كان كمال يسير على الشاطئ البحر ومعه فتاة جميلة ٠ بقيا يرقبان مياهه وهي تعانق صخور الشاطئ ٠كان ذلك آخر أيام شهر ٠ ذات أصيل والشمس توشك على الغروب ٠
فجأة ترك كمال صديقته وعاد مسرعا الى البيت ٠دخل الى قاعة الجلوس ٠ونظر الى هاتفه جيدا ! ٠ ربما يجد ماكان بآنتظاره ٠ لكنه رمي به وتوجه الى النافذة ٠
حتي يتسلي بالاستطلاع على الشارع ٠ كانت الانارة خافتة والليل،والهدوء يعمان المكان ٠ يرن هاتفه فيسرع نحوه ويرد ٠
لقد كان صديقه يصرخ - لقد ربحت !!!
ألقي بالهاتف جانبا وبقي يعيش في حيرة من أمره وظل يخاطب نفسه ويتساءل
-كيف لا أربح شيئا وأنا من يستطيع على نحو كبير أن أتكهن بكيفية الحصول على نتائج الفرق ٠ وأنا من عمقت في صديقي لعب الرهان ودفعته دفعا الى حضن هاته اللعبة ٠٠٠
ثم نام كمال على غير عادته لأنه تعود على طعم الإنتصار ؛ بيد أنه هاته الليلة لم يستطع أن يفهم لماذا خسر الرهان ؟!!
حتي يفي بوعده لصديقته ٠ويشتري لها هاتف جوال ٠
مع بدء إطلالة خيوط الشمس التي أعلنت عن يوم جديد ٠
إستيقظ كمال وفرك عينيه ثم تسلل الى (الفيراندا )٠ حتي يستمتع بالنسيم البارد ٠ ثم خرج الى المقهي المقابل للعمارة التي يسكن فيها ٠ وجلس وراء زجاج النافذة المغلقة ثم أشعل سجارة وبدأ يحتسي قهوة الصباح ٠ وأرسل نظرة الى ملتقي الطرق يتابع كل ذات جمال ٠فتنطبع على عدسة عينيه صور النساء ٠ لكنه سرعان ما أدار بصره الى هاتفه حتي يطلع على برنامج رهان اليوم ٠
كان يجلس أحيانا فيطول به الجلوس ٠ وفي أحيانا أخري الإ ريثما يشرب قهوته ٠ ثم ينهض مسرعا ويختفي عن الأنظار٠
قدم أصدقاؤه لمجالسته ٠ فلم يتمكنوا من اللحاق به ٠
أثناء غيبته هذه يكون قد ذهب الى صديقه أنور ؛ الذي ربح مبلغا هاما في الايام الماضية ولم يعاود الظهور في الاماكن العامة ٠ليقترض منه مالا ٠ وبمجرد حصوله على المال تنفس الصعداء ٠
وعاد الى المقهي بعد أن آختار المجموعات وأكد على الفرق ٠
فظهرت له كلمة السر ٠
كان كمال يرتدي بدلة رياضية أنيقة وكان جبينه بارز وبيده نظاراته الذهبية ٠
بقي يرنو بعينيه الزرقاوين الواسعتين الى وجوه أصدقائه ٠
الذين كانوا في آنتظاره ٠ سأله أحدهم
-لماذا لا يهدأ لك بال هذه الأيام ؟ رد عليه كمال
-لقد طالت بطالتي
-لا تفكر في هذا الموضوع فنحن جميعا نتجرع من هذا الكأس !!! دعونا نواصل مواكبتنا للفرق ٠ حتي نتدبر أمورنا
حينها تدخل نادل المقهي وقال - هاته اللعبة تفشت لدي المراهقين والكهول على حد السواء ٠٠٠
وكان في أقصي المقهي شيخا يراقب المشهد عن كثب
نادي النادل حتي يعرف سر تجمع هاته المجموعة من الشباب
أجابه - منكبون على الرهان ٠٠٠
نهض وأقبل عليهم ناقلا خطاه على مهل متوكئا على عصاه
وجلس بالقرب منهم وقال
- هاته اللعبة جعلت حفيدي مهوسا بها حتي داخل الفصل لا ينتبه الى الدرس لانه يتابع الفرق والبطولات التي يراهن عليها ؛ فكانت نتائجه كارثية الى أن غادر المعهد ٠٠٠
تدخل كمال وقال - هي فكرة إنطلقت من اوروبا ؛ لديها إغراء
يكفي أن تربح ولو لمرة واحدة ٠ فتظل تركض وتلهث وراءها٠
فهي توفر لنا مالا بدون عناء
أحيان ننفخ في الرماد ونلاحق السراب ٠ رما نجد ملاذا فيها
يتماهي مع ما نعيشه من ضجر وقسوة وآنسداد الافق ٠٠٠
Comments