أضواء على الطريقة السعدية المدنية بزغوان بحث: محمد العربي رقاز
- asmourajaat2016
- Jun 16, 2019
- 4 min read

بحث: محمد العربي رقاز
أضواء على الطريقة السعدية المدنية بزغوان
لشيخها العلامة سعد بن هدنة بن علي بن المهدي التباني
اسمــــه :
العلامة سعد بن هدنة بن علي بن المهدي التباني القاضي الفقيه والزاهد المتعبد دفين زغوان تُنسب إليه الطريقة السعديّة المدنية. ولد سنة 1785 م في قرية أولاد تبان التابعة لولاية سطيف من بلاد الجزائر وتوفي في زغوان سنة 1890 تقريبا.
حياته ونشأته العلمية :
أدخله والده إلى مدرسة صالحية في قسطنية ومكث فيها سبع سنوات وحفظ القرآن الكريم ونهل من علوم شيوخها، ثم انتقل إلى المغرب قاصدا عاصمة العلماء والأولياء مدينة فاس حيث منارة العلوم جامع القرويين، ومكث هناك ستة عشر عاما إلى أن نال درجة الفقيه القاضي ثم رجع إلى قريته أولاد تبان سنة 1815م وأسس زاوية في جبل قديل، يعلّم فيها الناس العلوم ،ويدرس كتاب الله، لخاصته وفسّره برواياته العشر، فأصبح يُعرف بين الأهالي بالمغربي بوجلابة، لطول مكوثه بالمغرب الأقصى.
ولما دخل الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر كان الشيخ سعد في طليعة المقاومين ضده، حيث بايعه الأعيان خليفة عليهم. فكانت المواجهة الأولى بين سعد التباني والجيش الفرنسي في شهر جوان 1838م ، وظلت المواجهة قائمة بين الفريقين إلى غاية أن وقعت معركة أم المواجهة في 28 جانفي 1840م بمنطقة رأس ايسلي ، تكبّدت فيها القوات الفرنسية مئات القتلى والجرحى. فاصبح ملاحقا من قبل القوات الفرنسية حيث انتقل إلى الجنوب اين التقى بالعلامة موسى بن الحسن المصري ممن تخرج من زاوية سيدي محمد ظافر المدني شيخ الطريقة المدنية الشاذلية، وعن طريقه تعرف عليه سيدي سعد التباني وقرّر الخروج قاصدا هذا العلامة في ليبيا وتحديدا مصراتة سنة 1842م، حيث مقر الزاوية الشاذلية المدنية فالتقى بشيخه سيدي محمد ظافر المدني مؤسس الطريقة الشاذلية المدنية في ليبيا ومكث عنده ثلاث سنوات من سنة 1845 إلى 1847م يدرس العلوم الشرعية عليه في الزاوية وأخذ عليه الطريقة، وبعد وفاة معلّمه المدني انتقل إلى منطقة في مصراته تسمى بأرض الشراكسة وأسس فيها زاوية اشتهرت بالزاوية الساعدية ومن بعدها انتقل إلى تونس وأسس زاوية في مدينة زغوان التي تبعد 70 كم عن تونس العاصمة ومكث فيها حوالي 8 سنوات ثم رجع إلى بنغازي في ليبيا وبنى مسجدا وزاوية هناك يعرف بجامع المدنية لأن الشيخ أسس فيه الطريقة المدنية في بنغازي سنة 1878،ثم منها خرج إلى تونس مجددا وتحديدا إلى زغوان حيث توفي ودفن في زاويته بهذه المدينة التونسية.
سيدي سعد ترك ولدان هما سيدي محمد الطاهر وسيدي مسعود وبنتا تسمى السيدة شافية وزوجته السيدة ضاوية وقد دفنتا في بنغازي في زاوية سيدي سعد التباني.
انتشار الطريقة السعدية
توسّعت الطريقة السعدية وانتشرت بشكل كثيف في الأوساط الليبية على يدي علامتها سعد بن هدنة بن علي بن المهدي التباني، وأصبحت الساعدية حسب المنطوق الليبي تعدّ من أهم الطرق الصوفية المعتمدة داخل القطر الليبي ولها أتباعا ومريدين إلى حد الآن، وهذه الطريقة هي فرع من الطريقة المدنية الشاذلية وهي أيضا من الطرق التي كانت ملء السمع والبصر في ليبيا، فالشيخ باعث الطريقة المدنية العلامة محمد ظافر المدني له أتباع كثر جالوا في الأرض وانتسبت الطريقة لهم كسيدي سعد التباني اشتهرت بالطريقة السعدية المدنية والشيخ محمد الفاسي اشتهرت بالطريقة الفاسية المدنية وكان للشيخ سعد مكانة خاصة لدى الشيخ محمد ظافر المدني حيث كان يقول لأتباعه دائما عليكم بسعد تسعدوا.
وللطريقة المدنية ميعاد حيث يجتمع المريدون كل يوم خميس بعد صلاة العشاء في الزاوية ويقرؤون الوظيفة. كما أن للطريقة المدنية مقام خاص في الآذان إذ أن بعد إقامة الآذان يقوم المؤذن بالذكر بالجلالة بوزن خاص تذكيرا لهم بموعد الجمع.
والطريقة السعدية غير الطرق الصوفية الأخرى فهي تنبذ ضرب الدفوف ( البنادير). وكانت لهم طريقة مميزة في الحضور لصلاة الجمعة جماعة رافعين أصواتهم بالذكر حيث يتوجهون إلى بيت الشيخ ويزفون الخطيب للمسجد زف العروس.
