top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

اقصوصة : الجريدة تحترق !! للقاص التونسي منير الجابري


لاح من خلال قضبان النافذة الصغيرة ؛ طلائع نور ٠ تبشر بميلاد يوم جديد ٠غادر باديس غرفته ؛ نحو مقهي معزول ٠

يكاد يخلو من الناس ٠ جلس مطأطأ الرأس ثم أشعل سجارة

جذب الدخان ودفعه دفعا غي سماء المقهي ٠

كان الجو مغيم معلنا عن بداية الخريف ٠ بقي باديس يلملم

شتات ذاكرته الموزعة بين أيام خلت ٠ كانت حياته مفعمة بالامل ٠ يعمل بإححدي الصحف ٠ يقضي كامل يومه منغمسا

في مراجعة المقالات والحوارات ٠ يتابع كل شيء بدقة متناهية ٠ لا يهدأ له بال الابعد أن يطمئن على عدد اليوم والتحضير للعدد القادم ٠

بيد أنه اليوم أصبح يطرق ابواب الصحف لنشر مقالا ٠

وهذا اليوم يمثل ذكري سيئة في تاريخ حياته ٠ فهو اليوم الذي غادر فيه الجريدة الى الأبد ٠

مر على ذلك الحدث أكثر من سبع سنوات ٠ ومزال باديس يستعيد الذ الذكريات التي قضاها مع زملائه ٠

لعل أقربهم الى قلبه زميلته بلقيس التي إستفاق ذات يوم على خبر وفاتها في شقتها ٠

فهي كانت شابة حسناء ؛ هيفاء القد ؛ بشرتها بيضاء وشعرها أسود فاحم يصل الى كتفها ٠

كانت تتميز بقلم ناقد للواقع ؛ فهي كرست حياتها ؛ تتصدي لأكبر قضايا الفساد والفاسدين ٠ ومن أبرز أعمالها التي أبت أن تغيب عن مخيلة باديس ٠ قصة سهي شابة تمثل حكاية نضال شعب كامل ؛ فقد دارت أحداثها ٠

في آخر أيام شهر ديسمبر ٠ كانت الساعة تشير الى الخامسة مساءا ٠ دفعت سهي زورقها الى عمق البحر ؛ وبدأ الشاطىء يختفي شيئا فشيئا ٠كلما تقدمت إلاوازدادت الرياح قوة

تمسك بمجدافها وتشرع في مصارعة الأمواج الشرسة ٠فهي تعرف مكرها وخداعها ٠ فتتسارع نبضات قلبها ٠ لكنها سرعان ما تستجمع قواها ؛ حتي لا تقع فريسة في أحضان الخوف ٠٠

توغلت سهي رغم كثافة الظلام الذي عم المكان ٠

بيد أن فانوسها تمرد على ظلمة المكان ومزق عتمة الظلام ٠

كما إنتحر الفشل على عتبات الزورق ٠ ألقت سهي شباكها علها تظفر ببعض السمك ٠ فهي تحمل بقايا حلم يطل وميضه في عتمة ذلك الظلام الموحش ٠

كانت أضواء الشاطىء خافتة جدا أو تكاد تكون غائبة ٠

ظلت سهي تجدف لأنها خبرت أسرار البحر منذ طفولتها ٠

فهي تخوض المعارك الضارية معه ٠ فقد علمها والدها فنون القتال مع غدر الأمواج ٠ لكنه أصبح اليوم عاجزا عن العمل ٠

لذلك تحملت المسؤولية ٠٠٠

هي قصة دفاع ونضال شعب يدافع عن كرامة وطنه فهي أفضل مثال لشعب يرفض الظلم ٠ خاصة فلسطين٠٠٠

فجأة قدم الى المقهي أحد أصديقاء باديس ٠ زميله في الجامعة ٠لديه وسامة لافتة ٠

طلب كأس شاي وجلس وجلس وجها لوجه مع باديس وقال

- أسوأ ما يمكن أن يحدث للإنسان هو العيش في الماضي

- يا صديقي طوال السبعة الاعوام المنقضية أجد لذة حين أسبح في الماضي ٠٠٠

- ربما أنت محق كانت لديك مكانة وقلم فصيح ٠ كما أتذكر تلك الصحفية والحادثة التي تعرضت لها ٠ يتأثر قلبي أيما

تأثر ٠ كنت اتابعها جيدا ؛ فهي ذكية جدا في كشفها للفساد الذي آستشري في البلاد ونخر الأقتصاد

أذكر أني قرات لها في أحد الاعداد موضوعا هاما

ثمة زائر في ساعة متأخرة من الليل ميزته المكر والدهاء ٠

يأخذ كل طير يغرد خارج،السرب ٠ مع خيوط الفجر الاولي تندثر الطيور التي ترنو الى الحرية لكي تمنح وجودها معنا٠

لكنها تغيب في ثنايا الضباب وتعانق الخوف وترفل في غياهب القضبان ٠ حين عرفت بلقيس خيوط اللعبة وقع إسكاتها الى الابد ٠٠ ثم أحرقت الجريدة ٠٠٠


8 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page