أنا من... وأنت من ؟ من أين أنا... ومن أين أنت ؟ أنا من وطن مجروح ، أنت من وطن مذبوح ، أنا من وطن الشهداء ، انت من وطن الأموات والاشلاء... أنا أنتظر... أنت تنتظر... والباقي منا لا يملك مقر...
أنا من وطن الضياع ، أنت من وطن الجياع ، شهر يمر ... عام يمر... قرن يمر... والأحلام منا تضيع وتندثر... يوم بعد يوم نحتضر...
أنا من وطن كثرت فيه الملل ، أنت من وطن كثرت فيه المحن ، كثرت الرايات والأعلام ، كثرت المذاهب والأديان ، وتحت الأقدام ألغام تنفجر...
أنا من وطن الصراخ ، أنت من وطن الجراح ، الخوف والرعب يلازمنا ويصرّ .. كلانا ينتظر ضمة وطن ، كلما يضيق بي الغمّ و الهمّ ، أحلم... أتمنى... أن يحضنني الوطن ...
في وطني أطول الأنهار ، في وطني النفط آبار ، أرجوك لا تسألني : كم من عميل سمسار ؟ عن عدد التجار ، عن المذابح ... عن الجزار! لا تسألني : كم مات في السجون ، كم مات من الحسرة والأحزان، عن كل هذا الجنون والهذيان !!!
في وطن الجوع والضياع والأوجاع ، صار علامات ومراجع شيوخ هذا الزمان ، تضجّر القلب بالاخبار والأنباء ، تضجّر حتى استفحل الداء ... أرجوك لا تسألني: كم لوْن تملك الحرباء ؟
آه يا وطن ، صرنا تحت طاعة الملالي والجهلاء ! يا وطني مجاهيل صارت علامات وأمراء ! أمسكت المصير بنيران الراية السوداء ، سرقت الآثار ، كسرت التماثيل و الأحجار ، هدمت الجسور والديار ، تشرّد شعبي بين الصحاري والبحار! سقت الخفافيش الأرض بنزينا، ثم أوقدت النيران !!!
آه ، يا وطن، شحن القلب بالأحزان ، أرى السّحل وحرق الأجسام ، عاد سوق الرّق وبيع النساء ! أرى شوارع المدن، تتناثر فيها الاشلاء !
حمادي العرابي ** سوسة **
Comments