top of page
Search
Writer's pictureasmourajaat2016

أنْعَم الله عَليهم وأغْرقهم في بداية العالم. للشاعر العراقي المهاجر نصيف الناصري


أنْعَم الله عَليهم وأغْرقهم في بداية العالم.

"1".

أعطى الله الغَرقى حقّ اسْتغلال صيت غرقهم، وأمَرهُم عَدَم

محاججة الملائكة، وأن لا ينظروا في المرايا المَنْصوبة الى

جانب الأنْهار التي غَرَقوا فيها. يَقْضي العرف في زَمَنهم، أن

لا يَخْضع المرء لشروط العَمل. البَراهين واضحة. التَورّط

في الغَرق الفَردي، يسْعف المرء في حمايته نفسه مِن مُزاحمة

الآخرين لَهُ. الحافز يشبه اجتماع كَهَنة في صيدلية، ولا فوائد مِن

أرسال المقاولين الى الله لتقْويض اقتصاده. بُنْية كلّ مُجْتَمع

يَفْتَرض السَلام مَعَ الغَرقى، تَتَقوَّض في الامتيازات التي

يُشرّعها لصوص الهيئة المُنْتَخبة بالتزوير لأنْفسهم، ولا

يبالون بالعدالة والمساواة بَين الشعوب. تَحْصين قَبر الميت،

يوسّع الضفاف ولا صاعقة تَتَغلَّب على خَشَب تابوته.

المُشرّعون المَنْبوذون احتَضَنوا نَسيم المَرض، وأحْرَقوا للصَيف

حاجبيه وَسَلَكوا سلوك الطغاة الذينَ سَبَقوهم وَذَهَبوا يهرْولون.

"2".

اسْتَفْتوا قَبل حَمْلَتهم على أرض الغرقى العَجائز، فَأَمرْنهم

باحراق المَراكب وَسجن قائد الاسطول الذي بزَّ الملوك.

احْساسهم بالدُّونية مِن الذين أنْعَم الله عَليهم وأغْرقهم في

بداية العالم، لا يُغيّر نَتيجة سَعيهم الدائم الى أن يُمْحوا

الزُمَر التي لا تشاطرهم سَلب الشهب فَدادينها الضيِّقة. تَوقَّفوا

في الحدود الجنائزية للزَمَن، وَكفَّوا عَن وَصف الفردوس

الى ذرِّيتّهم وَحَصلوا مِن الله على مُعْجزة أسْعَفَتْهم بالخَلاص

مِن تَكْذيب المَلائكة لإنشادهم المَرير للغَرق . وَعْدهُم لله

بدَفع الضرائب اليه في موعدها، وتقاسم ميراث مَن يموت

فيهم مَعه. أضْفى عَليهم ميزة عَظيمة بَين الشعوب التي

تجاور زَمن الغرقى. كلّ جلود صلواتهم المُسخَّرة دَهَنوها

بالكلس، وَضَمَنوا الحصول على أجْمل موت في الغَرق.

"3".

يَتَعذَّر على الغَرقى الإنفصال عَن ذَخائرهم المُتَشظّية،

وَيَتَصوّرون أن الجنَّة مُثْمرة بمداخن يَتَطاير منها لَهبّ

قَذائف صامتة. قَبائل الموتى أكَلَت السمسم وَشَطرَت

أيَّامهما الى عذاب وَهناء، لكنَّ ما أحْوجها حينَ عَبَرت

بَرّية الزَمن، نَصيحة أصحاب الاختصاص في الغَرق.

تَلاشت بَين الغيوم دموع اسبارطة وَتَخلَّى الله عَنها. كلّ

مَن انْحاز اليها وناحَ بتعاقب، افْتَرى على نفسه وادَّعى

المَرض.

"4".

أسْلحة كَثيرة البكاء تَتَقاربُ في الدين والسياسة وَدَعاوى

الذينَ تَعرَّضوا لإغواء كَمنجات الدَراهم، تَرسَّخَت في جير

التيَّار الذي يَنْجرف اليه الضَمير النشاز. اتخاذ المَواضع

الى جانب الملك اللص، وَضرب الساقين مَديحاً له، رَقاعة

يَتَماثل فيها أصْحاب الحيلة. التَعايش السلمي كلمة مُتخيّلة

يفرط بتَلْميعها الحاكم القاتل في لحظة انتصاب قَضيبه،

وَيوْعز الى زُمره بتَدْمير الفئات التي تَزْأر في نومها تَحت

أبْنية اللأمل.

"5".

لا يجاهر الله برأي وَنحنُ نَتَلقَّى العَذاب مِن الملك الطاغية،

والله والسلطة يَشْتركان بالعصمة، ويطالبان بطاعتهما دائماً.

فرص اقتصادية كَثيرة فَقَدْناها في الزَمن الصناعي. أسْواقنا

الآنَ يَضع لإئتمانه بمزابلها شيخ القبيلة ورجل الدين الأخرق

كلّ ما توارثاه مِن ذَخائرهما العَتيقة. رأفة واقعية هيَ كلّ ما

نَبْغيه وَنَفْتَرض أن نَتَساوى في المَراتب مَعَ الذين زيّن لَهُم

مَيْلهم الى الظلم سَلْبنا حقوقنا الأساسية. تولِّد الهَيْمنة عَلى ما

يأمله الأفْراد في المُجْتَمع الأذى. لماذا يَتَغاضى الله دائماً عَن

فَظاظات الحكّام في الأرض؟ هَل يَدير شؤونه العامَّة الساسة

وزعماء الميليشيات؟ تَفْرقة. عنف. اغتيال. سطو. قَهَر. ضلال.

مَفاهيم مِن الصَعب العَيْش بَينَ خرائبها. المَصالح المُشْتركة

بَينَ المَلاك وَرَئيس البَلدية، تَتمّ بعلم الله للتَرْفيه عَن المُكلّفين

بإحراق الأشْجار مِن أجل الجَحيم.

"6".

زَمَنٌ مُريب يَتَلقَّى فيه المرء الدعوة للتَوجّه الى قَتل الأخ

بلا حشمة. ساسة الجَهل يَسْتَحْوذون بالخَديعة على المَرايا

المُغبرة للطَبيب، وَيقدّمون لشعوبهم وَصفات ديْسَت فيها

أوْراد الحلم. هَل الاقتصاد والسياسة والدين، ولدوا مِن أبّ

تَعوزه الشَهامة؟ نَحْتاج الى مواساة أهل القتلى والمَرضى

الذينَ ليس بامكانهم شراء الفاكهة المُفْترسة. المُقْصى مِن

حَياتنا يَغيب في أكواخ الأيَّام، والرَغبات تَتَهشَّم طارحة

عَنْها هَناء الأفْياء.

5 views0 comments

Kommentare

Mit 0 von 5 Sternen bewertet.
Noch keine Ratings

Rating hinzufügen
bottom of page