فكَّرتُ فيكِ كثيراً هذه الأيام ، فكّرتُ في الحزنِ الجديد الذي سببتهُ لكِ ، وأنتِ في مثلِ هذا العمر وبعدَ كلِّ الأحزانِ التي عشتيها ، يجب أن تكوني قويةً مثلي ، رغم كل شيء ، فلتسامحيني بحنانِ حبِّكِ الهائل وطيبتكِ
عندما سأدركُ قوَّتكِ و جلَدكِ في الأوجاعِ ؛ ستصبحُ لديًّ ذريعةً لقوَّةٍ زائدةٍ ، فكِّري في هذا . حينما تكتبين لي على العنوانِ الذي سأرسلهُ لكِ ، طمئنيني عنكِ.
أنا هادئٌ و متيّقظٌ ، كنتُ قد أعددتُ نفسي ذهنياً ، وبشكل جيد ، سأحاولُ أن أتخطّى الصِّعابَ التي تنتظرني جسديّاً لأحافظَ على توازني. أنتِ تعرفينَ مزاجي وبداخلي دائماً شيءٌ من الفكاهةِ والمرحِ ، وهذا سيساعدني على العيشِ.
أمّي العزيزة : طمئنيني عن الجميع ، قولي للجميع أنه ما من داعٍ للإحساسِ بالعارِ بسببي ، ويجبُ أن نكونَ أسمى من العقليَّةِ الضيقة والخسيسة للبلدان الصغيرة.
يجبُ أن يكون أبي أيضاً قويّاً ، وأنتم كلكم الأعزاء على قلبي.
قلبي يدمعُ الآن بالتحديد ، بمجردِ التفكير بأنني لم أكن دائماً حنوناً و طيِّباً كما ينبغي أن أكونَ معكِ وكما كنتِ تستحقين. ومع ذلكَ فأحبِّيني دائماً وتذكَّريني.
أقبِّلكم جميعاً ، أما أنتِ يا أمِّي العزيزة ، فأضمّكِ بين ذراعيَّ ، وأبعثُ لكِ قبلاتي اللانهائيّة.
( أنطونيو )
__________________
رسائل السجن ( الجزء الأول ) ، ترجمة : سعيد بوكرامي ، طوى للنشر ، لندن ، ٢٠١٤.
Comentarios