ذاكرتها مَبهوظة بأوجاع و آلام كثيرة :
الشّاعرة ( ابتسام الخميري) ضيفة نادي الشّعر
( اتّحاد الكتّاب التّونسيّين).....
استضاف نادي الشّعر بعد ظهر يوم الجمعة 5 فيفري 2021 الشّاعرة ( ابتسام الخميري) لمحاورتها حول مجمو عتها الشّعريّة الصّادرة سنة 2019 تحت غنوان ( شيء من الذّاكرة). و ضيفتنا استاذة و اديبة شاملة نشرت كذلك في السّرد القصصيّ ( غواية السّكّين) ، و في الرواية ( العافي) ديسمبر 2020 ... امّا في الشّعر فقد سبق لها ان أصدرت
( خواطر مسافر) و ( صلوات في هيكل الحياة) قُرصا مضغوطا...
و قد حضرت لتقديم ضيفتنا، مشكورةً، الشّاعرة ( سونيا عبد اللّطيف) عضو نادي الشّعر النّاشطة فيه بسخاء. وكان مدخلُها إلى دراسة ( شيء من الذّاكرة) مقدّمة نظريّة عن مفهوم الذّاكر ة و انواعها و علاقتها بالعقل حيث استخلصت الدّارسة انّ الذّاكرة الإجرائيّة هي التي حكمت تجربة ضيفتنا الشّاعرة ( ابتسام الخميري) في مجموعتها الثّالثة التي نحن بصددها.
و إذ عرّجت المحاضرة ( سو نيا عبد اللّطيف) على عنوان المجموعة و صورة الغلاف إثر ذلك، فقد ذكرت انّ اللّوحة المختارة هنا هي من رسم احد تلاميذ ضيفتنا التي اختارت ان تُشجّعه حتى يمضيَ قُدُما في الإيمان بمو هبته و الاعتناء بها، كما سجّلت ( سونيا) انّ اللّون القاتم في اللّوحة منعكس بجلاء في نصوص الكتاب جميعها...
أمّا و قد تخلّصت ( عبد اللّطيف) إلى مقاربة الخصائص الفنّيّة لنصوص المجموعة فقد اشارت إلى كونها تتوزّع بين نصوص طويلة و اخرى متوسّطة الطّول ممّا يكشف عن تدفّق في القول مستبدّ بالشّاعرة السّاعية إلى التخلّص منه و كأنّها تتخفّف من حمل ثقيل، رغم انّ هذا المنسوب من معاناة ضيفتنا، كما تتجلّى في نصوصها هنا ، ليس إلّا غيضا من فيض، كما قالت ( سو نيا عبد اللطيف)، و هي صديقة الشّاعرة و أكثر دراية منّا جميعا بخيباتها العاطفيّة و اوجاعها في علاقتها بفقدان الأب و بما آل إليه و طننا في هذا العقد الأخير...
و لعلّ هذا ما جعل ( سونيا) تعتبر انّ نصوص المجموعة، و إن ورد كلّ منها مستقلّا بعنوان، فهي لا تعدو كونها نصّا واحدا مطوّلا اشبه بالملحمة التي تتّسع فنّيّا لأكثر من صوت، فمع انّ الغنائيّة حاضرة في القصائد بكثافة تبعا لسيطرة ضمير المتكلّم المفرد المُحيل على صوت الذّات الشاعرة، فإنّنا لا نعدم في مواطن من ( شيء من الذّاكرة) حضور الحواريّة و السّرد... كما عبّرت الدارسة هنا عن تثمينها للغة ضيفتنا التي جاء ت سليمة من العاهات و التي بدت متحكّمة فيها فنّيّا كذلك
عندما عملت على تفعيلها والتّصرّف فيها بالتّقطيع و الحذف و تعويض ذلك بالف المدّ حينا و بالنّقاط المتتالية حينا آخر....
و هي تقوم بذلك سعيا منها إلى خلخلة اللغة حتى تعبّر عن مُمكن دلالات و عمّا يعتمل في دخيلتها كشاعرة مأزومة نفسيّا بسبب ما تناوحها من معاناة و اوجاع...
و لا شكّ انّ تحفيز شاعرتنا ( ابتسام الخميري) للتّخييل عن طريق الرموز و الصّور الشعرية ليس بعيدا بدوره عن هذا التازّم الذي كابدته ،كما قالت ( سونيا)، فكلّ ذلك ، مع إغنائه للرؤيا الشعريّة في القصيدة ، يُتيح لها الهروب و التّحرّر من براثن الواقع... و مع ذلك يظلّ تحفيز ضيفتنا للخيال واحدا من الادلّة الواضحة على تحكّمها في صنعتها الفنّيّة التي نجحت الشّاعرة ( سونيا عبد اللّطيف) في تقريبنا منها،
بفضل خبرتها بخصائص الشّعر و بحكم قربها من مسيرة صديقتهاالشاعرة الضيفة ( ابتسام الخميري) التي لم تاخذ عليها إِلّا تكر ارها لبعض العناوين في قصائد مختلفة...
إثر ذلك أُحيلت الكلمة إلى ضيفتنا صاحبة ( شيء من الذّاكرة) فقرات على مسامع الحاضرين من قديم شعرها و جديده ممّا حفّز هم على التّفاعل مع ما استَمعوا إليه في مداخلة ( سونيا) و في قصائد ضيفتنا ، فكان الحوار الذي دار بين الجميع من اغنى الحوارات التي شهدها نادي الشعر في اماسيه لانّه دار حول قضايا كثيرة عميقة و مهمّة و مفيدة ، و هو حوار تفاعلت معه ضيفتنا الشّاعرة ( ابتسام الخميري) بروح المبدعة السّخيّة و الواثقة من صلابة عزيمتها إذ الحّت على انّها ترفض ان تكون صدى لأيّ كان من الاصوات و التجارب السّابقة، كما سجّلت انّها تتوجّه في إبداعها كلّه إلى القارئ البسيط حتى يكو ن لرسالتها الفنّيّة جدواها الحقيقيّة... .
و مع احترامنا لخيارات ضيفتنا هذه و غيرها ممّا اتّصل بفهمها و ممارستها للكتابة فإنّنا نعترف لها بتحصيل تجربة حيّة لافتة تنهض عليها كتابتها ممّا يعني أنّها شاعرة موهوبة حقّا ،و انّها إذ تنهل من هذه التجربة الحيّة فإنها تجتهد اجتها دا و اضحا في نحت قصيدة صادقة فنّا و مضمونا ، قصيدة مشابهة لها لانّها قصيدة صوتها هي المُصفّى من كلّ الشوائب و الذي لا يحيل إلا على ( ابتسام الخميري).
.......... عبد العزيز الحاجّي..........
Comments