الشاعر عبد العزيز الحاجي في السليمانية
يقرأ من مجموعته الجميلة *للبيت رب يمحيه*
الكورونا وجدت من يتحداها في قلب مدينة تونس العتيقة.. انه نادي الأدب التابع الى جمعية ابن عرفة بالسليمانية قرب جامع الزيتونة َو نادي الأدب قرر أن لا يصمت خوفا... . بل فتح أبوابه للشعر وأصحاب الشعر.. طبعا مع شيئ من الحذر.. والتزام الكمامة احيانا بالنسبة لأشخاص مثلي غدره العمر..وبدأ بغرس أنيابه فيه.... ولولا محبتي للشعر ما غادرت البيت
رئيسة النادي السيدة سونيا عبد اللطيف المعروفة بهمس الموج.. دعتنا الي ندوة الافتتاح خصصتها للتعريف بالكتاب الجديد للأديبة والباحثة الصديقة ريم العيساوي التي عرفتها منذ الثمانينات وغابت مدة زمنية طويلة إذ سافرت للعمل في الخليج.. فكادت تستوطن الامارات.. وتتركنا دون ريم وهناك نشرت الكتب.. واندمجت في الحياة الثقافية واصبحت عنصرا فاعلا هناك وكتبت عن المبدعات هناك لكنها مثل الطير يعود إلى فضائه.دائما . عادت وهي تعمر تونس بحضرها القوي متذ بضعة سنوات.. واكدت حضورها.. وها هي تخرج لنا كتابا عن الجسد في قصائد الشاعراتت التونسيات مثل زبيدة بشير.. ونجاة العدواني وفاطمة الدريدي وسميرةالكسراوي . وحياة بن الشيخ... وقد تولي تقديم الكتاب في الجلسة الأولى قبل اسبوع الشاعر أبوبكر العموري فابدع في تقديمه.. فلن ننسى الكتاب ولن ننسى التقديم.. وطبعا لن ننسى الصديقة ريم العيساوي..
و في يوم الثلاثاء الماضي كان اللقاء الثاني مع الشعر... ودعتنا مرة أخرى السيدة سونيا عبد اللطيف للتمتع بشعر ضيفها الأستاذ الشاعر عبد العزيز الحاجي بمناسبة صدور مجموعته الشعرية الجديدة..والتي أعلن من البدء انها جميلة * للبيت رب يمحيه * لست مخطئا... نعم عنوان الكتاب يصر على كلمة *يمحيه* ولا يحميه.. و للأستاذ الحاجي أسبابه... وهو حر في عنوانه الذي وجدته شخصيا عنوانا جميلا.. معبرا وعتبته تفتح على أبواب عديدة ووراء كل باب سر ثري بالمعاني ...
وقد تولي تقديم المجموعة الشاعر والناقد البوراوي بعرون... وقد اوفي الكيل في التقديم.. ونال إعجاب الكثير من الحاضرين الذين كانوا بعدد محترم قياسا للظروف الصحية التي تعيشها البلاد.. و قياسا لوضع الشعر الذي نعيشه فالاقبال عليه لم يعد كبيرا.. وأمسياته لا يشد إليها الرحال...
وأعتقد أن الجمهور كان يمكن أن يكون كبيرا لولا هذه الظروف الصحية.. لكن الظروف الصعبة الندوات الخاصة بالشعر والشعراء لا تنطبق عليه لأن الأستاذ الحاجي محبوب جدا لاخلاقه العالية.. ولمحبته للأدب والأدباء في تونس .. ولعلاقاته الطيبة مع الجميع.. وتاريخه الطويل مع الساحة الثقافية .. أضف الي ذلك طبعا دون أن ننسى الأساس وهو أن شعره مهم.. يصدر عن رجل يتقن فن الشعر الموزون.. و يعرف كيف يقدم لنا قصيدة النثر فيما بعد حداثتها... ولا يفرتني أن اذكر هنا اني عرفت سي عبد العزيز الحاجي منذ بداياته الأولى.. ورافقت تجربته منذ ثلاثين سنة... وربما اكثر بقليل.. وقد أكون رافقته منذ كان طالبا.. الى أن التحق بالجامعة أستاذا.. فهو يجرب الشعر.. ولا يتركه على عواهنه.. فهو يشتغل عليه.. ويختار قصيدته.. وينحتها نحتا. وأصدر عدة مجموعات شعرية ولكل مجموعة موضوع. معين أتقن صياغته.. فهو يرتحل من تجربة الي أخرى وكل تجربة تمحو التي قبلها.. لتتعمق في تجربة أخرى.. والمحو هنا حسي.. وليس ماديا.. فالمجموعة تبقى.. والتجربة تنجح لكنه إذ يتجاوزها فهو يعلن محيها كما جاء به العنوان .*. للبيت ربا يمحيه...*.... وقبل أن اشكره. واشكر من ضيفه.. أضيف شيئا هو عندي مهم وهو أن سي الحاجي من جهة القيروان.. وتعرف على الشعراء الذين زينوا القيروان بابداعاتهم منذ مطلع السبعينات وهم محمد الغزي و المنصف الوهايبي وجميلة الماجري... و البشير القهوجي.. ومن الطبيعي أن يكون شاعرا إذ درس على أيدي البعض منهم.. و اكتشفوا موهبته مبكرا... ومن المؤكد انهم فتحوا له الدرب.. ومن سار على درب القيروان وصل.....
اذن كانت الجلسة جميلة.. وتمتعنا بشيد من شعر شاعر مثقف.. وتحربته غنية وصوته موعود بالشعر فلا صراخ ولا بكاء.. ولا محاولة للتأثير في السامعين بالطبلة اللفظي والمزمار الحلقي... فهي قراءة لها فرادتها.. وجماليتها..
وللعلم ان الشاعر سوف عبيد المسؤول عن جمعية ابن عرفة.. دعا الحاضرين الي قرادة الفاتحة على روح اديبين رحلا خلال الأسبوع المنقضي وهما الروائي والناقد الكبير صلاح الدين بوجاه من القيروان .. والشاعر والإعلامي الحبيب الهمامي. المقيم في الساحلين وهو زوج الشاعرة راضية الهلولي...
محمد بن رجب
Comments