الى صموئيل شمعون.
لا جدوى من الشعر، لكنه يستطيع تكثيف غبطتنا بالوجود .
الشاعر الإيطالي إميليو بيكُّلو
1
كُلّ ميت في الأرض هو أنا ولا أستطيع أن أتجرَّد
مِن احساسي بالنَدم على انتمائي لزُمرة الفانين.
الرَغبات تَزولُ إلاّ الرَغبة في المَوت، ويتعذَّر
دائماً ازاحة التشاؤم مِن جنحة القدوم الى ظلمة
العالم. هذا التباين بَين عُمر الحجارة وعُمر الانسان،
يُولِّدُ لديّ الحَسرة وميراثي قليل مِن الأيَّام.
2
آوى الغَريب الى قَبره وتيَّقَن انَّهُ سيتحلَّل ويزولُ
عَن وجهه الجَميل الوَرق الأخضر للزَمَن،
بلا كرامة أو غُفران.
هَل الزَمن هو ما نُسمّيه المُدَّة التي تعدّها الحَركة؟
لا المدّ ولا الجزر.
الأعلى والأسفل.
الصقيع والجمرة.
ينتَشرُ شعاع الشَمس في الكهوف والهضاب
ويُخلِّفُ وراءه المصائب. حياتنا أستُرِّقَت منذ
آدم، ولا أحد لهُ ميزة مُعيّنة على الآخرين.
3
أريدُ الاعفاء الكامل مِن كُلّ الديون لأتطهَّر
مِن المادَّة التي لطَّخَت ضَميري.
ليس لي أيّ حلم ولا رغبة،
وظننتُ انَّني سألتمس الرَحمة
مِن الآلهة، لكنّ لا أشياء جديرة
بالالتفات اليها. حَياتي نسمة
غير مكتملة واخال أن ثَوبي
هو قَبري. لماذا يَنهمرُ عليّ
الرماد الذي يختمر في آوان
نضج الثَمَرة الزرقاء للزَمن؟
التحوّل مِن شَجرة مثمرة
الى كومة عظام،
خطأ الأفراد الذين يفترقون
قَبل عبور الطريق.
4
حشود مُتكتّلة وطوائف مِن الصيَّادين والعامَّة،
تتزاحم في دروب المقابر وتتعفَّنُ قَبل وصول
المُعجزات. مَوتى العصور تثبَّتوا مِن حمقهم
وأسرعوا الى التخلَّي عَن ايمانهم بكلّ عدالة
في الأرض. تعرَّضتُ شأني شأن الذين أظهروا
جدارة كبيرة، الى حصد ما زرعته قَبل أوان
نضجه وأعوزتني الشهامة في قذف نفسي
بالهاوية. ماذا أنتظرُ والانتحار فعل تطهير مِن
الخطيئة؟ خَلَعَتْ أيَّامي عَنها السحابة الرحيمة
للعَيش، والعُمر حَفَّزته على النهاية الحجارة
الساقطة مِن جَبل المرض.
5
غطَّى رَماد البركان الأرض كُلّها، وتنفَّست الخليقة
تنفّساً غطيطاً. يتطلَّبُ العَيش برفاهية أن نتخلَّص
مِن التبعيّة للفَزع، وأن نَرمي دائماً الفوط مِن على
رؤوسنا الدائخة. كُلّ مكان في العالم قَبر، إلآّ شَجَرة
الرحم، والبحر يرغمنا على الغَرق مِن أجل ما فيه
الخير لَنا. لجأتُ مَع الآخرين الى أجمة النهار أضمِّد
جروحي، ولَم أحترس مِن بكاء الأثداء المقطوعة
للأيَّام. أغنتني صخرة ممتلئة بالملح عَن ما فقدته في
شَبابي، وعدتُ الى المنزل مغرماً بسعار مَرضي.
6
كُلّ جنحة أرتكبها في صلاتي، تُقرّبني مِن بلوغ
المرتبة العليا بالفردوس، وأعلمُ أن حُرّيتي رَهن
إشارة مِن الله. آثرتُ منذ أوَّل يَوم جئتُ فيه الى
النفاية، أن لا أكترث بالملوك والذين نذروا أنفسهم
لتدبيج المدائح الى السلالات الغريبة. أكثر ما ندمت
عليه في اتفاقي مع الجموع
على العبث بحديقة الوجود
السوداء، هو شراء الذهب مِن المنتحرين.
يطاردون بالبراري الثعالب وأثقالهم
الكبيرة، يموت فيها حلمهم في الوصول
الى النَهر. لوازم السَهر بانتظار لحظة
الاحتضار، يجتاحها رَماد ترقّب الغُفران.
Comments