top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

الشّاعرة ( ريم القمري) ضيفة نادي الشّعر( اتّحاد الكتّاب التّونسيّين)



مع انّ صوتها هامِسٌ و نبرتها خافتةٌ و لغتها مُتقشّفةٌ، فإنّ مَعين الشّعر عندها ثرٌّ :

الشّاعرة ( ريم القمري) ضيفة نادي الشّعر

( اتّحاد الكتّاب التّونسيّين) .....

استضاف نادي الشّعر بعد ظهر يوم الجمعة المنقضي 19 فيفري 2021 الشّاعرة ( ريم القمري) احتفاء بها و بمجموعتها الشّعريّة الثّالثة الصّادرة في القاهرة سنة 2018 تحت عنوان ( ما لم يقله الحُلم) ، علما انّ ضيفتنا سبق أن اصدرت في الشّعر مجموعة بكرا عنوانها ( النّساء انتظار) سنة 2013 في الجزائر ، و مجموعة لاحقة اصدرتها في العراق سنة 2016 تحت عنوان ( على جسدي وشمتُ تمائمي)... و ( ريم القمري) متحصّلة على الاستاذيّة في الصّحافة و علوم الإخبار ممّا أهّلها لاكتساب خبرة لافتة في هذا الميدان بعد ان عملت في اكثر من صحيفة و اكثر من وكالة انباء و تلفزيون... كما انّ لها كمبدعة حضورا متواترا في المهرجانات و التظاهرات الشعرية في تونس ( ايام قرطاج الشعرية) و في فلسطين و الجزائر، وُصولا إلى استضافتها من قِبل فرع من فروع اتّحاد كتّاب الكُرد ( دهوك)...

و أهمّ ما نستنتجه من هذا الزّخم في تجارب ضيفتنا الشاعرة ( ريم القمري) هو مراكمتها لخبرة ثقافيّة و فكريّة و فنيّة لافتة بثرائها و بإغنائها لرصيد الشّاعرة الإبداعيّ ، فجميعنا يعرف انّ الشّعر ينهض على ارضيّة تجربتين متعالقتين هما خبرة الشاعر في حياته اليومية و خبرته في علاقته بما يقرا و بمدى مر اكمته لخبرة فنّيّة تساعده على امتلاك ادوات تعبير خلّاقة...

و لعلّ ما توقّفت عنده ، مشكورة، مُقدّمتها الشّاعرة الأستاذة ( فاطمة بن محمود) يؤكّد هذا الانطباع الاوّل الذي تتركه عناصر تجربة ضيفتنا عند ايّ مُطّلع على سيرتها الأدبيّة. فمع انّ المحاضِرة ( فاطمة بن محمود) نبّهت منذ البداية إلى انّ ما ستعرضه علي مسامع الحاضرين لا يعدو كونه مُجرّد مُقاربة خاطفة لديوان ضيفتنا ( ما لم يقله الحُلم)، فإنّها اضاءت اهمّ خصائص شعريّة هذا المؤلَّف المُحتفى به كاشفة عن غناه بدءا بالعتبات، حيثُ تناولت ( بن محمود) موضوعة الحُلم من منظور علم النّفس ( فرويد خاصّة) مُركّزة على التّناقض الحادّ بين سلطة الانا الاعلى ( الجماعة او القبيلة) من جهة، و سلطة الهوَ ( ممثّلة في الرّغبات ) لِتستنتج أنّ قصائد ( ما لم يقله الحُلم) إن هي إلّا ترجمة للمكبوت الذي يُنيخ بكلكله على الذّات الشّاعرة ، ف ( ريم القمري) تعاني مثل كلّ ابناء جيلها و خاصّة النّساء مِن جَوْر السّلط القامعة اجتماعيا و دينيا و سياسيا و فكريا و اقتصاديا... و هكذا فقدرُ الشّاعر (ة) ان يعيش منذورا لاجتراح معجزة تحقيق المستحيل رغم هذه المُثبّطات جميعها، كما قالت ( بن محمود)، وهو ما يتجلّى واضحا في مسعى ( ريم القمري) الشّعريّ ، بما انّها تُوفَّقُ فنّيّا في تجاوز الموجود المُسيّج بالقيود عبر تعلّق همّتها بالمنشود الذي يُجسّد تحرّر الذّات الشّاعرة من بؤس كلّ سلطة غاشمة ، و هكذا - تستنتج بن محمود - أنّ الشّعر و الإبداع عامّة يكتسبان مشروعيّتهما من هذا الدّور الذي به يُحرّران الشاعر المبدع و القارئ معا من قيود الواقع المتردّي التي تُكبّل الجميع، فالشّعر هو حارس الاحلام الخلّاقة عند الفرد و عند المجَوعة، و لذلك فإنّه ،كما قالت بن محمود ، لن ينتفيّ طالما بقيَ الظّلم يَرين على الكائنات البشريّة...

