لا أحَد غَيْرَكَ اليَوْمَ في وهج المَدينة
يَسْتَقْبِلُ الصُّبْحَ المسجّى
يَلِجُ خاصرةَ الرّهف مِنْ كُلِّ الأبْوابِ الموصدة
عَصِيَّةً كانَتْ عَلى العابِرين
فَكَيْفَ دَخَلْت؟
سَمِعْتُكَ...
تُرَدِّدُ كَلِماتِ السّابلة
عَنْ رَحيلِها إلى وُجْهَةٍ غابِرَة
لا طَرْقَ يَجْرَحُ النُقوشَ القَديمَة
غَيْرَ غُبارِ قَلْبٍ بَكى
وَريحٍ أخْطَأتْ سبيلها
فَضَمَّخَ القَلْبُ صبّارَ الخُطى وَوَخْزاتِهِ
لا أحَد غَيْركَ في فرح المَدينَة
يَعْرِفُ وِجْهَةَ الأبْواب
مِنْ أوَّلِ الرِّحْلَة
إلى منتهاها
لا أحَد غَيْركَ
تَفَتَّحَ لَهُ صَوْتُ الوَرْدَة
عَلى الصّدْرِ حُبّاً
لا أحًد غَيْرَكَ
تَبوحُ لَهُ الأبْوابُ بِأسْرارِ العتبات
فَيُعيدُها مِنَ الجِهَةِ الغابِرَة
مُدَّ يَدَك
مُدَّها وَأَعِدْها
وَإن أخْطَأْتَ
سَيَدُلّكَ الهُتافُ عَلَيْها
هُنا شُرْفَةٌ لا تُطِلُّ إلاّ عَلَيْكَ
تُعيدُ إلَيْكَ أغانيكَ
تُبَلِّلُ اللَّيْلَ بِألْحانٍ
تُطَوِّحُ الهُتافَ نَحْوَ السَّماء
تَتَفَتَّحُ أسْماءُ حَبيباتِكَ وَرْدَةً وَرْدَة
ضحْكاتُهُنَّ زَنْبَقَةً زَنْبَقَة
أزْرارُهُنَّ عُرْوَةً عُرْوَة
تُخْرُجُ مِنْ سُتْرَةِ قَلْبِكَ ما خَبّأتَهُ
لآخِرِهِنّ
آخِرِهِنّ
تِلْكَ التي كُلَّما...
أغْلَقْتَ باباً
تَناسَلَتْ بَيْنَكُما جُزُرٌ ومِياه
تِلْكَ التي...
أوْدَعَتْكَ عَطْفَ مِعْطَفِها
فَاٌنْزَلَقَ بَيْنَكُما الشِّتاء
تِلْكَ التي كُلَّما...
أفْرَدَتْ جَناحَيْها
نَقَرَتِ النَّوارِسُ شُقوقَ الصَّدى
تِلْكَ التي كُلَّما...
عبَرْتَ
تَحَسّسَتْ أبْوابَ المَدينَةِ
ما نَقَشَ عَلَيْها الأوَّلون
مِنْ لُهاثِ النَّارِ في الخُطى الهائِمَة
فَكَبُرَتْ قَليلاً بَيْنَ خُطْوَتَيْنِ
واحْتِمالَيْنِ
وَقُبْلَةٍ حالِمَة
تِلْكَ التي...
تَجْمَعُ الفُصولَ جَميعاً
فَيُزْهِرُ بَيْنَ جَنْبَيْها الشِّتاء
دَثّرْني...
دَثّرْني...
دَثّرْني...
لا تَبُحْ بِشَهْقاتي لِطَواحينِ الرّيح
وَلا لِما يَحْمِلُهُ سيزيفُ في صُعودِهِ
إلى قِمّةِ جَبَلٍ سَمِّهِ التّجْرِبَة
أو جَسَدَ العاشِقَة
ولا لِمَطَرٍ يَهْطُلُ
كالنّازل من سماء
مُرْتَبِكَةٌ أنا
وَكَأنّي أنا وَأنْت
تَسّاقَطَتْ عَلَيْنا الفَواكِهُ كُلُّها
وَبَلَّلَتْنا بالنَّدى
والنَّدى يَحْسَبُهُ العُشّاقُ مِثْلَنا
مِسْكَ الخِتام
فَأعِدِ الأبْواب إلى مَدينَتِها
لا تَفْشِ أسْرارَ غُرْبَتِها
واٌقْرَعْ نُقوشَ أنوثَتِها
لِتَلِدَ العَتَباتُ أيْقوناتِ نورٍ
تُظَلِّلُ كُلَّ الحَبيباتِ
مَنْ راحَ مِنْهُنَّ في غَياهِبِ النّسْيان
وَمَنْ ظَلَّ مِنْهُنَّ في انْتِظارِ هاتِفٍ
والهاتِفُ رَنَّ فَقُلْتُ أنا مَنْ أنْتَ
وَلَمْ أنْتَظِرْ
فامْطِرْ عَلى المَدينَةِ غَماماً
يُدْرِكُ أنَّ للأبْوابِ شَوقاً
لا يعْبُرُهُ سِوايَ إلاّ بَأمْرِك
خُذْهُ
واغْسل
نقوشَ الأولّين
تجد البريقَ مواليا
لما تضمره الأبوابُ
لشرْفةٍ واحدة
Comments