top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

الزَّائِرُ الْجَدِيدُ 'كُتب هذا النصّ السنة الماضية في مثل هذا اليوم' بقلم الأديبة زهرة مراد


كُنْتُ مَا زِلْتُ نَائِمَةً هَذَا الصّبَاحُ حِينَ سَمِعْتُ نَقْرًا عَلَى بِلَّوْرِ نَافِذَةِ غُرْفَتِي. اِسْتَغْرَبْتُ. مَنْ ذَا الّذِي يَجْرُؤُ عَلَى هَذَا؟ أَلَيْسَ لِلبَيْتِ بَابٌ وَجَرَسٌ؟ لَكِنَّنِي رَغْمَ دَهْشَتِي نَهَضْتُ مُسْرِعَةً. فَتَحْتُ نَافِذَتِي فَإِذَا بِهِ الْعَامُ الْجَدِيدُ يُطِلّ عَلَيَّ مُحْتَشِمًا. قَالَ: الْجَمِيعُ عَلَّقُوا أَمَانِيهِم عَلَى بَابِي وتَمَنَّوا عَلَّيَّ مَا يَتُوقُونَ إلَى تَحْقِيقِهِ، البَعْضُ فَعَلَ ذَلِكَ جَهْرًا وَالْبَعْضُ سِرًّا. وَأَنْتِ؟ أَلَا تَسْتَقْبِلِينَنِي بِأُمْنِيَاتِكِ أَمْ أَنْتِ غَاضِبَةٌ مِنِّي وَبَعْدُ لَمْ أبْلُغْ الْبَابَ؟ قُلْتُ بَعْدَ مَهْمَهَةٍ بِسَبَبِ الْمُفَاجَأَةِ:

- وَمَا عَسَانِي أَتَمَنَّى وَقَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ مِرَارًا عَلَى عَتَبَاتِ سَنَوَاتٍ مَضَتْ دُونَ جَدْوَى؟ أَتَكُونُ مُخْتَلِفًا عَنْ إِخْوَتِكَ؟ اِبْتَسَمَ الْعَامُ الْجَدِيدُ وَقَالَ:

- لَا تَظْلِمِينِي وَلَا تَظْلِمِيهِمْ. فَلَا قُدْرَةَ لَنَا عَلَى تَحْقِيقِ كُلِّ الْأُمْنِيَاتِ. لَكِنْ لَا بَأْسَ أَنْ تَتَمَنَّيْ، لَعَلِّي أَقْدِرُ أَنْ أُحَقِّقَ لَكِ الْبَعْضَ مِمَّا تُرِيدِين...

قُلْتُ لِنَفْسِي "فَلْأُجَرِّبْ...لَا ضَيْرَ فِي التَّجْرِبَةِ." وَتَمَنَّيْتُ. قُلْت:

- 2019...أَرْجُو أَنْ تَنْدَثِرَ خِلَالَ أَيَّامِكَ كُلُّ نَزَعَاتِ الْأَنَانِيَّةِ وَالْعُنْصُرِيَّةِ...وَأَنْ يُحِبَّ الإنْسَانُ أَخَاهُ الإنْسَانَ بِلَا شَرْطٍ إلَى الْأَبَدِ...وَأَنْ يَتَذَكّرَ سَاسَةُ الْعَالَمِ الْمَوْتَ فَلَا يَطْغَوْنَ فِي الْأرْضِ فَسَادًا وَلَا يَسْتَبِدُّون...وَأَنْ يَنْعَمَ كُلُّ أَطْفَالِ الدُّنْيَا بِالدِّفْءِ وَالطُّمأنِينةِ والْغِذَاءِ...وَأَنْ يَخْتَفِيَ الْكَذِبُ وَالنِّفَاقُ وَلَوْ بَعْضُهُ وَيَغْلُبَ الصِّدْقُ عَلَى صِفَاتِ الْبَشَرِ فَيُعَمِّرُوا بُلْدَانَهُمْ بِالْخَيْرِ عِوَضَ أَنْ يُخَرِّبُوهَا...وَأَنْ يَنْعَمَ النَّاسُ بِالصِّحَّةِ علَى قَدْرِ أَعْمَارِهِمْ وَأَنْ يَكُونَ الْفَرَحُ أَكْبَرَ مِنَ الْحُزْنِ وَالصِّحَّةُ أكبَرَ مِنَ الْمَرَضِ وَأَنْ يَتنَاقَصَ الْوَجَعُ الإنْسَانِيُّ إلَى أَقْصَى مَا يُمْكِنُ لَعَلَّ الزَّمَنَ يَصِيرُ جَمِيلًا...

ضَحِكَ الْعَامُ الْجَدِيدُ وَقَالَ:

- أَلَيْسَ هَذَا كَثِيرًا؟ النَّاسُ يَتَمَنَّوْنَ لِأَنْفُسِهِمْ وَلِعَائِلَاتِهِمْ بَعْضَ الْأُمْنِيَاتِ لَا أَكْثَر. وَأَنْتِ تَطْلُبِينَ كُلَّ هَذَا وَلِلجَمِيعِ! مَا لَكِ وَالآخَرِين؟

قُلْتُ مُبْتَسِمَةً:

- حِينَ يَصِيرُ الْعَالَمُ بِخَيْرٍ...أَكُونُ وَكُلُّ مَنْ حَوْلِي بِخَيْر لِأَنَّنَا نَحْنُ الْعَالَم وفِي أضْعَفِ الحَالاتِ جُزءٌ مِنْهُ...فَإِذَا فَرِحَ الْعَالَمُ شَمِلَنَا الْفَرَحُ جَمِيعًا، فَهَلاّ قَدَرْتَ عَلَى تَحْقِيقِ أُمْنِيَاتِي أَمْ أَنَّكَ كَمَا السَّنَوَاتِ الْأُخَرِ؟ أَطْرَقَ الْعَامُ الْجَدِيدُ وَهُوَ يُتَمْتِمُ:

- سَيِّدَتِي، سَأُحَاوِلُ رَغْمَ صُعُوبَةِ مَا تَطْلُبِين...لَكِنْ اِعْذِرِينِي إِذَا لَمْ أُوَفَّقْ. فَقَدْ لَا أَسْتَطِيعُ...إِنَّ الْأَمْرَ بِيَدِكُمْ...أَنْتُمْ...مَعْشَرَ الْبَشَرِ. وَاسْتَدَارَ نَحْوَ الْبَابِ...لِيَدْخُلَ...

زهرة مراد

9 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page