امّا و قد تخلّصت الدّارسة ( فاطمة بن محمود) إلى التّركيز على متن ( ما لم يقله الحُلم) فقد ابانت عن قدرة لافتة في تطويع زادها من التكوين في اختصاصها الفلسغيّ لاستجلاء مكامن الشّعريّة في نصّ ( القمري) هذا ، حيث توقّفت عند تيمة الحبّ المهيمنة لِتُسجّل أنّ هذه القيمة السّامية تتواشج في الأثر مع معاني الحنين، و الشّوق ،و اللّذّة ،و غيرها.... ، و انّ الحبيب الذي يُناجيه صوت الذّات الشّاعرة في الحضور و في الغياب إن هو إلّا وسيلة تعتمدها الشّاعرة للتّعبير عن تعلّقها بالصّداقة و بالحبّ. و لذلك فإنّ الدّارسة ( بن محمود) توقّفت مليّا ، مِن مُنطلق فلسفيّ ، عند هذه العلاقة بين الشّاعرة العاشقة و معشوقها لتُسمّيَها علاقة بين ذاتيّة عطفا على ما كنّا بصدده... و ذاتُ الشّاعرة هنا تتجسّد حسب ( فاطمة) في ثلاثة مستويات اجملتها في الذّات اللّاواعية و الذّات الواعية ثمّ الذّات التي تعي وجودها مُتحقّقا في الآخر... و إذ تبدو ( ريم القمري) نموذجا لِلذّات الشّاعرة التي تستعذب مُناجاتها للحبيب حاضرا و غائبا ، فإنّ الاستاذة ( بن محمود) تجد في ذلك دلالة على منزلة المُبدع الحقيقيّ الذي قدرُه ان يظلّ منذورا للعطش الابديّ فلا يرتوي من ندائه للمحبوب الذي يبقى حضوره زئبقيّا لا يتحقّق إلّا ليختفيَ و بسرعة مُمِضّةٍ...

و في تخلّصها لاحقا لتناول فنّيّة القول الشّعريّ في ( ما لم يقله الحُلم) كان اهمّ ما سجّلته الدّارسة بن محمود أنّه قصيدة واحدة متكاملة و مكتملة رغم وروده مُقسّما إلى فِقرات شعريّة مُعنونة ، كما نوّهت بن محمود بسلاسة لغة الشّعر هنا ، و بإجادة ضيفتنا ( القمري) كتابة القصيدة النّثريّة حيث لا يَعدم القارئ ما يُثبت تحكّم الشّاعرة في صنعتها الفنّيّة و إتقانها. و مع انّ هناك معانيَ غزل نزارية تتجلّى في تولّه الشاعرة العاشقة بمحبوبها ، فإنّ بن محمود بدت ميّالة إلى تنزيل هذه الغنائيّات العاطفيٍة الجريئة عند ( ريم القمري) ضمن مناخ عربيّ اوسع هو القصيدة الإروتيكية التي كتبها المصريّ ( احمد الشهاوي) و السّورية ( سلوى النّعيميّ). و في هذا الإطار كان لابدّ ان تُنوّه ( فاطمة بن محمود) بكثير من خصال ضيفتنا مُمثّلة في جراتها على المقدّس و في الكتابة بحواسّها بعيدا عن الارتهان لِلذّاكرة الذي لا يُعطي في كلّ الحالات إلّا قولا مكرورا مُجترّا...

إِثر هذه الدّراسة الشّيّقة التي شدّت انتباه الحاضرين و امتعتهم اُُحيلت الكلمة إلى ضيفتنا الشّاعرة ( ريم القمري) فعبّرت عن سعادتها بمقاربة ( بن محمود) لمؤلَّفها ( ما لم يقله الحُلم) الذي وافقتها في كونه نصّا واحدا مطوّلا حتّى و إن قُسّم إجرائيا إلى فِقرت شعريّة مُعنونة ، ثمّ قرات منه نماذج تخيّرتها فكان لها صدى عند الحاضرين الذين تداولوا على اخذ الكلمة متفاعلين مع دراسة ( بن محمود) الجيّدة و مع قراءة الشّاعرة ( سليْمى السّرايري) للوحة الغلاف الفنيّة التي كانت من إبداعها هيَ، ثمّ مع قصائد ضيفتنا، فكان ان اجمعوا على اصالة هذه التجربة الشعرية التي اكتشفها اغلبهم لاوّل مرّة إذ شدّهم تمكّن الشاعرة من ادواتها الفنّيّة، كما شدّتهم جراتها التي اكّدت ( ريم القمري) انّها جراة تُما رسها عن وعي باحقّيّة المراة المبدعة و المراة عموما في ان تعبّر عن مشاعرها الإنسانيّة واضحة تماما مثل الرّجل دون أيّ قيد يُكبّلها ليَثنيها ظلما عن حقّها في ان تبوح بمشاعرها دون مواربة...

إنّ الشّاعرة ( ريم القمري) صوت شعريّ متميّز بين ابناء جيله من الشّعراء و الشّاعرات. وهي تبدو من خلال مؤلّفها الثّالث هذا ( مالم يقله الحلم) مُتحكّمة في هذا النّوع الشعريّ الذي يُكتب خارج الإيقاعات الخليلية سواء اصطلحنا عليه بقصيدة النّثر او بالشّعر المُقطّع ( سركون بولص). يُضاف إلى ذلك انّها شاعرة متقشّفة في الكلام ،متحكّمة في لغتها ، فلا هذر و لا إطناب و لا ثرثرة، بل إنّ كلّ كلمة مُتخيَّرة في مكانها تؤدّي دلالتها في علاقة بما سبقها و لحقها. و اصالتها كشاعرةٍ مختلفةٍ واضحةٌ من خلال اعتمادها على تجربتها الحيّة لا على الذّاكرة، و لذلك نستطيع ان نقول إنّها تكتب بحواسّها بل و بكلّ جوارحها دون ان تتهيّب ايّ سلطة غاشمة في بيئتها. و مع ذلك فهي تتنكّب الجلجلة و الصّراخ و القرع على السّمع إذ هي تكتب شعرا مهموسا تخترقه عن عمد نبرة خافتة، و تلك مزايا الشّعر الحقيقيّ دائما.

.......... عبد العزيز الحاجّي..........

13 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page