أيها الشحرور المحاصر بوجوه حاقده، رياح تضرب حصون وجنتيك الصامده، العيون تذرف دموع الأيام الجائره ، مهزوم.. مكسور ...والنفس حائره ، تموت في شفاهك بسمة ناعسه...
في وطني يحتضر الشحرور الأصفر ، يموت على سعف النخل الأخضر ، صار حزينا كئيبا لا تغريد ولا وتر ، صار ليله مظلم في غياب القمر... شحرور تائه في شوارع المدن ، مشرد ينام على الرصيف ، جائع تائه لا يملك رغيف، يمشي هائما شتاء وصيف ، الرجل حافية والجسم نحيل ضعيف...
أيها الشحرور صرت طفلا محاصرا، ليلك مرعب وأحلامك تندثر... لا مأوى لا سكن سوى الشجر... ضباع خلفك تشتم روائح الدم ، بين الركام رعب وأصوات تنفجر ، تطاردك الوحوش لا تملك مقر ! أين الهروب...أين المفر ؟ الوجه مغبرّ ما عاد العشّ حصين ، ما عاد في القلب عطف وحنين ... ألم يستفز شكلك أصحاب القيّم ؟ ألم ترى فيك العيون مظاهر الألم ؟ ألم يستيقظ في القلوب حسّ النّدم ؟
كيف تتعلم من مرتزق حب الوطن ؟ وأنت تعيش منذ الصغر أنواع المحن؟ كيف تتعلم من خائن الشهامة والهمم ؟ يا عيون الطفولة، يا عيون الصفا، في وطني صرت مثل الغريب ، مات في بلدي مالك الحزين !!!! تراكم الغبار على خدود الياسمين ، وغاب التغريدة في البساتين... تعمّق الجرح واغبرّ السُوح ، قتلوا فيك الإحساس والرّوح... أطفأ شمع عمرك الإعصار، وحملك بين ركام الطوفان ، وحلمك تاه مع التائهين.... تحطم البيت ...هدم الجدار... واصبح الأيك حزين..... خطأ أن تولد في هذا الزمان ، أيها النازف دمعا، واقف بين الدمار ، لا تعرف أين المسار ، من دهشة وألم ، صرت أبكم أصم، جامد كالصنم....
حمادي العرابي *** سوسة / ديسمبر 2016 ***
Comments