top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

الحرف "لولا" للاستاذ الأديب التونسي عبد المجيد يوسف


الحرف "لولا"

..................................

لا خلاف بين النحاة القدامي في حرفيته كما انهم لا يختلفون في بنيته رغم انه مكون من "لو" و"لا" ولا يختلفون كذلك في كونه من الحروف الهوامل التي لا تأثير لها في الإعراب وبالتالي فعمله لغويّ لا نحويّ... هذا العمل اللغوي اختصره علي بن عيسى الرماني في اثنين: امتناع الشيء لوجود غيره ثم التحضيض.... ويجعل ابن هشام في المغني له أربعة معان وهو في الحقيقة ثلاثة إلا انه يضيف رابعا هو الاستفهام، نقله عن الهروي، ولا يُعتد به وقال ابن هشام "أكثرهم لا يذكره" (المغني ج ا ص 452)

هذه المعاني الثلاثة هي *امتناع الشيء لوجود غيره "وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَٰكَ ۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍۢ" (هود 91) * والثاني أن يكون للتحضيض او الالتماس حسب مقام المتخاطبين

...لقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ (طه 134)

والثالث أن يكون للتوبيخ والتنديم : لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (النور 12)

هذا في ما يتعلق بالعمل اللغوي وينفرد ابن هشام في المغني بالنظر إلى الحرف مدرجا في بنية تركيبية. والظاهر أن معنى الحرف يتحدّد بنوع هذه البنية فإذا كانت إسمية كانت الدلالة امتناع الشيء لوجود غيره («لولا أنك تغدّيت لغدّيتك بغداء طيب» (البخلاء) فإذا أدرج في بنية فعلية فعلها ماض كانت دلالته على التحضيض أو الالتماس أو التوبيخ. (لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصّدّقَ وأكنْ من الصالحين (المنافقون 10)

وينقل النّحاة عن سيبويه تأويل رفع الإسم الذي يلي "لولا" وقالوا بأنّه مرفوع على الابتداء ويرفض ابن هشام موقف النّحاة القائلين برفعه على الفاعلية لفعل محذوف وسواء رفع بالفاعلية أو بالابتداء فإن ما يستخلص أن هناك ينية عميقة عاملة على السطح ينتج عن خفائها اختلاف التاويل.

بيد أن هناك سؤالا يطرح نفسه بإلحاح: إذا اعتبرنا أن الاسم المتعلق بهذا الحرف مرفوع على الابتداء فإن بقية الجملة ينبغي ان تكون خبرا عن المبتدإ، ففي قول جرير:

لولا الحياء لهاجني استعبار*** ولزُرت قبرك والحبيب يزار

هل يقوم "لهاجني استعبار" بمهمة الخبر من الناحية الدّلالية أي هل يخبر عن "الحياء" ام ان المسالة تتوقف عن الجانب الشكلي مما يدفع بنا القول ب"نحو" شكلي" لا صلة له بالترابط الدلالي وبمقولات المنطق ويدفع بالمتلقي إلى التأويل البعيد؟

وهناك لهذا الحرف استعمال لم نجد للنحاة التفاتا له وهو وروده متعلقا به تركيب موصولي حرفيّ:

وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ(يوسف 94) فما وظيفة "أن تفندون؟" هل هي خبر لمبتدأ مقدر؟ "أنتم"؟ السؤال يظل مطروحا.

عبد المجيد يوسف

14 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page