كانت للطريقة زاوية الشراكسة الساعدية في مصراتة وزاوية في بنغازي ما يعرف اليوم بجامع المدنية سيدي سعد.
زاويته في زغوان بالبلاد التونسية
تطرقت الأستاذة المرحومة شافية السخيري في كتابها حومة جامع الحنفية وسط المدينة العتيقة بزغوان إلى سيدي سعد التباني، مفيدة أنّ المجموعات الجزائرية قد حلّت بزغوان على مرحلتين انطلاقا من سقوط الجزائر في يد الجيش الفرنسي سنة ،1830 فحلّ بالمدينة فرع تليمسان تمثل في عائلة حمدان بن محمد بن حمدان الغوطي ثم وفدت عائلات المدني والحاج عيسى وهيأت لقدوم شيخها سيدي سعد التباني المغربي في 1873و1874 الذي كان مستقرا بطرابلس مع عائلته وابنه الطاهر، فبنوا زاوية سيدي سعد التباني 1871/1873 إلى حضور حزب الجزيري على الطريقة المدنية وبناء المدرسة القرآنية المدنية بالحومة وكتّاب الزاوية. ووصلت إلى الحومة أيضا عائلة المقراني والحاج سعيد، فنشطت الحياة الثقافية (على الطريقة المغربية الجزائرية الصوفية المدنية) وشاركت في النشاط الاقتصادي العام(الفلاحي والتجاري).
ثم استقبلت حومة الجامع الحنفي دفعات من المجموعات الطرابلسية احتضنتها زوايتي سيدي بوحجر وسيدي سعد حيث التحق المنتسبون إلى زاوية سيدي سعد مثل عائلات الغرياني والزحاف، المؤدب عمر الطرابلسي والسليني والورفلي
ثم غداة الحرب الايطالية الطرابلسية سنة 1911 احتضنت الزاوية عائلات طرابلسية بصفة ظرفية واستقرت منها في الحومة عائلة بالحاج الطاهر.
وكان أهم وفد في المجموعة الأخيرة الطرابلسية فضيلة الشيخ محمد النعاس بن حسين بن احمد بن عبد الله بن حسين بن أبي بكر ابن إبراهيم بن الفقيه حامد لقّبه والده بالنعّاس تيمّنا بشيخه محمد النعّاس بتاجوراء غرب ليبيا حيث حلّ بمدينة زغوان سنة 1935 وكان محل تبجيل واحترام باعتباره عالما فقيها وتابعا للطريقة السنوسية واحد أعيان المهاجرين الليبيين بتونس. وهذا العالم الجليل تبنى الطريقة السعدية عند إقامته بزغوان، لما التقى فيها بالتبانية فصاهرهم وانتسب إليهم فتولى التدريس والإمامة والخطابة بزاوية سيدي على عزوز زغوان وادخل تراثا جديدا على زغوان باعتماد الطريقة السعدية المميزة في الحضور لصلاة الجمعة جماعة وذلك بالذهاب إلى جامع الخطبة بالتهليل والتكبير من الزاوية إلى الجامع الحنفي صحبة طلبته.
ظلت زاوية سيدي سعد التباني أهم مجمع ديني ثقافي مسيطر بحومة جامع الحنفية كقطب شبيه بالعزوزية وبناء على شهادة لحفيدتي القاضي الفقيه سعد التباني وهما السيدة فردوس المقراني وشقيقتها السيدة نفيسة أن المدرسة كانت تضم 75 طالب علم ومجموعة من الفقراء والمنتسبين الى الطريقة يعيشون بنظام مجموعة تدرس وتعمل في الآن نفسه بشكل الاستغلالية المباشرة لتامين مواد الغذاء والغلال اللازمة للاطعام الجماعي للفقراء، وللعائلة، بالزاوية ولتوفير عولة العام التي تخزن في غرف المؤونة ومخازن الزاوية فضمنوا بذلك الاكتفاء الغذائي الذاتي.
وقد ذكرتا السيدة فردوس المقراني ان شيوخ الزاوية وطلبتها اعتادوا إقامة ولائم الحضرة أسبوعيا بمدائح وأذكار صوفية، وترنموا بالأوراد والأدعية القرآنية يوميا في مقر الزاوية وما زالت تتذكر بعض مطالع القصائد المغناة آنذاك في الحضرة منها:
يا تباني لا تنساني يا راقد زغوان *** قم وتقعد طيرني في مثل الحمام
يا سيدي، طالب وظريف في الأصل *** شريف تعز البار والضيف
سهلي نزور سيدي الطاهر العدناني *** في حجة لمكة والمقام
وهذه أخرى تقول
يا سعد قم وحيينا بنفحة حبنا
تجلت بدور السعد وانتظم الشمل
وجدت بنا الأفراح واتصل الحبل
الصور - صورة للعلامة سيدي سعد التباني - صورة للشيخ محمد النعاس - جامع المدنية ببنغازي - 03 صور لزاوية سيدي سعد بزغوان
بحث: محمد العربي رقاز
عن مصادر ومراجع مختلفة (أضعها على ذمة من يطلبها)
أطيب تحياتي أستاذنا، أتمنى معرفة مصادر هذه الدراسة للإطلاع عليها، راسلتكم على حسابكم على الفيس.