top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

أوفدتهم لملاقاة حتفهم في البرَّيِّة. للشاعر العراقي التسعيني المهاجر


أوفدتهم لملاقاة حتفهم في البرَّيِّة.

"1".

حَياة متعسّفة يَتَعذَّر فيها الرقاد، أحياها مَعَ الذين تَناوَبوا على الغَرَق في الدوَّامة. مواجهة دائمة للإبادة والسكين التي تلمع في الظهيرة القائظة. بقع الدَم تنتَشر على طاولة الطعام ويصعد مِن الأطعمة البائتة، الريش المتثاءب. كنتُ أدندن بمرثية عَن مَوت صَديق وانحَدرت الى الشاطىء أتلمَّس البَرَكة مِن الفزعين الذين يتضاعف الفراغ في وجودهم. أسرفتُ في الأمل كثيراً ولوَّنتُ مدية ورميتها الى فقمة حشرَت نفسها بَين الصخور.

"2".

أطوف معكِ المدينة وأتحاشى نحول الشَمس. كُتَل الأنقاض في داخلكِ تفزعني وتطلق أكثر مِن إشارة، لتشتيت رفّ العصافير. نافذة الشباك الصلبة في وجهكِ، يدخل منها النحل بلا مشقة، وأنتِ نائمة تصفر الغيوم فوقكِ. حالكِ حال النساء اللواتي عرفتهنَّ في الماضي، وذهبنَ يتشمَّسنَ في البراري المقفلة. تلامس الكآبة وجهكِ وأراكِ تمشين بمحاذاة مقبرة. هل تحلمين في السفر الى طنجة؟ موانىء كثيرة تنتظركِ فيها الملائكة. حاولي استعادة روعتكِ المحتشمة والبهاء.

"3".

عَبَرتُ معهم النَهر ورأيت الله بَين النباتات يعاني الامساك. أحسستُ بالقنوط وتحسَّرت على مصير الجنس البَشَري. أيّها الرَبّ، مجاهرتك بالعداء لَنا كَشَفَت ضعفك الموشَّى بالسأم مِن مهنتك وانفعالك الدائم. هَل تَرغب في أن أخترق الهضاب المدنّسة بالعالم وأتضرَّع اليك؟ المنطَرحون الحزانى في أسرَّة المَرض، لدى كلّ واحد منهم شفرة يقطع فيها صلته معَ الوجود ولا يريد التعزية. أنا مثلهم تعاميت عَن رؤية الغيلان الدينية ولم أرغَب الشفاعة أو الغُفران. اعتَمدتُ على نفسي وأحصيت مرَّات مَوتي المتكرّر.

"4".

أشياء مكروهة أتحرَّج مِن ذكرها، أوقَعَتني في الشراك وصعب علي فهم الوميض الذي يخرج مِن قِحف المَيت. هَل يَتوجَّبُ لكي أنال ما أرغب فيه، الاغتسال بالشرور؟ لا ميراث لي والإلهي يرتبك في أعماقي كلّما صلَّيت أو بَكيت. أيَّام حَياتي متوقّفة مثل نقالات الجَرحى وبالكاد أختلس نظرة وأغمر قَبري بغدق ضَئيل. تطفو حشائش العمر في آبار الزَمن ولا ينقطع الحَبل الموصل الى الهاوية المرهقة.

"5".

غائصاً الى العنق في الخسارة، أستعيد معاطف قاسية مِن الماضي. الأيَّام معاطف مغطَّاة بالفزع. الرجال العجائز استجابوا لنداء الثمار المتعفّنة وتذلَّلوا لكلّ شيء يركبهم. الرجوع الى البيت بَعد ساعات العَمل المملَّة ووضع الأصفاد في اليدين، لا ينقذ الهالك مِن اجتياز الممشى الضيّق لحياته. أخبرت الذين أرادوا رؤية الندبة في وجودي، انني تحمَّلت الضيم وثقبت الباب المظلم للزَمن ولَم أعثر على اللحاف في الشَجَرة. الأفق شاحب وتتوارى خلفه حجارة القبور.

"6".

اعتَزلتُ الكلّ، ما أهَونهم، أحجَموا دائماً عَن تَقديم العَون لي في مَرضي وقوَّتي. مكَّنتني قدرتي على فحص تراب ذاتي، أن أنال القرحة الكبيرة واحتفظ بها في الحلّ والترحال. يقول الدليل وقاربنا يغرق: تُسوّي الوطاويط أعشاشها بَين الخزائن الكبيرة لليل الصَيف. الضَرب بالعصي على الأقفية المهجورة للقتلى، يزيد توتّرهم ويخرجهم مِن القبور. طَمَعَ كلّ الذين أوفدتهم لملاقاة حتفهم في البرَّيِّة، برأس البصل وفرضوا على أنفسهم العَيش في الدعابات.

"7".

الآباء الذين نُجلّهم اندسّوا بَين كتل الحجارة، وتحتَّم عَلينا مجابهتهم. نَومهم في العتمة مَعَ الذئاب أصابهم بالرّعاش وغيّروا مواقفهم مِن المطلعين على أخبار الغَرقى. الضفة منحازة الى القَبر، لكن الذين يطلون على الجانب الآخر مِن الحياة. لا يميزون بَين البهيمة والدُّمْية. أنجَبَت المرأة الرجل فافتَرسها وأكل خصيته مَعَ البطاطا. الموت المشعر بطاطا. جدائل النهار بطاطا. والآلهة نصنعها على غرار البطاطا.

نصيف الناصري

3 views0 comments

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page