كان امرؤ القيس ، ملكُ العرب، انيقاً
شاعراً غزِلاً
النساءُ أحببْنَه ، وشُغِفْنَ به .
لكنه تبدّلَ ، بغتةً ، ذاتَ ليلةٍ .
عافَ مملكتَه وأهلَه
ولبسَ لبوسَ الدرويش ، مترحِّلاً.
الحُبُّ نزعَ عنه الملوكيّةَ
وقادَه إلى " تبوك" ، حيث اتخذَ الطابوقَ عملاً .
بلغَ خبرُ امريء القيس ، ملكَ " تبوك " فمضى ، ليلاً ، يلقاه
وقال له :
" يا ملِكَ العرب ، يا مَن في حُسْنِ يوسف ،
يا ذا المملكتَين : إحداهما أرضٌ ، وثانيتُهما حِسانٌ
يُشَرِّفُني أن تختار مقامَكَ معي .
لقد تخلّيتَ عن الممالكِ ، لأنك تتطلّعُ إلى ما هو خيرٌ من الممالك " .
ومضى ملكُ تَبوك ، يُثْني على امريء القيس
ويتحدّثُ عِلْماً وفلسفةً .
امرؤ القيس ظلَّ صامتاً .
وفجأةً ، مال على الملِك ، وهمس في أُذنه ...
وفي تلك اللحظة
في تلك اللحظة ، صار الملكُ درويشاً أيضاً .
خرجا من البلدةِ ، يداً بِيَدٍ
بلا أنطِقةِ مُلْكٍ ، ولا عروش.
هذا ما يفعله الحبُّ ، ويظلّ له فاعلاً .
عند الكبار ، للحُبّ طَعمُ العسل
وعند الصغار ، للحُبّ طَعمُ الحليب .
الحُبُّ هو آخرُ وَزْنةٍ يمتليءُ بها الـمَرْكبُ .
وهكذا ، طوّفا في الصين ، مثل طَيرينِ ينقرانِ الحَبَّ
كانا شحيحَينِ في الكلام
فالسِرُّ الذي يُكِنّانِهِ خطيرٌ .
لو باحا بهذا السرّ ، أطاحا بمائة ألف رأس ، في ضربةٍ واحدةٍ .
سَبُعُ الحُبّ يرعى في مراعي الروح
بينما سيفُهُ الخَفِيُّ يقتربُ .
أن تٌقتَلَ به ، خيرٌ من أن تحْيا .
كلّ ما يريده الجبَروتُ
هو هذا الضَّعف .
هكذا كان الملِكان يتكلّمان همساً .
اللهُ ، وحده ، يعرف ما قالا .
يقولان ما لا يُقالُ .
لغة الطير .
لكنّ قوماً قلّدوهما ، وتعلّموا قليلاً من نداء الطيور
فصاروا ذوي شأنٍ .
تمّت الترجمة في لندن بتاريخ 23.03.2019
Commenti