نبذة عن السيرة الذّاتيّة:
من مدينة بغداد العراقية – دكتوراه فلسفة تربية طرائق تدريس التربية الفنية من بغداد – ماجستير آداب في التربية طرائق التدريس التربية الفنية – دبلوم شرف فنون جميلة – بكالوريوس فنون جميلة – شهادة معهد دار التراث الشعبي – شغل عدة مناصب و أعمال في الثقافة والتراث والخط العربي والفنون الجميلة من تخصصاته كتابة الشعر وابتكار تصاميم في الزخرفة المستوحاة من التراث الشعبي والثقافة الاسلامية والتصوير الفوتوغرافي له عدة مشاركات ومساهمات وانجازات فنية وأدبية وجوائز وشهادات الى جانب المحاضرات التي قدمها والمعارض التي شارك بها...
من خلال تصفّحي لأعمال الأستاذ مهنّد الشاوي المختلفة والمتنوّعة بين قصائد نثريّة وومضات متّسمة بالبساطة والدّلالة وأعمال فنيّة تشكيليّة مشبعة إنسانيّة وذوقا، وتصاميم لأزياء مأخوذة من التّراث العراقي والحضارة الإسلاميّة والعربيّة كلّها جمالا و أناقة، عاينت إنسانا يحمل في طيّاته كلّ معاني الإنسانيّة بنقاء روحه وبياض قلبه ومناشدته للخير والسّلام ودعوته للرّحمة والتّحابب...
هذا الإنسان يبحث في أعماقه عن إنسانيّة راقية، يبحث في ذاته عن ذاته، يبحث عن أصله وجذوره فتجده يفتّش في القديم وفي التّراث والآثار، في تاريخ الإنسان والأجداد وبالأصحّ في تاريخ الإسلام...
هذا التّاريخ العريق وهذه الحضارة المجيدة التي شهدت تطوّرا وازدهارا وتوسّعا في حقبة معيّنة نجدها اليوم مهدّدة بالاندثار تكاد تضمحلّ وتتلاشى بسبب عدّة عوامل، بسبب التّمزّق الذي تعيشه الدّول العربيّة والتّفكك على مستوى كلّ الميادين،
فقد شوّهوا الإسلام لأغراض سياسيّة ولم يبقوا إلاّ القشور وبعض الرّموز أو الشّعارات البلهاء المكتوبة بالخطّ العربي دون وعي ومن خلال بعض التّصاميم المبدعة التي تفنّنوا في زخرفتها على جدران وأعمدة وقباب القصور وبعض المجالس والمساجد للدّيكور...
هذه الحضارة الإسلاميّة التي نستشفّ أثر رقيّها وتقدّمها في بعض الآثار المهدّمة والبنايات والمعالم الأثريّة الإسلاميّة الهاوية والمساجد والمعابد المتداعية والقصور والقلاع والأبراج المهملة ولوحات الفسيفساء الرّخاميّة المتواجدة على الجدران والأعمدة أو السّقوف والإسفلت التي أتلفتها الرّياح والأمطار أو نهبتها الأيادي نفتخر بها أيّما افتخار ونقول أين نحن منها اليوم...؟
الأستاذ مهند الشاوي يبحث عن هويته العربيّة الإسلاميّة بكلّ ثبات من خلا ل تفحّصه لكلّ ما حوله
فيقول:
كم أرّقتني رقدتي
وتثاؤبي والنّسيان
وكم أثّرت بفعل غموضها
وأنستني أنّني إنسان
ويقول أيضا:
وبعد مسيرة السّنوات.. ههه
ينتابني شعور بأنّني إنسان
بلا جذر...
تكسّرت جناحاته
محطّم البنيان
في فاقة...
