أُسْوَةً بِنَبِيٍّ
وَ تَيَمُّنًا بِفَرَاشَةٍ
لَا أَرْغبُ فِي أَنْ تُطَوِّحَ الأيّامُ بِزَهْرَةِ حَتّى أَرْذَلِ العُمرِ..
فَقَطْ .. أُرِيدُ أَنْ أَحْيَا مُتَحَفِّزَ الرّوحِ وَ الأظافِرِ كَيْ أَفُوزَ بِقِسْمَتِي مِنْ هَذَا الرَّحِيقِ الْمُقَدَّسِ
أَتَمَهَّقُهُ تَارَةً ، وَ طَوْرًا أَعُبُّهُ عَبًّا كَمَا لَوْ كُنْتُ اثْنَيْنِ فِي وَاحِدٍ :
مِهْيَافَ جَزِيرَةِ ( كْرِيتْ )*
وَ ( عِمْلَاقَ مَارُوسِّي )**
مَكتُوبَةٌ عَلَيْهِمَا ــ عَلَيَّ ــ
لَعْنَةُ الاسْتِسْقَاءِ حَتَّى الأَبد!!
مَحْكُومًا بِالْعُطَاشِ أُرِيدُ أَنْ أَحْيَا
حَتَّى إِذَا خَذَلَنِي النَّهَارُ غِيلَةً
كَانَتْ جَمِيعُ أَسْلِحَتِي الحادَّةِ وَ الأَنِيثَةِ قَدْ دَمَرَتْ تَمَامًا ...
أُرِيدُ أَنْ أَعِيشَ حَتَّى لَا بَصَرَ
لِفَرْطِ مَا حَدَّقْتُ فِي الشَّمْسِ وَ أَحْصَيْتُ نُجُومَ الْقَوَائِلِ
لِفَرْطِ مَا اهْتَبَلَتْ نَاظِرَيَّ بُرُوقُ الزَّوَابِعِ الرَّعْدِيَّةِ
وَ الْخَلَائِقُ الْخُلَّبُ ...
أُرِيدُ أَنْ أَعِيشَ حَتَّى لَا سَمْعَ
لِفَرْطِ مَا ارْتَنَّ فِي أُذُنَيَّ مِنَ الْأَصْدَاءِ الْخُضْرِ لِأَبْكَرِ الْأَصْوَاتِ وَ الْهَسْهَسَاتِ
قَبْلَ أَنْ يَعْبُرَهُمَا دَوِيُّ الزَّلَازِلِ وَ البَرَاكِينِ ...
أُرِيدُ أَنْ أَعِيشَ حَتَّى لَا نَكْهَةَ
لِفَرْطِ مَا دَوَّخَتْ نَفَسِي الأَطَايِيبُ
حَتَّى لَا قُدْرَةَ عَلَى الْجَسِّ وَ الْمَسِّ
لِفَرْطِ مَا جَمَّشْتُ وَ جَمَّشْتُ ...
حَتَّى لَا مَذَاقَةَ لِفَرْطِ مَا اخْتَلَجَتْ شَفَتَايَ وَ اللِّسَانُ
وَ أَنَا أَهُمُّ بِالتِّينِ وَ التُّوتِ مَرَّةً
وَ بِالْأَصْدَافِ وَ المَحَارِ مَرَّةً أُخْرَى
فَلَا تَوْبَةَ
كَلَّا وَ لَا رَوَاءَ!!!
أُرِيدُ أَنْ أَعِيشَ ضَيْفًا غَيْرَ حَيِيٍّ
عَلَى وَلِيمَةٍ عَابِرَةٍ
يَعْقُبُهَا خَدَرٌ لَذِيذٌ
يُفْضِي إِلَى مَا يُشْبِهُ السُّبَاتَ
فَمَا أَهَمِّيَّةُ أَنْ أَفُوتَ أَخِيرًا ؟!
وَ هَلْ أَكْثَرُ مِنْ فُتَاتٍ
يَبْقَى لِلطُّفَيْلِيِّ بَعْدِي عَلَى خِوَانِ الْحَيَاةِ ؟؟!!!
* زُوربَا : ( نيكوس كزانتزكي )
* عِملاق ماروسّي ( هنري ميلّر )
مِنْ كتابه ( لِلْبَيْتِ رَبٌّ يَمْحِيهِ ) .
Comments