أَخْلَصتْ لِلشّعْرِ فَطَاوَعَهَا وَ فازَتْ بأَغْلى مَهْرٍ :
الشّاعرة ( سُنيا مدّوري) ضيْفةُ نادي الشّعر
( اتّحاد الكتّاب التّونسيّين).....
كان أعضاء نادي الشّعر و أحبّاؤه على موْعد ، بعد ظُهر يوّم الجمعة المنقضي 12 مارس 2021 ، مع أمسية إبداعيّة رفيعة المضمون ، و ذلك بِمناسبة استضافة الشّاعرة الموهوبة الأستاذة ( سنيا مدّوري) لمُحاورتها حول كتابها الصّادر سنة 2016 تحت عنوان ( القادم الورديّ لِي) ، و الذي كان تُوّجٍ بجائزة مهرجان توزر الدَّوليّ لًلشّعر آنذاك. و ضيْفتنا اصيلة مدينة بوسالم من ولابة جندوبة مُتحصّلة على الأستاذيٍة في اللّغة و الادب الانجليزيّ ، وهي عضو اتّحاد الكتّاب التّونسيّين، صدر لها في الشّعر ( فردوْسُ الكلمات) سنة 2014 ، وَ ( القادمُ الورديُّ لي) سنة 2016، وَ ( حدْسٌ يُوَسْوِسُ لِلطّيور) سنة 2020. كما سبق لها ان نقلتْ إلى العربيّة رواية ( 1984) لِ ( جورج اورويل)، ثمّ هي بصدد إعداد ترجمة مُختارات من الشّعر العالميٍ إلى الانجليزيّة...
و قد تُوٍجت في مسيرتها حتّى الآن باكثر مِن جائزة تونسيًّا (جائزة أفضل مَخطوط شِعْريٍّ في المهرجان الوطنيّ لِلشّعر بِغار المِلْحِ سنة 2011) ، و عربيًّا ( الجائزة الأولى في مُسابقة نازك الملائكة للإبداع النّسويّ بالعراق سنة 2011 عن قصيدتها " في انتظار القصيدةِ ً ، كما فازت بجائزة القُوصيّة الادبي لِلشّعر الفصيح بأسيوط مِن جمهوريّة مصر العربيّة سنة 2014، و فازت عربيّا ايضا بجائزة أفرابيا لِلشّباب الإفريقيٍ بالسّودان سنة 2016. وفي تونس فازتْ، كما اسلفنا بجائزة أفضل ديوان شعر في المهرجان الدّوْليّ لِلشّعر ب تُوزر سنة 2017 عن ديوانها ( القادمُ الورديُّ لي). و إلى ذلك فإِنّ ضيفتنا الشّاعرة ( سنيا مدّوري) مثّلتْ تونس في برنامج أمير الشّعراء بالإمارات العربيّة المُتّحدة، و كانت ضمْن افضل عشرين شاعرا. امّا تتويجها خارج تونس و البلاد العربيّة فقذ شهدته إيطاليا التي فازت شاعرتنا فيها بِ ( جائزة الاستحقاق في الشّعر ) ، و ذلك في المهرجان الدٌّوْلِيِّ لِلْفُنون سنة 2017.
و نظرا إلى هذه المسيرة الحافلة بالإنحازات الإبداعيّة و بالتّتويجات فإنّ روّاد نادي الشّعر لم تخبْ توقّعاتهم و هم يُمنّون النّفس بامسية شعريّة تُعانق الإبداع في ابهى تجلّياته، خاصّة انّ صديقهم ابن النّادي الشّاعر ( بوراوي بَعرون) العارف بخفايا الإبداع هوَ مَن تجرّد لتقديمها لهم من خلال ديوانها ( القادم الورديّ لي) . و قد تخيّر الأستاذ ( بوراوي) كعادته المنهج الهيرمينوطيقيّ لمُقاربة المؤلَّفِ المُحتَفى به ، حيث استهلّ حديثه بتعريفه هذا المنهج تعريفا خاطفا
و التّنافر الذي يبلغ حدّ الرّفض في مواطن من قصائدها .... امّا الصّورة الشّعريّة فقد وجدها صديقنا بوراوي قائمة في حضورها الاهمّ على الرّمز بنوعيْه : العاديّ و الاسطوريّ ، و هذا التّخييل ياتي عند شاعرتنا منسجما مع نوع الشعر الغالب في قصائدها، ايْ ( قصيدة التّفعيلة). و لا شكّ انّ قدرة الشّاعرة علي التّخييل بالرٍموز هو ما جعل مضامين الشعر عندها غنيّة، كما اوضح ذلك باقتدار المُحاضر الشّاعر ( بوراوي بعرون) ، ف (سنيا مدّوري) تصلُ همومها الذاتيّة بهموم الآخرين و بعلاقتها بهم ( الاب، الامّ ، الابنة، الابن، الحبيب ، الشّاعر ، الشّهيد ، تونس...). و هكذا فإنّ ديوان ( القادم الورديّ لي) تتفاعل فيه مناخات شعريّة متنوّعة و غنيّة تؤكّد اصالته الإبداعيّة ، تماما كماراينا مع الباحث ( بوراوي) قبل قليل انّ اصالة الكتاب تتاتّى ايضا من خلال حسن تصريف ضيفتنا لادواتها الفنّيّة لغة و صورة و بنية و إيقاعا.... و لا شكّ انّ القاع الاسطوريّ للديوان و العمق التّراثيّ ( استرفاد الشاعرة لسورة يوسف و للشعر القديم....) هما ما يُميّزان بجلاء غنى ( القادم الورديّ لي) كما اثبت صديقنا الشاعر ( بوراوي بعرون) الذي ختم مُحاضرته الشّيّقة هذه مُنوّها بجدارة هذا الدّيوان باكثر من دراسة و بجدارة صاحبته بالمنزلة اللاّفتة التي تحتلّها في الشّعر التّونـسيّ و الواعدة بمكانة اكبر لها في فضاء الشّعر العربيّ الأرحب....