ملأ الصّدع أركانه
فانتابه الغثيان
فما عاد يصلح جليُه
وما عاد يصلح البنيان
(1998)
وبرغم الوجع والتّأثّر والسّخرية من الحال الذي آل إليه الإنسان، يواصل الشاعر بحثه في الجذور والأصل ويتجلّى ذلك في أعماله التّشكيليّة والفنيّة والتّصاميم والأزياء التّراثيّة التي يبتكرها فتجده يرسم القباب والقمر والنّجم والهلال والقمر ويشكّل لوحاته باستعمال الخطوط المنحنية باختلافها وسمكها واتّجاهاتها بكثافة ويستعمل كذلك الخط العربي الكوفي المتميّز بالحركة واللّيونة... كما اختار ألوانا زاهية للأشكال الهندسيّة أمّا الفضاء الذي يحيط بها جعله داكن اللون وكأنّ لسان حاله يقول:
هذا هو عالمنا الزّائف كون
يغشّيه ضباب وغموض بتعمّده اختيار الألوان العاتمة له ويظهر ذلك
في عدّة أعمال ولوحات فنيّة أبدع فيها كما نلاحظ من خلال بعض
الرّسوم التّجريديّة وجوها حزينة في خضم الحياة بما فيها من معاناة ومشقّة وبمتاهاتها عالَم يكتنفه الإبهام، عالم مقرف وزائف...
الفنان محمد الشاوي يتجوّل في كتاباته ولوحاته بين فضاء أزرق جميل و آمال وأحلام وبين عالم قاس يغشيه السّواد عالم يعشق لون الدّماء فتراه يبحث عن خلاص عن باب الانفراج كي يدخل منه النور والضّياء فيمزج الألوان القاتمة بشيء من البياض... بياض ممتقع... ونراه يلفّ ويدور في خطّ دائريّ كالحلزون الذي يخرج من قوقعته ليعود إلى قوقعته تعبيرا عن مخاوفه ممّا يحصل من حوله من ظلم وإرهاب واستبداد وخوفه من ضياع الإسلام وعلى ضياع الإسلام باسم الإسلام...
فيقول:
لأنّنا نعيش الكذب
في أقوى حالاته للصّدق بدلا عنه
إذ لم نعد بحاجة للكذب وهو بيننا
ويقول في قصيدة "لا":
عن أيّ إناء تبحثون
والجوع في النّاس قد أكل الإناء
لا ليس يكفينا الرّثاء
لا...
وما عاد يكفينا الرّجاء
الشّاعر مهند الشاوي يرى أنّ الجمال هو جمال خلق الله في الكون والطبيعة والعباد.. الجمال هو جمال الرّوح وجمال نقائها وجمال معدن الإنسان الحقيقيّ وهذا الجمال نجده بالعودة إلى تراثنا وجذورنا وأصالتنا وديننا الإسلامي، وقد جسّد ذلك في عدّة أعمال فنيّة إبداعيّة وابتكر تصاميم سواء في الأزياء أو في الهندسة المعماريّة فاختار لها زخرفة إسلاميّة أصيلة وألوانا منشرحة جميلة وخطّا عربيّا أنيقا ليقول للجميع إنّنا لن نرتقي ولن نزدهر إلا بالرّجوع إلى ديننا وما النّخلة التي جسّدها في إحدى لوحاته بحرف الألف إلاّ دليل على الصّمود والشّموخ والعلوّ ويقول :
وكأنّني من ألف عام أنتظر
وكأنّني مثل الرّذاذ
أضيع أحيانا
وحينا أنتشر
وكما الورود تخبو عطاياها
ثم تعود... فتزهر
أختم فأقول، إنّ الأستاذ مهند الشاوي يصرّ من خلال أعماله الفنيّة الإبداعيّة وتصاميمه المقتبسة من التّراث على أنّ الإنسان لا كرامة ولا شخصيّة ولا إنسانيّة له إن لم يحافظ على ديانته ولم يتشبّث بعرفه ولم يتشبّع بالقيم الأخلاقيّة المثلى فما المال والجاه والمناصب والمظاهر إلاّ أشياء ثانويّة مجرّد مظاهر وخدعة في الحياة وأنّها لا تدوم لأحد
ويقول:
أن نجبر كسر أجسادنا
فهذا ممكن
ولكن...
من يجبر كسر أرواحنا
تقديم سونيا عبد اللطيف
4 أفريل 2018
Comments