمر سبيكة* بن عروس
-عبد الحفيظ سويد- المنستير
- ضحى بوترعة- القصرين
-محمد السبوعي
-نوري قم ..
.-ريم عيساوي
-اسمهان اليعقوبي
-الفاضل الشريف
نجوى السالمي
حياة اليعقوبي
بوبكر العموري
عادل الهمامي
خير الدين الشابي
منور عزيزي .
صلاح الورتاني
شريف محمود العرفاوي
حبيبة مالكي .
منيرة غانمي .
خديجة ماجد ..
.شريف محمود العرفاوي...
علي مباركي ..
نجوى النوي .قبلي
{القائمة غير منتهية بل هذه فقط عند النشر}
Comments