إثر ذلك اُحيلت الكلمة إلى ضيفتنا الشّاعرة ( سنيا مدّوري) فترحّمت على صديقتها السّاعرة الرّاحلة منذ أيّام ( فاطمة ماكني) و اهدت إلى روحها ابياتا شعريّة تنتظمها لوعة صديقة على افتقاد صديقتها التي غيّبها المو ت فجاة و هي في عنفوانها ، ثمّ قرات على الحاضرين من ديوانها المُحتَفى به ( القادم الورديّ لِي) ، كما قراتْ من جديدها في ديوانها الصّادر سنة 2020 تحت عنوان ( حدس يُوسوس لِلطّيور)، و لم تفوّت فرصة قراءتها للطّازج الأجدّ من شعرها الذي لم يُجمع بعد في كتاب.... وجميع قراءاتها هذه مُضافة إلى ما تفضّل به مقدّمها الشّاعر ( بوراوي بعرون) مِن إلماعات و إضاءات كثيرة لمضامين شعرها، ساعدت الحاضرين على الإدلا ء بآرائهم في إبداع ضيفتنا فلاحظ الشّاعر ( الزاراتي) طرافة حضور بعض خصائص قصيدة النّثر في شعر ضيفتنا الموزون ، كما نوّه الدّكتور ( محمّد عبد العظيم) ب( سنيا) اسما شعريّا مُحترما ، في حين اهتمّت الشّاعرة الدّكتورة ( مفيدة الجلاصي) بسلطة النّصّ الشّعريّ التي تُعليها الرّؤيا في الشّعر ، ومن خصائصها هنا في ( القادم الورديّ لي) الحلم و الخيال.... امّا الشّاعر ( خالد درويش) فقد راى انّ صورة الغلاف لا تُعتبر جزءا من تجربة الشاعر عموما و بالتالي لا مبرّر لاهتمام الدارسين بها، وهو راي شاركه فيه الشّاعر ( منير الوسلاتي) ، في حين اهتمّت الشاعرة ( كوثر بولعابي)، كعادتها ، بجوانب فنّيّة مميّزة لديوان ضيفتنا ( القادم الورديّ لي)....
و قبل اختتام الامسية اُعيدت الكلمة إلى الشّاعرة المُحتفى بها ( سنيا مدّوري) فاكّدت انّ صورة الغلاف من اختيارها الشّخصيّ، و بالتّالي فهي جزء من التّجربة الشّعريّة جدير بان يُهتمّ به و يُدرس ،كما فعل مقدّمها الشاعر ( بوراوي بعرون).
و إذ اختتمتْ هذا اللّقاء الممتع بقاراءة شعريّة ابانت فيها عن إجادتها لإلقاء الشّعر ايضا ، فإنّ صورتها ترسّخت لدى الحاضرين شاعرة مطبوعة و موهوبة جادّة و كادّة تنحت طريقها بصبر السّاعية إلى قصيدة افضل دائما، عقيدتها في ذلك انّ الموهبة وحدها لا تكفي المبدع في طريق الشعر الطويلة ، إذ لا بدّ له من العزيمة و الصّبر و المكابدة في تدبّر الشعر قراءة و كتابة... و هي جميعها خصال اكتسبتها ضيفتنا الشّاعرة ( سنيا مدّوري)
و اكتشفها الحاضرون من خلال شعرها ، كما من خلال ردودها....
.......... عبد العزيز الحاجّي......
Comments